الأربعاء 16 نيسان (أبريل) 2014

راعي الصمود وراعي التسوية

الأربعاء 16 نيسان (أبريل) 2014 par أمجد عرار

قبل أيام كان رفاق الشهيد الفلسطيني إبراهيم الراعي يحيون الذكرى السنوية السادسة والعشرين لاستشهاده في أقبية التحقيق الصهيونية . في ذلك اليوم، الحادي عشر من إبريل/نيسان عام ،1988 تسلّل الخبر من خلف قضبان سجون الاحتلال، وكانت الانتفاضة الفلسطينية لم تطو بعد أشهرها الأربعة الأولى، فكان استشهاد الراعي حافزاً إضافياً لمواصلة الانتفاضة، وكانت دماء الراعي وقوداً يسكب على نار الانتفاضة، ومداداً يضيف صفحات جديدة إلى سفر نضالات الحركة الأسيرة الفلسطينية .
لم يكن إبراهيم الراعي حين قرر الجلادون التخلص منه بالقتل، معتلياً دبابة أو ممتشقاً بندقية، أو يقود طائرة مقاتلة تلقي قنبلة بوزن طن على أطفال نائمين كما فعلت ’’إسرائيل’’، بل كان أسيراً مارس حقه الإنساني بعدم البوح في التحقيق بما يدينه، لكن الصهاينة الذين يمنعون الكلام في مواضعه، كانوا يريدون من الراعي، كما كل المعتقلين في أقبية التحقيق، أن يتكلّموا بما يدينهم وما يمنح محاكم الاحتلال، باعتبارها إحدى أدواته القمعية، أن تزج به كما غيره في السجون لسنوات . ولأن الراعي لم ينبس ببنت شفة، كان قرار الجلادين قتله .
إبراهيم الراعي ليس الفلسطيني الوحيد الذي يستشهد في سجون الاحتلال، فإحصاءات وزارة شؤون الأسرى تقول إنه منذ احتلال الضفة الفلسطينية، بما فيها القدس، وقطاع غزة عام ،1967 استشهد في سجون الاحتلال مئتان وخمسة أسرى، إما بسبب التعذيب أو الإهمال الطبي أو القتل العمد والتصفية المباشرة . من بين هذا العدد من الشهداء، هناك ثلاثة وسبعون أسيراً استشهدوا تحت التعذيب على يد الجلادين الصهاينة، آخرهم الشهيد عرفات جرادات ابن بلدة سعير في محافظة الخليل، وثلاثة وخمسون أسيراً استشهدوا بسبب الإهمال الطبي المتعمد، كان آخرهم الشهيد حسن الترابي من قرية قصرة القريبة من نابلس، واثنان وسبعون أسيراً استشهدوا أثناء الاعتقال، وسبعة أسرى استشهدوا بإطلاق النار عليهم من الجنود وحراس السجون .
منذ احتلالها ما تبقى من فلسطين عام ،67 لم تعترف ’’إسرائيل’’ بمن تعتقلهم من الفلسطينيين كأسرى حرب، ما يعني تجريد نفسها من التزام بنود اتفاقات جنيف الأربعة واتفاقية مناهضة التعذيب، بل إن سلطات الاحتلال ربما تكون الوحيدة في العالم التي شرعنت التعذيب حين وضعت له سقفاً فضفاضاً ووضعت تحديده بيد المحققين أنفسهم . صحيح أن وسائل التعذيب الجسدي المباشر التي مارستها “إسرائيل” في الأشهر الأولى للاحتلال الثاني تراجعت بفعل نضالات الأسرى، وردود الفعل التي أثارتها لدى المؤسسات الحقوقية الدولية، إلا أن التعذيب كأسلوب لم يغب عن أقبية التحقيق، بل أضافت إليه سلطات الاحتلال وسائل جديدة من أساليب التعذيب الجسدي والنفسي الذي لا يترك آثاراً مباشرة وآنية، بل آثار متراكمة ومؤجّلة أدت في كثير من الأحوال إلى استشهاد فلسطينيين في أوقات لاحقة .
الآن، وبعد انضمام السلطة الفلسطينية إلى اتفاقات جنيف، سنرى إن كانت ستنجح في وضع الأمم المتحدة ومؤسساتها أمام مسؤولياتها السياسية والإنسانية إزاء الأسرى الفلسطينيين والعرب، بحيث تضع حداً للانتهاكات الجسيمة لحقوقهم وتوقف الجريمة المنظمة وسياسة الإرهاب الرسمي التي تمارسها سلطات الاحتلال، أم أن الراعي الأمريكي ل “إسرائيل” والتسوية سيبقي على غطائه لجرائم الاحتلال .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2180902

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2180902 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40