لا تكترث “إسرائيل” بما يدوّخ العرب من كلام فراغي مغبر . لا تنشغل في الخطط الدبلوماسية والاقتراحات التسووية، حتى لو صدرت عن أوثق حلفائها . ليست لديها مواعيد مقدّسة حين يتعلق الأمر بالعرب . “إسرائيل” لا تضيّع وقتها ولا تبذل في الحديث عن السلام أية ثانية، لكنّها تطرب وهي تسمع سياسيينا ومثقفينا ومفتينا يتحدثون عن السلام معها . تقول في نفسها: دعهم يقتتلون وينقسمون ويثرثرون . إنهم يعودون إلى جدلية ما قبل ألف عام لتشغل وقتها في التخطيط للاستيطان والتهويد وزرع الجواسيس في بلاد العرب والأجانب .
عندما استعر الجدل الفلسطيني حول المواعيد والجداول والمهل الزمنية للمفاوضات مع “إسرائيل”، كانت هي ترسل قواها الخاصة لاغتيال الشاب معتز وشحة في بلدته الوادعة بيرزيت . من قال لها إنه هناك؟ هي تحرص دائماً على تجنيد كل شخص حدّد لنفسه تسعيرة للبيع، ليصبح عميلاً لها . حشدت قوات من جيشها تكفي لإعادة الرئيس الأوكراني إلى قصره في كييف، من أجل محاصرة مقاتل واحد في منزل صغير في بلدته، فيها من الزيتون ما يفوق مخزون الحقد في قلوب صهيونية سوداء .
وسائل إعلام “إسرائيل” تسير في خط مواز ومتآلف مع صواريخها وقذائفها ورصاصها وجرافات استيطانها . وظيفتها تبريد الجريمة قبل وقوعها وبعده، وبين الحين والآخر، افتعال مناسبة لنقد حكومة الكيان، على سبيل التجميل ولزوم الخدعة الديمقراطية . هذه الوسائل الإعلامية روجت للجريمة أولاً على أنها “مبررة” حيث استهدفت من أسمته “إرهابياً” وهي تهمة توازي وسام الشرف حين يتعلق الأمر بمقاومة أحقر احتلال في التاريخ، وثانياً باعتبار هذه الجريمة التي طالت معتز وشحة، المناضل المطلوب لأجهزتها المتوحّشة، بمثابة انتصار لقوة من جيشها تسلّلت الى البلدة في توقيت سرّبه لها عملاؤها .
لن يسأل “الإسرائيليون” عن البطلولة المتوهمة والانتصار المزعوم بين جيش مدجج بالصواريخ، ومقاتل وحيد في منزل عادي وليس ثكنة عسكرية . هي معنية أن ترمّم سمعتها العسكرية التي تمرَّغت في وحل الهزائم والإخفاقات في السنوات الأخيرة، لذلك توجّه أدواتها الإعلاميّة وكتّابها، سواء كانوا من الصهاينة الأصليين أو من كتاب عرب لبسوا ثوبها القذر . ومع ذلك سيضطر بعض كتّابها من غير العملاء الدخلاء عليها، أن يعترفوا بأن البطولة الحقيقية في رواية بيرزيت الدامية، يستحق حمل وسامها معتز وشحة الذي رفض الاستسلام وتسليم نفسه للجيش الصهيوني، بل قرّر المواجهة معه حتى الاستشهاد . أما “بطولة” نتنياهو وجيشه وأجهزته فهي مزعومة وتثير السخرية بقدر ما تفجّر من غضب مقدّس على هذا الكيان المتوحّش .
ليست هذه نهاية القصة التي بدأت باغتصاب فلسطين ولن تنتهي إلا بنهايته، وهذه النهاية لن تأتي لا على يد مفاوض فلسطيني من الدرجة العاشرة، ولا مسؤول أمريكي تلقى خبرته الدبلوماسية في فيتنام، وخزّن في ذاكرته آخر صورة للسفير المنتشل بالمروحية من على سطح السفارة . لكن ملحمة معتز وشحة فقد بدأها باسمه، فهو المعتز بفكره العلمي المقاوم، وهو الموشّح بالمجد الرفضوي المتجذّر في أرض روتها أمطار كانون الأول بعد موجة الاغتصاب الثانية لفلسطين عام 67 . وليبق معتز زيتونة بيرزيت، وزهرة النيران في أرض الجليل، ووشاح فلسطين جيلاً بعد جيل .
السبت 1 آذار (مارس) 2014
وشحة زيتونة فلسطين
السبت 1 آذار (مارس) 2014
par
أمجد عرار
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
10 /
2165247
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
10 من الزوار الآن
2165247 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 3