الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014

سيناريوهات “أوسلو” و“حزب الله” والمصالحة

الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014 par د.احمد جميل عزم

هناك حالة من رفع اليد الأميركية والإيرانية، وحتى القطرية، عن الشأن الفلسطيني، سمحت على ما يبدو بزيادة فرص نجاح مصالحة الفصيلين المتصارعين، “فتح” و“حماس”، من دون أن يعني هذا أن الطريق معبدة أمام نجاح تام للمصالحة، خصوصاً بسبب ترك ملفات عالقة للمستقبل، وتحديداً ملف الأمن، واحتمال أن تشهد غزة تكرار سيناريو “حزب الله” في لبنان.
لا يخلو الموقف الأميركي من مرونة نسبية واضحة إزاء الموقف الفلسطيني، مقارنة بمواقف سابقة. فلم يعمد الطرف الأميركي إلى تحميل الفلسطينيين وزر انهيار المفاوضات، كما وافق الأميركيون على أن ينتظروا أياماً قبل حسم أمرهم من مسألة المصالحة الفلسطينية، وانتظروا تحديداً إلى حين انعقاد اجتماع المجلس المركزي، والاستماع لتصريحات الرئيس الفلسطيني محمود عباس بشأن المصالحة. ومن الواضح أنّ هناك رضى ضمنيا صامتا عمّا قاله، بل إنّ مواقف الكونغرس الأميركي ذاته الذي كان يتوقع أن يكون متشددا من الاتفاق، لم يكن حقاً كذلك. إذ كان سقف مواقف أعضاء الكونغرس طلب وقف المساعدات إذا لم تعترف حكومة الوحدة الوطنية المتوقعة بإسرائيل؛ بمعنى أنّه سيتم انتظار تشكيل الحكومة، ثم يبدأ الحديث. وبالنظر لطبيعة الحكومة غير السياسية، والتي لا يوجد فيها وزراء من “حماس” (أو “فتح”)، فإن تجاوز هذه العقبة ممكن.
وإذا كانت “فتح” بحاجة إلى برنامج بديل عن التفاوض، والمصالحة تبدو الخيار الأفضل، فإنّ توقف (تقلص) وصول المساعدات الإيرانية والقطرية، وتلاشي ضرائب الأنفاق في قطاع غزة، أديا إلى أزمة خانقة لدى “حماس” في الإنفاق على جيشها وأجهزتها في القطاع، ما برر مرونة ما في التوصل لاتفاق؛ بالقبول بفكرة حكومة وحدة من دون التدقيق كثيرا (حتى الآن على الأقل) في التفاصيل، ومن دون التشبث باستبيان تفاصيل خطة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
المشكلة الأولى التي تعتري اتفاق المصالحة، هي أنّ تحسنا نسبيا في الوضع الذي تعيشه حركة “حماس” سيشجع أصوات التشدد. وإذ يدرك الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنّ العنوان الحقيقي للمصالحة هو غزة، والقيادة فيها، فكان هذا أول اتفاق مصالحة يجري مع قيادة غزة وليس مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل؛ فإنّ عباس حريص على ما يبدو، أولا، على عدم الإساءة لمشعل، خصوصا بعد الكثير من المواقف المسؤولة التي أبداها، وحريص على عدم تهميشه، ومن هنا جاءت زيارته له في قطر. ثم إنّ الزيارة يمكن أن تخدم استثمار علاقات مشعل العربية لضمان عدم حصول تدخل عربي يخلط أوراق المصالحة. أضف إلى ذلك أنّ عناصر داخل “فتح” وأجهزتها و“حماس” تنظر بخوف إلى المصالحة، وقد تسعى إلى تثبيط همم المتصالحين.
مشكلة أخرى رئيسة في اتفاق المصالحة، هي ترك موضوع الأجهزة الأمنية التي أقيمت في غزة، بعد سيطرة “حماس”، لمرحلة لاحقة بعد انتخابات المجلس التشريعي. أي إن الحكومة الجديدة (حكومة الوحدة) قد تكون مطالبة بتمويلٍ ما لقوات “حماس” من دون امتلاك صلاحيات توجيهها. وهذا لغم كبير إن حدث. فضلا عن أنّ نتائج الانتخابات قد لا تحسم الأمور باتجاه حكومة قادرة على فرض قبول الأطراف المختلفة بقراراتها، بما فيها قوات “حماس” أو أجهزة الضفة الغربية الأمنية. بل إنّ أصواتا في “حماس”، مثل محمود الزّهار (رغم تراجع مكانته الرسمية في الحركة)، تريد تكرار تجربة حزب الله ونقلها إلى غزة، بقوله: “إن حركته ستظل المسؤولة عن قواتها في القطاع بغض النظر عن الاتفاق الأخير، أو عمن سيفوز في الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق”. وهذا يعني احتمال أن تكون هناك “قوات سلطة” و“قوات حماس” في آن واحد.
إن إيجاد حلول واضحة ومنطقية للقوات الأمنية، قبل الوصول لمرحلة انتخابات المجلس التشريعي، ربما أمر مهم في الأيام المقبلة. وتأجيل التفاوض، أو جعله على مراحل، هو عامل أساسي في فشل استراتيجية اتفاق “أوسلو” بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين، فلا يجدر تكرار ذات الخطأ التفاوضي. وإذا ما كان ضروريا تأجيل ملفات، فربما يجدر التعامل بحذر شديد مع المرحلة الانتقالية؛ من مثل الاتفاق على ما هو مسموح وممنوع لكل طرف، في الضفة الغربية كما في قطاع غزة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 56 / 2165976

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165976 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010