الجمعة 18 نيسان (أبريل) 2014

المقدسيون يستقبلون الأقباط بسعف النخيل ويستذكرون البطل البابا شنودة

الجمعة 18 نيسان (أبريل) 2014 par احمد البديري

جنود الاحتلال يغلقون طريق الآلام في البلدة القديمة في القدس، وهو الدرب الذي روى بالإنجيل، أن المسيح سار فيه حاملا الصليب وهو يجلد. الجنود الإسرائيليون يمنعون المسلمين من دخول المسجد الأقصى، ويدققون بهويات من يسعى لدخوله شريطة أن يكون عمره ناهز الخمسين. وسط الزحام والتدافع والصراخ، وصلت مجموعة من الناس الذين بدوا وفدا متماسكا أشبه بوفد سياحي، لكنهم لم يكونوا من الألمان أو البرازيليين أو الأفارقة كما جرت العادة أن يرى مثلهم في طرقات القدس.
الدليل السياحي الذي كان في مقدمة الوفد، حاول شق طريقه وسط التدافع بين الفلسطينيين الغاضبين، لمنعهم من دخول الأقصى، وجنود الاحتلال المهددون بإطلاق النار عليهم. نسوة يرتدين الحجاب والخمار أيضا شاركن عن بعد بالصراخ.
الصعايدة وصلوا
هكذا كان المشهد المعتاد في البلدة القديمة، وفجأة ظهر رجل من بين المجموعة ذو ملامح شرقية واضحة، ويلبس جلابية كالتالي يراها العرب على شاشات التليفزيون عندما يشاهدون مسلسلات رمضان المصرية. الجلابية تركت انطباعا غريبا، لكن ما زاد المتابعين للمشهد تفاجأ هو أن نسوة رافقن الوفد كن يلبسن الصليب رغم أنهن لسن أوروبيات والمسيحيين الفلسطينيين لا يمشون في وفد سياحي على شاكلة المجموعات السياحة الأجنبية في قلب القدس العتيقة.
بلهجة مصرية بلغت آذان الواقفين، قال الدليل السياحي للشرطة الإسرائيلية، نحن من مصر. الجملة ولو للحظات أبهجت المشاركين بالوقفة الاحتجاجية عند باب حطة أحد أبواب المسجد الأقصى وبداية طريق الآلام. فاللهجة المصرية غير مسموعة بالشارع الفلسطيني، لكن ظن أو تمنى البعض أن عادل إمام وإسماعيل يس وشريهان، بل وحتى ماري منيب وهاني رمزي كانوا ضمن الوفد السياحي المصري أو على الأقل للحظات، ظن بعض المرهقين من التدافع أن الكوميديا المصرية وخفة الدم يمكن أن تخفف من الاحتقان في المدينة المفجوعة بآلامها.
شنودة أم السادات
المقدسيون يحترمون موقف البابا شنودة، ويعتبرونه من أبطال الأمة العربية، فهو الذي عارض كامب ديفيد، ومنع الأقباط من زيارة القدس لمنع التطبيع مع دولة الاحتلال، فالمقدسيون يقدرون موقف الرجل في عصر صعب ومعادلة صعبة. الآن اللعبة السياسية تغيرت بعد عقود من توقيع الاتفاق الذي تخلى عن الفلسطينيين، بل والقدس نفسها، والمعادلة الآن ليست معادلة ممانعة وتطبيع بل صمود وتحد وثبات على الأرض.
ليس تطبيعا بل واجب
المقدسيون أنفسهم أصحاب الجرح والألم هم أنفسهم يطالبون بزيارة الأقباط، فالمسلمون من تركيا والهند وجنوب أفريقيا يشكلون إحدى ركائز ما تبقى من الاقتصاد الفلسطيني في القدس، فما المانع الآن من زيارة الأقباط، حيث سيأكلون في مطاعم عربية، ويبيتون في فنادق عربية ويتنقلون في حافلات عربية، وبالتالي تدور العجلة الاقتصادية في القدس التي لا تتلقى سوى الوعود، التي لا تصل أبدا، مثل المليار دولار قطري الذي لم يصل منه قرش، فبدل الوعود في الجامعة العربية، لتكن جنيهات مصرية تسد الرمق في مدينة ينفق الاحتلال على تهويدها الملايين.
إذا كان السبب الذي تحدث عنه الراحل البابا شنودة هو السماح للأقباط والمسلمين معا، فالآن مفتي القدس يستصرخ المسلمين من كل مكان للزيارة، ويعتبرها واجبا على من استطاع، وطبعا مسلمو مصر منهم، فلماذا المسيحي القبطي لا يقدم العون لأخيه المقدسي.
لو افترضنا جدلا أن الأقباط والمسلمين جمعيا بدأوا بزيارة القدس خاصة خلال موسمي الحج والقيامة، فكيف سيظهر شكل القدس حينها؟. بلا شك لن يكون يهوديا بل عربيا مثل جلابية القبطي التي جاءت من مصر والتي يجوز أن تكون مسلمة أو مسيحية لا يهم المهم ليست يهودية متطرفة.
ستربح إسرائيل من زيارة الأقباط بضعة جنيهات مثل ضرائب ورسوم، لكن الرابح الأكبر هو التاجر الفلسطيني الذي يناشد بتنشيط السياحة الإسلامية، ويخجل احتراما لشنودة أن يناشد الأقباط جهارا، فالبابا له مكانة خاصة في القدس، ولكن الظروف تغيرت، فلو كان وصول الأقباط إلى القدس سيفيد القضية الفلسطينية لتثبيت المقدسين المفجوعين بإمتهم النائمة الغافلة، فلعل البابا شنودة سيغير رأيه أو البابا الحالي أو الذي يليه، لأنه مطلب شعبي فلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165454

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165454 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010