الاثنين 17 آذار (مارس) 2014

تراشق بالفضائح

الاثنين 17 آذار (مارس) 2014 par نافذ أبو حسنة

- أفعال في حيز الجرائم بحق فلسطين

التعليق على تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية التي تناول فيها دور محمد دحلان، لا يعني بحال من الأحوال دفاعا عن الأخير. دحلان رجل يصعب الدفاع عنه. حتى لو أراد أحد ما القيام بهذه المهمة، لأسباب تخصه. فدحلان كتلة من المثالب والجرائم والخطايا بحق فلسطين وشعبها وقضيتها. لكن هذا شيء، وتقبل ما قيل بحقه دون مناقشة، شيء آخر. أما ظهور دحلان التلفزيوني، على إحدى القنوات المصرية، والذي أفرط فيه بوصف زملائه في قيادة فتح “بالمساكين”، متقمصا دور المناضل الطاهر والجسور ، فقد كان مليئا بالادعاء والتناقض الفاضح.
درجت العادة في الخلافات الحزبية والفصائلية الفلسطينية وغير الفلسطينية، على بناء المواقف وفق انحيازات مسبقة، تجعل التشهير بالخصم مباحا ومتقبلا في الآن ذاته. وتردد كل جماعة مصفوفة كاملة ومتشعبة من الاتهامات التي تشيطن الخصم، ولا تتيح مجالا لنقاش موضوعي من أي نوع.
ولو كان خلاف عباس ودحلان من النوع الفصائلي والحزبي المعتاد، أي لو كان خلافا على تقاسم حصص في المجالس والهيئات، أو على الموارد المالية، أو حتى على فقرات في النظام الداخلي والبرنامج السياسي، لكان القول من هذه الجهة أو تلك مقبولا. والانزياح لهذا الموقف أو ذاك مشروعا وطبيعيا، ويندرج في إطار الخلاف الذي يتكرر في البنى التنظيمية عامة. ولكن تدقيقا في الاتهامات المتبادلة، يكشف عن أنها تطاول مفردات القضية الوطنية، والمقدس الفلسطيني، والثوابت الأساسية للشعب الفلسطيني. وعليه فإنها تتجاوز كونها خلافا حزبيا أو فصائليا، بين متخاصمين، خاصة حين يكون أحد الخصمين، رئيس السلطة والمنظمة. وتصبح قضية وطنية عامة بامتياز. بل وقضية قومية أيضا، استنادا إلى الاتهامات بالعمالة والتجسس على المقاومة في لبنان، وإلى الحديث عن تورط دحلان في ملفات إقليمية عديدة ومتشعبة.

- اغتيال ونهب

ستظل القيادة الفلسطينية، كما تسمي نفسها، مطالبة بالإجابة على سؤال كبير، حول تمكن صعلوك من طراز محمد رشيد، (خالد سلام)، من التحكم بأموال طائلة تخص الشعب الفلسطيني وتبديدها أو سرقتها. ومن المعيب حقا، أن يخرج علينا رئيس السلطة، وقيادات فتح بين الفينة والأخرى، للحديث عن الأموال المنهوبة، وعن دور محمد رشيد. وكان على الرئيس أن يفكر مرتين، قبل القول بأن دحلان أو رشيد عرض عليه الاحتفاظ بمئة أو بمئة وخمسين مليون دولار من أموال صندوق الاستثمار. فهذا مؤشر على علمه المبكر والواضح بالسلوكيات والسرقات. والعلم المبكر كان يقتضي تحركا فوريا، وليس تسجيل الجريمة في الذاكرة، لاستخدامها في توقيت معين.
ومع أن الفساد المالي وثيق الارتباط بالفساد السياسي والجرائم بحق الوطن، فإن سرقة الأموال تصبح تفصيلا بإزاء الجرائم الأخرى، من طراز جريمة العمالة للأمريكيين، (المكوث في مقر خاص أثناء مفاوضات كامب ديفيد الثانية) وممارسة الضغط على الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومن طراز جريمة اتفاق كنيسة المهد، وجرائم اغتيال صلاح شحادة، ومحمد أبو شعبان، وهشام مكي وووو، والتآمر مع الصهاينة لنسف مقر الأمن الوقائي في رام الله. ثم التجسس على المقاومتين الفلسطينية واللبنانية. وصولا إلى ربط العديد من الشواهد والدلائل للاستنتاج بأن دحلان وراء اغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات.
والسؤال الكبير الآخر: لماذا الآن بعد كل هذا الوقت الطويل من الصمت؟ وهل من السهل إدراج هذا النوع من الاتهامات في خانة الخلافات الفصائلية التقليدية، ومن ثم القول: لقد اختلفوا فبدأت الفضائح؟
حاول رئيس السلطة وفتح ومنظمة التحرير، إدراج تحرك دحلان في سياق المسار الطويل لحركة فتح، وما شهدته من خلافات وانشقاقات، تشكلت بموجبها جماعات أو تيارات او فصائل أخرى، بقيت في إطار المشهد السياسي الفلسطيني، بهذه النسبة أو تلك، ليقول: “إن من يخرج عن فتح ينتهي”. والمستبطن في هذه السردية، هو: “إن حركة دحلان ستنتهي هي الأخرى وتبقى فتح”.

