الأربعاء 12 آذار (مارس) 2014

زعيتر القاضي الشهيد

الأربعاء 12 آذار (مارس) 2014 par أمجد عرار

سواء كان الشهيد رائد زعيتر فلسطينياً أو أردنياً، أو فلسطينياً من أصل أردني أو أردني من أصل فلسطيني، فإنه إنسان عربي كان يعمل قاضياً قبل أن يقضي نحبه برصاص جنود صهاينة على معبر الكرامة بين الأردن وفلسطين . أن يستشهد إنسان على معبر، خاصة معبر يسيطر عليه الصهاينة، يعني وبلا حاجة لتحقق أو تحقيق أنه كان أعزل تماماً، إذ إن إجراءات التفتيش على معابر الاحتلال لا تتيح لنملة أن تمر قبل أن تؤخذ بياناتها وعدد نبضات قلبها في الدقيقة . لكن العقيدة القائمة على الإجرام لا تحتاج ذرائع للتعبير عن ذاتها . وبالنسبة لصهيوني، يكفي أن يكون الطرف الآخر عربياً ليتوفّر الدافع لقتله، وكل ما في الأمر أن تتوفّر ذريعة أو مناسبة .
رواية الصهاينة تقول إن زعيتر هاجم أحد جنودهم على المعبر، فتدخّل جنود آخرون بإطلاق النار عليه . هذا يذكّرنا بأسطوانة “إسرائيل” التقليدية، فكلما قتل جنودها فلسطينياً أو ارتكبوا مجزرة، قالوا إن حياة جنودهم تعرّضت للخطر . الفلسطيني أو العربي بالنسبة لها، لا سبب عنده يستحق الغضب أو رفع صوته على جنود أدمنوا الحقد والعنصرية . لكن لنفترض أن روايتها حول استشهاد زعيتر صحيحة، فهل بدأت القصة من هنا؟ لم تقل الرواية “الإسرائيلية” لماذا هاجم زعيتر الجندي، إذ طالما أنه لم يكن مختلاً عقلياً، فلا بد من سبب أوصله إلى حالة الغضب، لا سيما أنه قاض، والقضاة يمتازون على نحو عام بالهدوء والاتزان السلوكي . من يمرون على الحواجز الصهيونية لا يفكّرون كثيراً ولا يبحثون عن أية تفاصيل لحالة كهذه . الجنود الموجودون على هذه المعابر يمثّلون العقل الصهيوني بكل ما يحمله من نزوع للجريمة واستسهال لقتل “الأغيار” . ألم يفت حاخاماتهم بقتل الأطفال العرب؟ ألم يصفوا العرب بالقمل والصراصير والفئران؟
الشهيد رائد زعيتر كان واحداً من ستة شهداء قضوا في يومين، وكل واحد من هؤلاء يخترع الاحتلال سبباً أو ذريعة لقتله . لكن المعلومات القادمة من الأردن تقول إن زعيتر ذهب إلى مسقط رأسه لطلب مساعدة من أقربائه لعلاج ابنه الطفل من مرض صعب . لم يكن متوجّهاً لتنفيذ عملية فدائية، ولو أراد ذلك لما سلك طريق المعبر . وفي الحالة النفسية التي كان عليها، من الطبيعي أن يستفزّه سلوك الجنود الصهاينة، الاستعلائي والعنصري والمستفز، فضلاً عن أن وجودهم من الأساس واقع استفزازي ومرفوض مبدئياً ككل مظاهر الاحتلال وتعبيراته .
صحيح أن قتل أي فلسطيني أو عربي أو إنسان، وكذا الأمر اعتقاله أو تهجيره أو هدم بيته أو اقتلاع أشجاره، أمر مرفوض ومدان، لكنه ليس جوهر القضية . هذه كلها أعراض لمرض ونتائج لسبب . المرض الأساس وجوهر القضية هو الاحتلال . فلو افترضنا أن الحياة في ظله مرّت من دون قتل أو تهجير أو هدم، فهل يتحوّل إلى واقع طبيعي مقبول؟ الفلسطينيون يدركون أنه لا مستقبل لهم ولا أفق أو أمان لأطفالهم طالما بقي وطنهم مغتصباً . وفي حضرة الاستشهاد، لا مفر من التذكير بأن المطلوب أمران: وقف كل أشكال التفاوض مع هذا العدو، واستعادة الوحدة الوطنية وفق برنامج نضالي يعيد الحياة للثوابت الوطنية والقومية .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2177912

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2177912 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40