الأحد 13 نيسان (أبريل) 2014

لعبة التجميد والتمديد

الأحد 13 نيسان (أبريل) 2014 par هاشم عبد العزيز

يبدو أن المهتمين والمتابعين والمراقبين لشأن الأزمة الشرق أوسطية سيحتاجون إلى إعادة قراءة تستوعب المخاض القائم بدلالته على ما هو قادم؛ فسياسة التجميد والتمديد لهذه الأزمة استنفدت قدرة الاستمرار بالوتيرة ذاتها التي دامت عليها أكثر من عشرين عاماً من قبل الإدارة الأمريكية، وهذا ما يبدو واضحاً الآن من الجهود الأمريكية التي توصف ب “المضنية” لإنقاذ المفاوضات الفلسطينية ال“إسرائيلية” التي وصلت إلى طريق مسدود .
اللافت فيما يجري توارد الأسئلة وغياب الأجوبة، وهذه سيكون لها شأن لدى الرأي العام الدولي والإنساني الذي لا يزال في الغالب في غياب عن حقائق ما جرى ويجري في هذه المنطقة والأهم القضية الفلسطينية .
ربما كان مفيداً الإشارة إلى بعض تلك الأسئلة المرتبطة بما صار يوصف بالتطورات ال“مفاجئة”:
هل ما يجري لا يذهب أبعد من ضجة مفتعلة هدفها إحياء الدور الأمريكي؟ أو أن هذا الدور الاستفرادي بالأزمة وشأن وشؤون هذه المنطقة وازدواجي المعاملة بلغ هذه اللحظة الحرجة؟
هل تفجر الخلاف فقط جراء رفض “إسرائيل” الإفراج عن الدفعة الأخيرة من أسرى ما قبل أوسلو في الموعد المتفق عليه لعودة المفاوضات واشتراطها موافقة الفلسطينيين قبولهم تمديد المفاوضات بعد انتهاء مدتها المحددة أواخر الشهر الجاري، أو أن القشة التي قصمت ظهر البعير وفاجأت “الإسرائيليين” والأمريكيين مصادقة القيادة الفلسطينية على 15 وثيقة تربطها بمنظمات أممية وهو إجراء مبدئي وطبيعي واستحقاقي للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية في حدود 1967؟
هل ما حدث حصيلة لواقع الهوة بين الطرفين التي لم تردمها المفاوضات بل زادت من اتساعها لتحولها إلى حالة عبثية؟ وإذا كانت جهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وصلت إلى مفترق طرق حسب وزير الخارجية الألماني؛ فأي الطرق عناها وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي حين أعلنوا دعمهم لجهوده مع أن كيري نفسه أعلن أنه والرئيس أوباما سيجريان تقييماً للعملية التفاوضية الفلسطينية “الإسرائيلية”؟
إلى هذا وذاك، ما الذي عنته رئيسة الفريق “الإسرائيلي” المفاوض تسيبي ليفني عندما طالبت الولايات المتحدة ب“تغيير دورها في المفاوضات”؟ والسؤال الشامل والكامل هو: هل الإشكالية في طبيعة الأزمة؟ أو في طبيعة السياسة المتبعة تجاهها؟
لاشك في أن لهذه الأسئلة وغيرها مبرراتها لأن هذه العملية صارت منذ أعقاب مؤتمر مدريد كما لو أنها وجدت لتبقى، وقد بدت كما لو أنها مسلسل بحلقة متكررة استهلكت الوقت وتداعت من الجانب الصهيوني بالعودة للاتفاف على الاتفاقات ومن ثم عدم تنفيذ الاتفاقات وبلغت الآن ليس خرق الاتفاقات، وحسب، بل ورفض التوصل إلى اتفاقات في شأن القضايا المطروحة وهي حقوق فلسطينية ثابتة، ومن ذلك حدود الدولة وحق العودة وإنهاء الاستيطان وغيرها من القضايا الفلسطينية كما في مواجهة تهويد القدس .
إن تقييم هذه المرحلة سيحتاج إلى مجلدات، فقد بدأت باسم عملية السلام ومن ثم العملية السياسية والتسوية الأمريكية والتسوية السلمية، وأخيراً استقرت على مظلة المفاوضات، دونما هوية أخرى، وفي شأنها وصف الدور الأمريكي بأوصاف عدة منها “الرعاية” الأمريكية و“الوساطة” الأمريكية و“الإدارة” الأمريكية و“الدور” الأمريكي .
لسنا بصدد جرد ما ترتب خلال هذه العملية حيث الاحتلال أنشأ الجدار العازل داخل الأراضي الفلسطينية، وقاطرة الاستيطان اندفعت في الضفة والقدس بسرعة جنونية، وكانت هناك الاعتداءات المتعاقبة خاصة على غزة، إضافة إلى هذا جرائم الاغتيالات والاعتقالات والمطاردات وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها واقتلاع الأشجار وجرف المزارع والحصار وغيرها من سياسة الاحتلال الهادفة تحطيم إرادة الشعب الفلسطيني .
غير أن ما هو جدير بالتنويه أن هذه العملية التي ارتدت مظلة التسوية والسلام جرت في التفاف على المواثيق وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، ومن هذه الزاوية جرى الانقلاب الذي وضع الاحتلال في مطالبه وشروطه التي تجمع بين استهداف الفلسطينيين لحقوقهم ووجودهم ومصيرهم .
لهذا الاحتلال يصير القول إن هذه العملية وجدت عرجاء أو ولدت ميتة غير دقيق، ما جرى كان ممنهجاً في اتجاه فرض الأمر الواقع، وهذا ما لا يمكن أن يدوم في كل الظروف وتحت طائلة أية قوة تكون .
نعم للعملية دروسها وعبرها ومن ذلك أن عملية السلام الحقيقية لم تبدأ بعد وهذا ما يفترض أن يخاطب به الفلسطينيون والعرب الطرف الآخر من الشعب “الإسرائيلي” وعالمنا الدولي والإنساني بأسره .
مؤكد أن الخروج من هذه الدوامة ليس سهلاً، لكن ذلك ليس مستحيلاً إذا ما أتقن الفلسطينيون عملهم الوطني قبل أي شيء آخر، وإذا ما تحرك العرب بوضوح في اتجاه الحل العادل والسلام الدائم الذي هو مسؤولية عالمنا بأسره وهذا الاتجاه على إنقاذ ميت ، اسمه المفاوضات، وهذا ليس رداً على قرار نتنياهو الابتزازي قطع الاتصالات بالفلسطينيين، بل طريق وضع نهاية لسياسية التجميد والتمديد للازمة المدمرة للقضية الفلسطينية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2178413

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2178413 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40