الأحد 13 نيسان (أبريل) 2014

الكنيست… سن المزيد من القوانين العنصرية

الأحد 13 نيسان (أبريل) 2014 par د. فايز رشيد

المتتبع للقوانين العنصرية التي تسنها الكنيست في السنتين الأخيرتين يلاحظ وبلا أدنى شك: أن العدو الصهيوني يبدو وكأنه في سباق مع الزمن من أجل التضييق على الفلسطينيين العرب في منطقة 48، فلا تمضي بضعة أشهر إلا ومشاريع قوانين جائرة تُسّن وتستهدف الفلسطينيين هناك, إن من حيث التضييق على حريتهم أو من حيث تقييد حركتهم!منذ بضعة أسابيع لا أكثر أنهى الكنيست الإسرائيلي دورته الشتوية بعد إقرار العديد من مشاريع القوانين العنصرية بالقراءات الثلاث: أول هذه القوانين: تمديد قانون لم شمل العائلات الفلسطينية لسنة جديدة, وتحويل قانون منع دخول فلسطينيي الضفة الغربية والقطاع إلى مناطق 48، من قانون أجرائي مؤقت إلى قانون دائم. بموجب القانون يجري تشتيت العائلات الفلسطينية التي أحد الزوجين فيها عربي/عربية من الضفة الغربية أو قطاع غزة أو من أي مكان في العالم.هذا القانون مخالف لكل الشرائع والمواثيق الدولية ويبلغ حجم المتضررين من هذا القانون من خمسين إلى ستين ألفاً. القانون الثاني يمنع الفلسطينيين من الضفة الغربية دخول منطقة 48 دون إذن خاص من السلطات الرسمية تحت طائلة العقوبات, ويخضع للأخيرة كل من يثبت أنه قام بتسهيل دخول أولئك إلى منطقة 48 من أهلها العرب القاطنين فيها.
القانونان الثالث والرابع اللذان أقرهما الكنيست يستهدفان التمثيل السياسي البرلماني لفلسطينيي 48.القانون الثالث يرفع نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية الى 3.25% بدلاً من 2%.والنسبة الجديدة لم تصل إليها أية قائمة من فلسطينيي منطقة 48. هذا ما يؤكد أن الهدف من هذا القانون هو إسقاط غالبية اللوائح الفلسطينية في انتخابات الكنيست. بالرغم من أن الكيان الصهيوني يستفيد دعائياً من دخول بعض الفلسطينيين العرب إلى الكنيست, للقول بأن إسرائيل هي دولة”ديمقراطية” والتي طالما تباهت امام العام بهذه الديمقراطية؟!. القانون الرابع يسمى قانون ” استقرار الحكم” وهو يهدف إلى تهميش الأصوات العربية في الكنيست ودورها في إمكانية إسقاط الحكومات الإسرائيلية بالتحالف مع قوائم أخرى. وبموجبه فان إسقاط أي حكومة يحتاج إلى 61 صوتاً وفي ظل رفع نسبة الحسم التي تحد من دخول الفلسطينيين إلى الكنيست يصبح بالمعنى الفعلي أن لا قيمة للأصوات العربية في إسقاط الحكومات أو تشكيلها.
القانون الخامس المقّرْ يستهدف رعاة الماشية العرب وبخاصة في منطقة الجنوب, وهو يعاقب بالسجن أصحاب المواشي الذين تدخل أغنامهم إلى أية حقول زراعية, حتى لو عن طريق الخطأ, لتصل العقوبة إلى ستة أشهر في السجن. القانون السادس يسمى قانون ” الاستفتاء العام” وبموجبه فإن أي اتفاق لإنهاء الصراع ( المقصود مع الفلسطينيين والعرب) تتوصل له الحكومة الإسرائيلية ويتضمن انسحاباً من أراض تقع تحت ما يسمى بـ”السيادة الإسرائيلية ” يتوجب أن يحوز على 80 صوتاً, وفي حالة عدم حصوله على هذه النسبة يتحول إلى استفتاء عام. وبموجب الخارطة الحزبية الإسرائيلية ووجود أحزاب يمينية وفاشية متطرفة في الكنيست فمن الصعب أخذ موافقة 80 نائباً ( فالكثيرون من النواب يعتبرون الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان العربية السورية والقدس ومنطقتها أرضاً إسرائيلية لا يجوز التخلي عنها) وبحكم وجود اليمين المتطرف في الشارع الإسرائيلي بنسبة لا بأس بها، فإن من الاستحالة بمكان أن يفوز أي استفتاء للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة بنسبة 51% , بالتالي فلا قيمة مطلقاً للقرار بأي انسحاب تقرره حكومة إسرائيلية حالية أو لاحقة.للعلم الاحتلال فرض على القدس وهضبة الجولان القانون الإسرائيلي باعتبارها أراضي إسرائيلية.
في الكنيست أيضاً طرح وزير المالية مشروع قانون جديد تُلغى بموجبه ضريبة الشراء وقيمتها 18% من البيوت الجديدة التي يشتريها الأزواج من الشباب, شريطة أن يكون أحد الزوجين قد أدّى الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي. معروف أن الفلسطينيين العرب يرفضون تأدية هذه الخدمة، بالتالي فالشباب العرب يستثنوا من هذا القانون ويتوجب عليهم دفع هذه الضريبة. ووفقاً للنائب العربي محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة, فإن العنصرية في هذا القانون مضاعفة, فمن ناحية فإن الحكومة لا تقيم مشاريع إسكان عامة في المدن والمناطق العربية كما هو الحال في البلدات اليهودية، فهذه المشاريع نادرة جداً لدى العرب،وقد تكون بشكل محدود، وثانياً شرط الخدمة العسكرية الذي هو”كلمة التورية ” للعنصرية الإسرائيلية.
أما النائب زحالقة رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي فقال: إن وزير المالية يائير لبيد يطرح مشروعاً عنصرياً, وهو يريد منافسة أفيجدور ليبرمان بعنصريته وكل ما يطرحه هو عنصري، فلا يكفي حرمان العرب من أراضيهم بل يأتي اليوم باقتراح تخفيضات مفصلة لحرمان العرب منها, ودعا إلى منح العرب تخفيضات في تكاليف بناء بيوتهم.
الغريب: أن العديد من دول العالم وبخاصة الولايات المتحدة وحليفاتها الأوروبيات يُسّوق ” للديمقراطية ” الإسرائيلية باعتبارها “ديمقراطية متطورة؟!” والأغرب أن هذه الدول لا تتكلم جملة واحدة عن العنصرية الصهيونية؟! التي تضاهي أشد الأنظمة فاشية وعنصرية في التاريخ.