- شراكات

مجددا كان الأمر سيستوي على النحو الذي أراده السيد عباس، لو أن الأمر يتعلق بخلاف فصائلي على النحو الذي أشرنا إليه سابقا. ولكن كيف يشرح لنا الرئيس حقيقة أن الرجل الذي نفذ عمليات اغتيال لكوادر في فتح، ويعلم بها رئيس الحركة، هو عضو في اللجنة المركزية لهذه الحركة؟ وكيف يفسر تعيين دحلان وزيرا للداخلية، وهو المتآمر في جريمة اغتيال الشهيد صلاح شحادة؟ لماذا لم يحاكم في حينه، ويلقى عقابا على فعلته؟ وأيضا وأيضا كيف يصبح مستشارا للأمن القومي (نعم القومي لا يستغربن أحد فخامة اللفظ) من هو متورط بالتآمر مع الصهاينة لنسف مقر أمني في رام الله؟ وهل من المنطقي والمعتاد أن يحضر متهم باغتيال عرفات، ومتورط بالفعل في التآمر عليه، مؤتمرا لحركة فتح، وينتخب عضوا في اللجنة المركزية؟ وهل كان دحلان سيكون ما هو عليه الآن، لو أن رئيس فتح صارح المؤتمرين في بيت لحم بكل تلك الوقائع؟
توحي ردود دحلان التي يكرر فيها القول بأنه سيكشف الكثير من الوقائع، بأن الكثير مما قاله عباس يقارب حقائق على نحو ما. فاتهام عباس بأنه كان عميلا لمحمد مرسي! يشبه نكتة سخيفة ومنسجمة مع ترهات الإعلام المصري الحديث. وتبقى جريمة تعطيل تقرير غولدستون، أما باقي الفضائح من طرازات مختلفة، وأنواع متعددة، ومنها القصور في عمان واستثمارات أبناء الرئيس، كاشفة لما يوجب الخجل، وهي تثير أيضا سؤالا طبيعيا وفوريا عن مصدر أموال دحلان. فهذا يتحدث عن كونه ضيفا على الإمارات المتحدة، وإذا كانت هذه تمنح الضيوف هذا القدر من الأموال، فعجب عجاب. معروف أن دحلان يعمل مستشارا أمنيا لدى محمد بن زايد، ويتقاضى أموالا عن مهمات يقوم بها.
على كل حال، فإن الإجابة على أي سؤال من الأسئلة أعلاه، تصل إلى الحديث عن شريكين اتفقا فدمرا، واختلفا فدمرا. فهل لفتح كلمة لتقولها؟ وهل للمنظمة كلمة لتقولها؟ أما الشعب الفلسطيني، فنظرة إلى عيني أي مواطن تقول الكثير الكثير، عن قيادات مستقيلة من دورها الذي تدعيه، ومتفرغة لتشويه شعبنا وتدمير قضيته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 17 / 2165238

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع نافذ أبو حسنة   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165238 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010