الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014

فلسفة “أريد حلاً”

الثلاثاء 6 أيار (مايو) 2014 par أمجد عرار

الموفد الأمريكي لعملية التسوية “الإسرائيلية الفلسطينية” مارتن انديك يعتزم الاستقالة من مهامه، إثر قرار حكومة الكيان الصهيوني تعليق المفاوضات، ونيّة الرئيس باراك أوباما تعليق الجهود المسماة زوراً وبهتاناً وساطة أمريكية بين الجانبين الفلسطيني من جهة، و“الإسرائيلي” الأمريكي من جهة ثانية . عنوان الجهود الأمريكية منذ بدء عملية التسوية “حل الدولتين” الذي رأى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن بديله سيكون “الحل الأبارتايدي”، بمعنى أن تتحوّل “إسرائيل” إلى نظام فصل عنصري، على غرار النظام البائد في جنوب إفريقيا . لكن كيري عاد فيما بعد ونفى أن يكون صدر عنه هذا الكلام “القاسي” بحق “إسرائيل” التي اعترف بأنه يعمل لمصلحتها منذ ثلاثين عاماً .
حتى لو لم يتراجع كيري عن هذا تحذيره من “تحوّل” الكيان إلى نظام عنصري، فإن رئيسه الأسبق وابن حزبه الديمقراطي، جيمي كارتر سبق له أن أصدر كتاباً وصف فيه “إسرائيل” بأنها نظام فصل عنصري، وليست بحاجة لفشل خطة أو مبادرة لكي تحمل هذه الصفة . يعني يا سيّد كيري “فات السبت . . .” وما تحذّر من حصوله موجود ويتجلى في كل شهيق وزفير “إسرائيلي” في فلسطين والمنطقة، وفي كل متر في شارع مستوطنة، وكل قانون يشرعن فيه “الكنيست” توجهاً عنصرياً من ساسه لرأسه، وفي كل بيت فلسطيني يهدمه الاحتلال في القدس، وكل بيت صفيح لبدوي تذروه رياح الاحتلال من مكان إلى آخر، وفي كل أنّة أم أسير يمنعها الاحتلال من زيارة فلذة كبدها، وفي كل خزان ماء فلسطيني يستهلكه مستوطن في غسيل سيارته فيما يعاني الفلسطينيون العطش .
إذا كان مارتن انديك استقال أو بصدد الاستقالة، فإنه سينهي شيئاً لم يقم به، ويوقف مهمّة لم يفعل لها شيئاً، لكنه بالتأكيد كغيره الكثيرين من رموز الإدارة الأمريكية وأجهزتها، لن يستقيل من صهيونيته وولائه ل “إسرائيل”، تماماً مثل هنري كيسنجر وريتشالد بيرل ودنيس روس الذين شغلوا وظيفتين لدى الحليفين، ومثل الكثير من المبعوثين الذين تراوحت مكوكيتهم بين دعم “إسرائيل” وضمان تفوقها النوعي .
لم تكن في الواقع على جبهة الصراع العربي الصهيوني الذي أصبح في قاموس العرب الرسميين وإعلامهم “نزاعاً”، أية وساطة أمريكية حقيقية، ولم يكن ما يجري سوى ثرثرة لإضاعة الوقت العربي وملء الوقت “الإسرائيلي” بالمستوطنات والانتهاكات والتهويد وتكريس الأمر الواقع لتأبيد الاحتلال . لم تكن تلك الثرثرة المتواصلة بحثاً عن “حل”، بل تكريس للمشروع .
أي “حل دولتين” هذا الذي يجري على ألسنة كل المثرثرين في التسوية، ما دام سرطان الاستيطان ينهش خلايا الجسد الفلسطيني؟ أي حلول ممكنة التحقيق ما دامت دول الغرب تتسابق على لقب “أم العروس” التي هي “إسرائيل”؟ نتنياهو يحث الخطا نحو “حل الدولة اليهودية” الذي سيشرعن طرد مليون ونصف مليون فلسطيني في نكبة ثانية مقبلة . هذا هو الحال المنصوب على الجسد الفلسطيني المصلوب، والنظام الرسمي العربي المعطوب . فريق التفاوض الفلسطيني لسان حاله يصيح “أريد حلاً”، لكن الحل الأمريكي ليس حلاً، والحال العربي ليس حالاً، وعلى رأي زياد الرحباني “حِلوا عنا ان حلّينا وكثرت الحلول . . وين الحل ان حلينا وما نحل الحل” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165976

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2165976 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010