الجمعة 11 نيسان (أبريل) 2014

إبريل الفلسطيني

الجمعة 11 نيسان (أبريل) 2014 par أمجد عرار

شهر إبريل أكثر الشهور صدقاً في تأريخ المعاناة الفلسطينية، وفي تشكيله عتبة مايو، حيث ولد الكيان الصهيوني من رحم المؤامرة الدولية وتواطؤ العرب الرسميين . عندما ولد الأديب الفلسطيني غسان كنفاني في عكا، في التاسع من إبريل/نيسان سنة ،1936 كانت ثورة عزالدين القسام تطلق شرارتها في وجه الاستعمار البريطاني في فلسطين، تلك الثورة التي استمرت ثلاث سنوات وأجهضها التخاذل العربي الرسمي وامتداداته في الساحة الفلسطينية، كما سيفعل في كل الانتفاضات اللاحقة، ولن تكون آخرها انتفاضة الأقصى التي ترنّحت تحت ضربات المفاوضات العقيمة وغطائها العربي الرسمي الأشد عقماً .
في الثامن من إبريل 1948 استشهد القائد عبدالقادر الحسيني في معركة القسطل على أبواب مدينة القدس، بعدما خذلته “الجامعة العربية” ورفضت تزويده بالسلاح، فآثر أن يموت حتى لا تطول به الحياة على تخاذل “الأشقاء” . كتب لهم قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة “إن التاريخ سيتّهمكم بإضاعة فلسطين، وإنني سأموت في القسطل قبل أن أرى تقصيركم وتواطؤكم” .
في الحادي عشر من إبريل، وبعد مرور يوم واحد على استشهاد الحسيني دخلت العصابات الصهيونية قرية دير ياسين، القريبة من القسطل، وارتكبت واحدة من أبشع مجازرها ومجازر أشباهها في العصرين القديم والحديث، وكأنها تستثمر إجرامها في بورصة التواطؤ وتوجّه رسالة للشعب الفلسطيني والشعوب العربية، أن لا مناص أمامهم سوى التسليم بالمشروع الصهيوني أينما حطت رحاله وحيث وصلت أقدام جنوده . جاء بعد ذلك ما يجعل استثماره مربحاً، فيما الضمير العربي والعالمي يعرض مجاناً في الأسواق .
كانت كلمات الحسيني أشبه ببرقية نعي للنخوة العربية، ولم تكن مقالاً على سبيل الثرثرة أو ترفاً فكرياً يظنّه صاحبه منجلاً لحصد الجوائز . كان ،1948 باعتباره عام النكبة، آخر عام يحتفل فيه غسان كنفاني بعيد ميلاده الذي توقف عند سن الثانية عشرة، تماماً كما تسمّر عمر ناجي العلي عند أحد عشر عاماً شكّلت خطوط الطفولة الفقيرة في شخصية حنظلة، والتي بدأت رحلة اللجوء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث دوامة الموت لم تقف داخل حدود الفلسطينيين، إنما لاحقتهم إلى لبنان عندما فجّر عملاء الصهاينة باص عين الرمانة في الثالث عشر من إبريل عام ،1978 لتشتعل حرب أهلية، استمرت نحو خمس عشرة سنة، وذهب ضحيتها عشرات آلاف الفلسطينيين والعرب، ذبحوا على الهوية بأيدي أمراء حرب كوفئوا وأصبحوا قادة أحزاب، بل وعيونهم على الكرسي الكبير .
بماذا سيكتب المؤرخون سيرة إبريل الفلسطينية؟ إن لم يكن بالدم فإن الكتابة لا تعبّر عن واقع حال ما زال يشي بالكثير . سيكتبون أن “إسرائيل” اغتالت القادة أبو جهاد وإبراهيم الراعي والكمالين، ناصر وعدوان، وأبو يوسف النجار في بيروت . لكن ليس كل الكتّاب والمؤرخين على علاقة طيبة مع الضمير، لاسيما أن الضمير والاستعمار خطان متوازيان ولا يلتقيان . كتابة التاريخ، بعيداً عن الأقوياء، تحتاج إلى صدق قبل القلم، وليست بحاجة إلى مشرط يضيف لداء الجلد جرباً، أو مثقف يدّعي الكمال، باسط جناحيه لإخفاء الحقيقة، ولا لمحلّلين يحملون “البشارة” الكاذبة، ولا لآخر يبيع الوهم ب “الكيلو” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165475

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165475 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010