دروس المفاوضات وبديلها

مثلما كان متوقعاً، لم تؤد مفاوضات الثمانية أشهر إلا إلى المزيد من التشدد الصهيوني في الطلبات التعجيزية من السلطة، وإلا إلى ازدياد الشروط “الإسرائيلية” . فبعد ضرورة الاعتراف الفلسطيني ب “يهودية إسرائيل” يأتي شرط جديد، على الفلسطينيين التنازل عن مطالبهم القومية كافة هكذا قال بالحرف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو .
التجربة الجديدة للمفاوضات أعادت للأذهان مرحلة التفاوض مع دولة الكيان على مدى عشرين عاماً، حتى في ظل قطع المفاوضات الذي استمر بضع سنين فإنها كانت تجري مع “الإسرائيليين” تحت هذا المسمى أو ذاك، مرة من خلال دبلوماسية الرسائل، وأخرى من خلال “المفاوضات الاستكشافية” التي جرت بين الطرفين في العاصمة الأردنية عمّان والتي استمرت بضعة أسابيع على جولات عدة .
السلطة الفلسطينية لا تبدو أنها استفادت من دروس التفاوض مع الكيان الصهيوني، وإلا ما الداعي إلى عقد اجتماعات بين رئيسي الوفدين المتفاوضين، تسيبي ليفني وصائب عريقات، برعاية المندوب الأمريكي الصهيوني حتى العظم مارتن إنديك؟ في الوقت الذي أبقت “إسرائيل” على استيطانها بتسارع أكبر خلال الفترة التفاوضية . “إسرائيل” تحاصر قطاع غزة منذ سنوات طويلة، وبين الفينة والأخرى تقوم بغارات جوية على أهداف متعددة فيه وتصادر الأراضي، تغتال وتعتقل النشطاء الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث تصول قواتها وتجول في كل أنحائها وتهدم البيوت، ويقوم غلاة المستوطنين الفاشيين بانتهاك حرمات المسجد الأقصى والاعتداء عليه، وتهويد القدس ومنطقتها، ورغم ذلك واصلت السلطة المفاوضات مع الكيان الصهيوني، ولم تستفد من دروس تجربة العشرين عاماً .
والأدهى أنها أبقت على التنسيق الأمني مع الكيان، وقامت أجهزة أمنها أيضاً باعتقالات عدة للمقاومين الفلسطينين، كما حصل مؤخراً لمناضلين في الجبهة الشعبية وفي حركة الجهاد الإسلامي، وغيرهما من الفصائل الفلسطينية .
التجربتان كفيلتان بأن تخرج السلطة بدروس مستفادة غير التي ذكرناها في السياق، لعل أبرزها أن الكيان لا يبحث عن حلول مع الفلسطينيين، إنه يريد استسلامهم الكامل لشروطه ولرؤيته للتسوية التي في جوهرها لا تتعدى الحكم الذاتي على القضايا الحياتية للفلسطينيين ليس إلا، هذا أولاً .
الدرس الآخر الذي يتوجب على السلطة استخلاصه هو: لا مجال مطلقاً لتطبيق حل الدولتين، فالكيان ماضٍ في استيطانه على قدمٍ وساق، وشهيته زادت لابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية، وبالمعنى الفعلي لم يتبق من أراضي الضفة الغربية 40%، مثلما تقول بعض الإحصاءات، وإنما 25% مثلما تشي إحصاءات أدق، أي أنه من المستحيل إقامة دولة فلسطينية على كانتونات مقطعة الأوصال . إ“سرائيل” تحاول التخلص من الفلسطينيين العرب الموجودين فيها من منطقة ،48 تريد تبادلاً للأراضي مع الفلسطينيين بحيث تتخلص من 300 ألف فلسطيني يتواجدون في المثلث، تحاول تهجيرهم إلى مناطق الحكم الذاتي الفلسطينية من أجل نقاء يهودية دولتها .
من دروس التفاوض أيضاً هو، أن حشر القضية في استرجاع الحقوق من خلال المفاوضات ومن ثم المفاوضات ومن ثم المفاوضات هو خيار خاطئ، ولا بد للسلطة الفلسطينية من انتهاج استراتيجية وتكتيك سياسي جديدين كفيلين بانتزاع الحقوق الوطنية الفلسطينية من براثن العدو الصهيوني، فليس أطول من تجربة المفاوضات الفلسطينية مع هذا العدو الصهيوني .
