الأربعاء 9 نيسان (أبريل) 2014

الموت عطشا

الأربعاء 9 نيسان (أبريل) 2014 par صالح عوض

عندما تصل الحرب بمنع الماء عن الناس يكون الفجر وصل مداه، وتكون الإنسانية فقدت قوائمها وذبحت على حجر..

هذا ما يحصل الآن في العراق، حيث تتهم الحكومة العراقية، مجموعات متشددة في الفلوجة بقطع مياه الفرات عن بغداد والجنوب، الأمر الذي يهدد ملايين العراقيين بالموت عطشا، ومن المعلوم أن سد الثرثار العراقي المقام في منخفض جغرافي في منطقة الفلوجة، يقوم بتجميع مياه النهرين الفرات ودجلة ويعيد ضخها إلى مدن العراق الأخرى.

صحيح أن هذا التصرف لا يقبله مسلم، ولا إنسان حر فضلا عن ابن البلد، وهو يعبّر عن توحش في التصرف منبوذ لكن يجب أن لا يحرمنا هذا من رؤية المشهد كله، إذ تقوم عصابات طائفية تقف خلف المالكي، باستباحة كل شيء في مناطق الأنبار والفلوجة وديالى، وسواها من مناطق العراقيين العرب السنّة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال وتحت أي حجّة وغطاء أن نقف صامتين على ما يرتكبه المالكي، تجاه العراقيين العرب السنّة وقياداتهم ورموزهم بالزج بهم في سجون مجرمة تنتهك فيها الحريات والكرامات، ويتعرض فيها الرجال والنساء إلى أشنع عمليات التعذيب، وأقبح الممارسات غير الأخلاقية.

إن مواقف علماء شيعة كالحكيم والصدر وسواهما في العراق، تكشف أن الموضوع ليس طائفيا، وأن العراقيين العرب الشيعة لم يسجلوا على أنفسهم التورط في هذا التطور الخطير الذي ينحوه المالكي، وإن كانت العصابات المسلّحة المتوحشة هي من جهلة الشيعة ومتطرفيهم، الأمر الذي يستوجب علو صوت العلماء والمثقفين الشيعة والساسة، إنكارا لما يحصل وتشنيعا به.

ومن جهة أخرى لا يمكن قبول أن تندفع مجموعات تنتمي لأهل السنّة نحو عمل عسكري جنوني في مناطق الشيعة، وتفجر على الهوية وتلقي العبوات وتزرع المتفجرات في قلب التجمعات السكانية ثم تأتي لتمنع المياه عن المواطنين، وليس مستبعدا أن تقوم بتسميم المياه بشكل واسع، فليس هناك مستبعد وهذا يستدعي وقفة واضحة قوية من علماء السنّة وقادتهم باستنكار ذلك، وأن هذا السلوك مرفوض ومتبرأ منه، فكلنا يذكر للإمام علي ــ كرم الله وجهه ــ أنه كان يسمح لجيش ابن أبي سفيان بالشرب من الماء بعد انتهاء المعركة.

العراق اليوم، يصل إلى أقصى حدود الفجر في الخصومة والتطرف في القتل، ورغم متانة البناء العراقي، وصحة قوته إلا أنه يتعرض الآن لاهتزازات عنيفة تضرب في أعماقه، فيما العرب جميعا مسئولين ومثقفين وإعلاميين لا يقومون بما هو واجب نحو بلد عربي مسلم عريق.

الموضوع في العراق ليس صراعا سنّيا شيعيا، ولا صراع إسلامي علماني، كما أنه ليس صراعا قوميا إنه صراع مجموعات القتل والتعطش للتسلط، ومجموعات التعصب الجاهل القاتل، وهكذا يفعل الجهلة بأوطانهم وهكذا يفعل مجانين الكراسي بأوطانهم.. تولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2177837

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع صالح عوض   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2177837 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40