الأحد 30 آذار (مارس) 2014

الأرض وجوهر الصراع

الأحد 30 آذار (مارس) 2014 par أمجد عرار

ثمانية وثلاثون عاماً على أحداث يوم الأرض الفلسطيني حيث قامت سلطات الاحتلال الصهيوني عام 1976 بمصادرة واحد وعشرين ألف دونم من أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها في منطقة الجليل المحتلة عام ،1948 وذلك وفق قرار رسمي حمل مسمى تضليلياً هو “تطوير الجليل”، في حين أن الهدف الحقيقي منه هو “تهويد الجليل” وإعطاء الأراضي المصادرة للمستوطنات الصهيونية . كانت تلك شرارة اندلاع انتفاضة عارمة في منطقة الجليل واجهتها القوات “الإسرائيلية” بدمويتها المعهودة حيث اجتاحت البلدات الفلسطينية بالدبابات والمجنزرات التي أطلقت النار بعشوائية، فسقط ستة شهداء وعشرات الجرحى في الثلاثين من مارس/آذار ،1976 الذي أصبح منذ ذلك التاريخ “يوم الأرض الفلسطيني”، مع أن يوم الأرض الحقيقي يعود لليوم الأول الذي بدأ فيها اغتصاب فلسطين وتهجير شعبها إبان أكبر نكبة عرفها التاريخ عام 1948 .
هذا يعني أن “يوم الأرض” كمناسبة رمزية، لا يعني أن الاستيلاء على الأرض الفلسطينية بدأ عام ،1976 فبين عامي 1948 و1972 صادرت “إسرائيل” أكثر من مليون دونم من أراضي الجليل والمثلث إضافة إلى ملايين الدونمات التي استولت عليها خلال أحداث النكبة .
في مطلق الأحوال، لا ينبغي النظر للأرض الفلسطينية باعتبارها عقاراً، فهناك مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية المقامة عليها مدن وبلدات وقرى ومخيمات، وهي ليست مصادرة بالمعنى المباشر، لكنّها محتلة ضمن سيطرة الاحتلال على كل فلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا وكفار شوبا والغجر اللبنانية . من هنا فإن الحديث عن مصادرة ألف دونم هنا أو ألفين هناك، ليس سوى عرض لحظي لسلوك يومي لا ينبغي أن يحجب حقيقة أن فلسطين كلها أرضاً وجواً وبحراً مصادرة بحكم الوجود العسكري والسياسي للاحتلال . ومن المفارقات التي يجب الانتباه إليها أن “إسرائيل” سرّعت تهويد الأرض الفلسطينية واستيطانها، منذ انطلاق المفاوضات في مدريد عام ،1991بما في ذلك ما بعد توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 .
ما معنى أن ترتفع وتيرة الاستيطان في الضفة إلى أكثر من 123% مقارنة بعام 2012؟ وما معنى أن تقرر “إسرائيل” وتبدأ العمل في بناء أكثر من عشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة منذ بدء العملية التفاوضية؟ وماذا يعني هدم قوات الاحتلال 149 منزلاً فلسطينياً منذ بدء العملية التفاوضية، في مرحلتها الأخيرة؟
هذه الأسئلة ليست مطروحة بالمعنى الاستفهامي، بل بالمعنى الاستنكاري، ذلك أن قوة غاشمة احتلت أرضاً في إطار مخطط استعماري إمبريالي استراتيجي، لا يمكن أن تتخلى عنها بالتفاوض، لا سيما إذا جرى هذا التفاوض في ظل موازين قوى مختلة لصالح القوة الغاشمة المحتلة التي تحرّكها إيديولوجيا عدوانية تتجاوز أطماعها التوسّعية كل فلسطين بل تتعداها إلى أراض عربية تمتد من النيل إلى الفرات . قبل يومين فقط، تبجّح وزير “إسرائيلي” بأن الجولان ستبقى تحت سيادة كيانه إلى الأبد . هذا التصريح يعبّر عن حقيقة الموقف “الإسرائيلي” إزاء كل الأراضي العربية المحتلة، ولا يمكن تغيير هذا الموقف من خلال طاولة المفاوضات المستمرة على مراحل منذ “كامب ديفيد” أواخر السبعينات، وما زالت تراوح مكانها فيما الجرافات “الإسرائيلية” تصنع على الأرض الخريطة التوسّعية للكيان، مع أننا على ثقة بأن هذه الخريطة ستتغيّر خطوطها بالطريقة التي يعترف بها التاريخ .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165477

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165477 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010