الأربعاء 7 أيار (مايو) 2014

عن الغطرسة “الإسرائيلية”

الأربعاء 7 أيار (مايو) 2014 par د. ناصر زيدان

خلال المفاوضات التي رعاها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بين السلطة الفلسطينية وحكومة نتنياهو، لم تتوقف ممارسات الغطرسة “الإسرائيلية”، واستمر العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة، وعلى الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية . وخلال هذه المفاوضات على مدى تسعة شهور، وافقت حكومة نتنياهو على إقامة 8983 وحدة استيطانية في الضفة الغربية، منها 2422 وحدة سكنية في القدس الشرقية، و22 دونماً من الأراضي التي ستقوم عليها مستوطنات تقع داخل الجدار الفاصل، بما في ذلك في مدينة الخليل .
كيري كان يلهثُ خلف سراب الغدر “الإسرائيلي”، ويضغط بالمقابل على المفاوض الفلسطيني، مُعتبراً المفاوضات الفرصة الأخيرة لإحلال السلام ثم اكتشف في النهاية أنه يشتري وقتاً يحتاجه المقاول “الإسرائيلي” لتنفيذ مخططاته .
عندما اقترب موعد نهاية المفاوضات الذي حُدد في 29/ 4/ ،2014 صرح كيري أن فشل الحل يُهدد مستقبل “إسرائيل” وشبه الأمر بنهاية “الأبارتهايد” الذي كان يحصل في جنوب إفريقيا وارتد على أصحابه، فقامت القيامة على كيري في الولايات المتحدة على التشبيه، ولاستخدامه عبارة“الأبارتهايد”، لاسيما من اللوبي الصهيوني الواسع النفوذ .
كان همّ إدارة أوباما أن تسعى لتحقيق شيء من الوعود التي أطلقها الرئيس في خطبه الرنانة - خصوصاً في خطابه على مدرجات جامعة القاهرة العام 2009 - ولكن الشيخوخة والترهُل يبدو أنهما قد أصابا إدارته قبل دنو الموعد . فأوباما ترك كيري وحيداً في مهمته الشاقة، واستفردت به الغطرسة “الإسرائيلية” إلى حد استنزافه حتى الرمق الأخير .
هدف إدارة نتنياهو كان الحصول على تنازلات إضافية من السلطة الفلسطينية، وتحديداً إعلان اعتراف محمود عباس بيهودية الدولة، وهذا ما رفضه الأخير، مصرّاً على الحل النهائي الشامل على أساس الدولتين، من دون تأجيل لملفات حساسة، لاسيما منها موضوع القدس وحق العودة .
الاتفاق الفلسطيني - الفلسطيني بين فتح وحماس الذي تم التوقيع عليه في 23/4/،2014 في مخيم الشاطئ بقطاع غزة، جاء رداً طبيعياً على المماطلة والتسويف والغطرسة . وليس أمام ممثلي الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وفي الشتات، إلا التوافق لمواجهة الأخطار، ولمحو الصورة السوداء التي ارتسمت أمام العالم جراء الاقتتال الداخلي الذي حصل في العام ،2007 وأدى إلى سيطرة حماس على قطاع غزة وتكريس الانقسام .
الأوساط المراقبة والمؤيدة للقضية الفلسطينية تتطلع بأمل لاتفاق مخيم الشاطئ، وبالتالي ترجو أن يتمكن الطرفان من تشكيل حكومة موحدة، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية خلال ستة أشهر، وفقاً لمندرجات الاتفاق . في الوقت ذاته تنتابُ هذه الأوساط مخاوف من سلوك التنفيذ طرقاتٍ وعِرة، وبالتالي يكون شبيهاً بما حصل لاتفاق القاهرة في العام ،2011 ولاتفاق الدوحة في العام ،2012 حيث بقيَ التفاهم بين الطرفين حبراً على ورق .
الامتعاض “الإسرائيلي” من الاتفاق تجاوز كل الحدود، ووصل إلى حد إجراء تدريبات عسكرية على تنفيذ خطط لاحتلال الضفة الغربية من جديد، إضافة إلى تجميد الحقوق المالية للسلطة الفلسطينية التي تُجبيها سلطات الاحتلال لها، بموجب اتفاق أوسلو للعام ،1994 وهددت حكومة نتنياهو بمنع إجراء الانتخابات الفلسطينية إذا شاركت فيها حماس، كما أعلنت توقف المفاوضات “المتوقفة أصلاً” مع حكومة رام الله . كل ذلك يؤكد العدوانية “الإسرائيلية” المتعاظمة ضد الشعب الفلسطيني، ويُشير إلى مصلحة العدو في استمرار التشرذُم على الساحة الفلسطينية .
أما الإدارة الأمريكية التي تخاف دائماً من تأثير اللوبي الصهيوني، فقد نزعت الغطاء عن حياديتها عندما أعلنت معارضتها للاتفاق بين الفلسطينيين، وهددت بفرض عقوبات مالية على السلطة الفلسطينية، بما في ذلك وقف المساعدات .
السلطة الفلسطينية تعاني بالأساس ضائقة مالية كبيرة، والشعب الفلسطيني في الضفة وغزة ذاق ذرعاً من الانقسام، وهو يعيشُ ويلات اقتصادية خانقة، فلا مرحلة الرضا الأمريكية - “الإسرائيلية” عن السلطة جلبت له البحبوحة، ولا مغامرات بعض القيادات الغزاوية في حماس، وتدخلاتهم في الشؤون المصرية، أغدقت على الشعب الفلسطيني النِعم .
الوحدة بين فتح وحماس مطلبٌ فلسطيني وعربي جامع، والغطرسة “الإسرائيلية” عدوانٌ دائم لن يتوقف .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165448

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165448 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010