الذي يجبر “إسرائيل” على الاعتراف بالحقوق الفلسطينية هو نهج مختلف آخر لا علاقة له بالتفاوض، وأثبت فعاليته في كل التجارب النضالية لحركات التحرر الوطني على صعيد آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو المقاومة الشعبية .
التفاوض يجري في حالة واحدة هي: أن يصل العدو الصهيوني إلى الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية رغماً عنه، لأنه إذا ما رفض تستمر المقاومة، بالتالي سيصبح وجوده مهدداً، لذا فالمفاوضات والحالة هذه تكون محكومةً بالوقائع على الأرض بفعل المقاومة المسلحة، هنا لا مانع والحالة هذه من التفاوض على كيفية وصول الحقوق إلى أصحابها في ظل التهديد للعدو باستمرارية هذه المقاومة في حالة رفضه بحيث يصبح احتلاله للأراضي الفلسطينية مشروعاً خاسراً بالمعنيين الديموغرافي (خسائره في جنود الاحتلال) والاقتصادي المرهق لميزانيته بإبقاء احتلاله للأراضي واغتصابه لإرادة وحرية الفلسطينيين . هذه هي أبرز دروس تجربة المفاوضات الجديدة مع العدو الصهيوني والمقررة أن تنتهي في التاسع والعشرين من إبريل الحالي .
إن البدائل للتفاوض مع العدو كثيرة ومعروفة أيضاً ومن أهمها، إعادة الاعتبار للمقاومة بكل أشكالها ووسائلها، وعلى رأسها الكفاح المسلح ضد احتلال هذا العدو لأرضنا الفلسطينية، الذي أجبره على الاعتراف بوجود شعبنا الفلسطيني هو المقاومة وليس التفاوض معه . إن من أهم البدائل أيضاً، تجاوز حالة الانقسام الحالي المعبّر عنه في وجود سلطتين تتنازعان على مفتاح السجن “فسيادة” كليهما تتمثل في حل القضايا الحياتية للفلسطينيين فيهما . الانقسام هو إضعاف للمشروع الوطني الفلسطيني برمته وللحقوق الوطنية أيضاً .
إن من أبرز البدائل أيضاً، إعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية إلى سابق عهدها . وحدة على أساس الثوابت الفلسطينية، وحدة على أساس قطع المفاوضات نهائياً مع هذا العدو، وعدم العودة إليها ما دام العدو لا يعترف بالحقوق الوطنية الفلسطينية كاملة غير منقوصة . من البدائل أيضاً، إعادة الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها المعبرة والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، والتي تجمع بين الفلسطينين .
منذ تشكيل السلطة جرى إهمال متعمد للمنظمة، وكان لذلك آثار سلبية على القضية وعلى مجمل المشروع الوطني . من الضروري أيضاً إجراء مراجعة شاملة منذ توقيع اتفاقيات أوسلو وحتى هذه المرحلة . مراجعة تتم من خلالها الاستفادة من الأخطاء وقد كان خيار المفاوضات أبرزها .
من البدائل أيضاً، العودة إلى المرجعية الأساسية للحقوق الفلسطينية وهي الأمم المتحدة وقراراتها المتعلقة بهذا الشأن بدلاً من مرجعية أوسلو، من البدائل أيضاً: التراجع عن كافة التنازلات التي أبدتها السلطة الفلسطينية فيما مضى، والتمسك بحق العودة لشعبنا إلى أرضه ووطنه، وكافة الحقوق الوطنية الفلسطينية الأخرى والعودة بالقضية إلى مربعها الأول .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2178845

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

26 من الزوار الآن

2178845 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 30


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40