الخميس 6 آذار (مارس) 2014

“إسرائيل” والحسم التفاوضي

الخميس 6 آذار (مارس) 2014 par ناجي صادق شراب

ماذا تعني الحلول النهائية ل“إسرائيل”؟ هذا هو السؤال الذي ينبغي طرحه الآن والاحتمالات تتزايد عن إمكانية التوصل إلى صيغة تفاوضية بعد أشهر قليلة . وقبل الإجابة عن هذا السؤال لا بد من التأكيد على مقولة أن الكل يريد السلام، ولكن أي سلام يتم الحديث عنه .
“إسرائيل” تريد السلام بشروطها، وبرؤيتها التي تقوم على ركيزتين أساسيتين هما الأمن والبقاء، وهو ما يعني أبعد من إنهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطينية، أي استمرار الاحتلال واحتواء قيام الدولة الفلسطينية . وتعني إنهاء القضية الفلسطينية من جذورها من خلال المطالبة باعتراف الفلسطينيين بيهودية “إسرائيل” كدولة، وهو الاعتراف الثاني بعد الاعتراف السياسي الأول الذي أسبغ الشرعية على “إسرائيل” كدولة، والاعتراف الثاني الذي يعني إنهاء الصراع الفلسطيني - “الإسرائيلي” بتأكيد شرعية الرواية التاريخية “الإسرائيلية” دون أن تدفع ثمناً تفاوضياً لذلك . وتدرك أنها الأقوى في زمن تحولات إقليمية ودولية أفرغت القضية الفلسطينية من مضامينها القومية، إضافة إلى الانقسام السياسي الفلسطيني الذي أضعف الموقف التفاوضي، لذلك ترى “إسرائيل” أنها قادرة على فرض رؤيتها على الفلسطينيين .
الفلسطينيون يريدون الأمن والبقاء، وهذا لن يتحقق إلا من خلال إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، لأن قاعدة السلام الجوهرية تقوم على معادلة بسيطة وواضحة: قيام الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال “الإسرائيلي” مقابل أمن “إسرائيل”، لكن كي يتحقق ذلك لا بد من قيام الدولة الفلسطينية، لكن المعضلة تكمن في رؤية “إسرائيل” لأمنها وبقائها التي تعني إلغاء الحقوق الفلسطينية .
وتتركز الرؤية “الإسرائيلية” على المبادئ التالية: الاعتراف بيهودية “إسرائيل” كدولة بكل ما يتضمنه هذا الاعتراف من إسقاط للحقوق التاريخية للفلسطينيين وإسقاط مسؤولية “إسرائيل” عن قضية اللاجئين، وأن تبقى الدولة الفلسطينية بلا صلاحيات أمنية أو عسكرية، أي دولة أقرب إلى مفهوم اللادولة في الفكر الليكودي، والبقاء الدائم في منطقة الأغوار وفصلها عن الدولة الفلسطينية، ما يعني أقل من دولة من منظور قانوني وسياسي، وضم كل الكتل الاستيطانية الكبرى وهو ما يعني احتلال ما يقارب تسعة في المئة من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس، أي شرعنة الاستيطان كذلك، واعتباره حقاً مقدساً لا يمكن التنازل عنه، والتمسك بالقدس عاصمة موحدة وغير قابلة للتقسيم؟
هذه الشروط تجعل المفاوضات بلا مضمون سياسي، وتلغي أي مطالب فلسطينية خصوصاً بالنسبة لقضية اللاجئين . وتحوّل المفاوضات إلى غاية في حد ذاتها .
وباستقراء تطور العملية التفاوضية نجد أن “إسرائيل” وعبر كل حكوماتها المختلفة كانت وما زالت تربط بين السلام والمفاوضات والقوة العسكرية والاعتبارات الأمنية . ومعنى هذا ان السلام الذي تريده “إسرائيل” يقوم على التفوق العسكري، والامتداد الإقليمي والنفوذ والسيطرة .
إذاً، المشكلة لا تكمن في الاعتبارات الأمنية في حد ذاتها، أي أن الاعتبارات الأمنية لو تمت مناقشتها مقابل الاعتبارات الأمنية للطرف الفلسطيني، ما كانت تشكل عائقاً . ولكن إذا تم ربطها بإلغاء الحقوق الوطنية للفلسطينيين، بما فيها قيام الدولة عندها تصبح مشكلة يصعب تجاوزها .
والتساؤل، ماذا يعني ربط السلام بالخيار العسكري والاعتبارات الأمنية؟ وما علاقة ذلك بالتصورات “الإسرائيلية” للحل؟
ابتداء هذه النقطة مهمة في أي عملية تفاوضية، وهي معرفة تصورات الطرف الآخر، ومدركاته السياسية . وهذا التصور يعني أن تظل موازين القوى لصالح “إسرائيل”، ليس على مستوى الدولة الفلسطينية فقط، ولكن على المستوى الإقليمي . والاستمرار في البناء الاستيطاني يعني أيضاً أن الخيارات الأمنية والعسكرية لها الأولوية على خيار السلام، ويعني أن “إسرائيل” تربط بين سيطرتها على الأرض والأمن، وهو ما يعني الاستمرار في البناء الاستيطاني، ومصادرة الأرض، وبالتالي إقامة دولة فلسطينية وفق رؤيتها، وليس وفق ما تنص عليه قرارات الشرعية الدولية . وهذا يعني أن “إسرائيل” لن تخسر شيئاً في المحصلة النهائية للمفاوضات، وهي لن تقدم تنازلات جوهرية تلبي المطالب الفلسطينية .
في جميع الأحوال لن تخرج الرؤية “الإسرائيلية” عن خيار قيام الدولة الفلسطينية في سياق من الاعتبارات الأمنية، التي في إطارها قد يتم تسوية قضية مثل اللاجئين، وأما القدس فقد يبرز الدور الأردني ليس كوسيط بل كشريك رئيس في إنهاء الصراع، وهذا يقودنا إلى فرضية أقرب إلى المسلّمات بأن الدولة الفلسطينية وفي حال قيامها لا تملك القدرة على توفير الضمانات الأمنية، وهنا يأتي الدور الاقليمي على المستوى العربي، بعبارة أخرى حل الصراع من جذوره لن يتم فلسطينياً، بل سيتم على المستوى العربي ومن دون ثمن “إسرائيلي” . في سياق هذا التصور العام تأتي مبادرة “إطار الاتفاق” الذي يسعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لفرضه على الطرف الفلسطيني الأضعف في معادلة التفاوض، وفي معادلة التحولات الإقليمية والدولية، وهذا ما سيجعل “إسرائيل” تحسم هذا الصراع على طريقتها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2177747

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2177747 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40