الخميس 8 أيار (مايو) 2014

مابعد النكبة.. خطوة إلى الأمام

الخميس 8 أيار (مايو) 2014 par صالح عوض

رغم صدمته العنيفة فلايمكن اعتبار 15 ماي أيار 1948 بداية التأريخ للقضية الفلسطينية، حيث اعلن قيام دولة اسرائيل على جزء من ارض فلسطين .. فقضية فلسطين تبدأ من احتلال جيش الاستعمار البريطاني ارض فلسطين عام 1917 ضمن الحرب على بلاد العرب والاسلام حيث تم اسقاط الخلافة العثمانية وتقسيم بلاد الشام واغتصاب فلسطين.. فمذ ذلك الحين اخذ الانجليز على عاتقهم التهيئة لقيام المشروع الصهيوني بالاستتيلاء على الاراضي واقامة مستوطنات واستجلاب اليهود من شتى الاصقاع وتزويدهم بالمتطور من السلاح .. وقاوم الفلسطينيون بامكاناتهم المحدودة والنادرة المخطط البريطاني بهبات وثورات لم تتوقف وقدموا الشهداء والتضحيات الجسيمة، وبلغ الاستعمار الانجلييزي غاية الجريمة في اعدام احرار فلسطين والتضييق على المناضلين والزج بهم في السجون وتعريضهم للنفي الى جنوب افريقيا وسواها من المستعمرات البريطانية، وهكذا على مدار ثلاثين عاما كانت بريطانيا قد انجزت وعدها للحركة الصهيونية بقيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين واستصدرت لذلك غطاء دوليا بقرار تقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وبعد ان اكتمل الاعداد المحلي والترتيب على مستوى الاقليم والتهيئة الدولية اعلنت بريطانيا انسحابها من فلسطين لتتسلم الحركة الصهيونية زمام الامور.

في عقدها السابع تبدو النكبة التي حلت بفلسطين وشعبها متوهجة بدم ساخن واعصاب مشدودة وكأنها وقعت بالامس، ليس فقط لأن الفلسطينين لم يتوقفوا عن التلويح بمفاتيح بيوتهم كلما عن لأحد ان يتجاوز ولو لفظا حق العودة.. انما ايضا لان قادة اسرائيل لم يعطوا فرصة لتغيير المناخ الصراعي بل ان عدوانهم شمل كل شيء وفتح ابوابا جديدة من الصدام..

في عقدها السابع تبدو النكبة جرحا صعبا على الرتق ولم تجد كل المحاولات التي بذلت لانهاء القضية او ايقاف الاشتباك .. بل الاكثر ملاحظة انها فتحت جروحا عديدة في المنطقة لأن ذلك من تداعيات لازمة للقضية الفلسطينية فانشغلت المنطقة بالانقلابات والتغييرات والصراعات الاقليمية او الداخلية ودخلت موجات الثقافات والايديولوجيات للرد على التحديات القائمة، وظل الاشتباك قائما على صعيد الوجدان والسياسة والامن على الاقل بين المحيط العربي الاسلامي والكيان الصهيوني، ولم تستطع معاهدات التسوية التي وقعت بين بعض الدول والكيان الصهيوني ان تخفف من اضطرام نار الصراع المتجدد.. ولا زالت اسرائيل هي العدو الماثل للانسان العربي والمسلم.

على الصعيد الفلسطيني تمكن الفلسطينيون من لملمة شرعيتهم السياسية التي داستها السياسات العربية الاقليمية ومزقتها جاعلة من اشلائها توابع لها ولأجهزة امنها.. تمكن الفلسطينيون من التحرر من وصاية اجندة النظام العربي ومن قبضة يده التي كانت تريد منهم ان يكونوا ورقة لاستمرار تسلطه ومقايضاته الدولية.. فانطلقت حركة فتح لتصنع وكنا معنويا للشعب الفلسطيني وتؤسس كيانا سياسيا يضم إليه كل الفعاليات السياسية والنقابية الفلسطينية من أحزاب وشخصيات مستقلة.. كان هذا انجازا كبيرا لأنه كان الرد العملي على المقولة الصهيونية : شعب بلا ارض لأرض بلا شعب.. والمقصود هنا ان فلسطين بلا شعب وان اليهود شعب بلا ارض.. فأثبت الفلسطينيون إن فلسطين لها شعب حي وحيوي انه الشعب الفلسطيني، فلئن كان العالم غض البصر عن رؤية مدن فلسطين وهي تتهاوى تحت العدوان الصهيوني المدعوم بقوى الغرب ولم يستطع العالم ان يتعرف على أجمل مدن المتوسط وأرقى شعوبه حضارة ورقيا، فإن الفعل السياسي الفلسطيني ملأ الدنيا دويا ودخل كل العواصم والمحافل وانتزع الاعتراف تلو الاعتراف بان لفلسطين شعب من آلاف السنين وان الرواية الصهيونية ليست هي الوحيدة على طاولة الثقافة والسياسية، فهناك رواية أخرى، إنها الرواية الفلسطينية التي تستند للتاريخ والآثار والواقع فيما ظلت الرواية الصهيونية يعوزها الدليل والبرهان، الأمر الذي دفع بالمنصفين من المفكرين المؤرخين الجدد في اسرائيل والعالم إلى القول ان اسرائيل كذبة كبرى وخديعة، وان لا اثر لوجود مملكة يهودية في ارض فلسطين.

لقد كانت إعصار النكبة شيئا فظيعا قلما تكرر في التاريخ، حيث وجد نصف الشعب الفلسطيني نفسه خارج فلسطين ووجدت المدن الفلسطينية أن أكثر من 90 بالمائة من أهلها طردوا من بيوتهم وان كيانا مسلحا بعصابات شتيرن والهاجاناة أقيم على 80 كم أرضهم التاريخية.

كانت ضربة قاسية للنسيج الاجتماعي الفلسطيني ولأداة نضاله التي وجدت نفسها تحت وطأة نكبة من الصعب إزاحة صخرها عن الصدور لاسيما في ظل وضع عربي رسمي هزيل أو متواطئ مع الاستعمار الانجليزي.. إلا أن الفلسطينيين حالوا تجميع الصفوف مرة تلو المرة ولم يسمح لهم النظام العربي فعل شيء على هذا الصعيد.. الا انهم من خلال مزيد من التضحيات وفي ظل هزيمة النظام العربي في مواجهة القوة الصهيونية استطاعوا ان يفرضوا حالة سياسية فلسطينية قادرة على تمثيل القضية والشعب.

الان وفي عقدها السابع تبحث القضية الفلسطينية عن خطوة للأمام، وكما أصبح واضحا فان الفلسطينيين اليوم اكثر قوة واكثر وعيا واكثر اصرارا على اقامة دولتهم وحل قضايا شعبهم في العودة والسيادة وفي كل جوانب الحياة، وهم اصبحوا اقرب الى هدفهم من اي زمن سابق واصبح العالم الغربي الذي تآمر عليهم اكثر تقبلا لقيام دولة فلسطينية كما ان المشروع الصهيوني والفكرة الصهيونية والكيان الصهيوني يواجهون مازقا بنيويا ونفسيا واستراتيجيا بعد ان اضطر لتنازلات جوهرية على الصعيد النظر والواقعي..

نحن الآن بعد 66 عاما من النكبة اكثر قدرة على خطوة الى الامام موحدين متعاونين متفاهمين وستكون خطوتنا نحو اقامة دولتنا والتعامل على اساس ذلك مع الجميع وبعدها خطوات .. والله يتولانا برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165260

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165260 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010