الخميس 27 شباط (فبراير) 2014

أردوغان ومسار الهبوط

الخميس 27 شباط (فبراير) 2014 par محمد عبيد

التطورات التي حملتها الأشهر القليلة الماضية إلى تركيا، منطلقة من احتجاجات ميدان تقسيم، وما آلت إليه الأمور من قمع عنيف للمتظاهرين، ومن ثم تفجر سلسلة فضائح الفساد التي تبدو بلا نهاية في وجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وحزبه الحاكم منذ أكثر من عقد من الزمان، وما تشهده البلاد حالياً من محاولات تكبيل القضاء وسيطرة السلطة التنفيذية عليه، وسياسة تكميم الأفواه ومراقبة الرأي والإنترنت، كل هذه تؤكد أن المسار الآن بالنسبة للرجل وحزبه وحكومته مستمر هبوطاً .
هناك إصرار غير مسبوق لدى الحزب الحاكم في تركيا على الاستمرار في ضرب كل معالم الحريات والحقوق، ومبادئ الحكم الديمقراطي، القائم على الفصل بين السلطات الثلاث، واحترام القضاء ومبادئ سيادة القانون التي لا يفترض أن يتجاوزها أحد أو أن يعامل أحد على أنه فوقها، أو غير قابل للمساس به تحت طائلة القانون .
مكتب الرئيس التركي عبدالله غول أعلن موافقة الأخير على قانون يزيد سيطرة الحكومة على تعيين القضاة وممثلي الادعاء، وهذا إلى جانب قانون للرقابة على الإنترنت يزيدان من المخاوف والتأكيدات أن حزب “العدالة والتنمية” الذي يشغل رئاستين تنفيذيتين هما رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة، يسعى إلى بسط سيطرته على القضاء، وعلى السلطة الرابعة المعنوية ممثلة بالصحافة والإعلام .
قد يكون هذا المسار التصعيدي المنعكس عن يقين لدى أردوغان وحزبه بالمسار التنازلي الذي تسلكه مستويات شعبيتهم وتأييدهم، متعلقاً بفضائح الفساد المتتالية، لكنه يغدو منطقياً أكثر إذا ما قورن بالحالة المصرية، عندما حاولت جماعة “الإخوان المسلمين” اختطاف الدولة ومؤسساتها، وحتى إرادة الشعب المصري، تحت مسميات “الشرعية” ومزاعم “الشعبية”، لكن الفارق الوحيد أن الجماعة في مصر “ضربت الحديد وهو حامٍ”، كما يقال، ما نتج عنه بالضرورة تسريع وصولها إلى مصيرها المحتوم .
لكن حزب “العدالة والتنمية” التركي، المرتبط بأكثر من أجندة، بينها أطلسية وأوروبية وإسلامية وشرق أوسطية، ظل بعيداً عن نهج الاستفراد بالبلاد وأهلها، لأنه كان يحارب على أكثر من جبهة، محاولاً إدماج تركيا في الاتحاد الأوروبي، ومكافحاً لفرضها على مستوى المنطقة العربية وقضاياها، ثم عندما وجد أن مساعيه تبخرت وباءت بالفشل، نتيجة الانفصال عن الواقع، وحالة المراهقة السياسية، انقلب على الداخل، ليسلك الطريق ذاتها التي سلكتها “الجماعة” في مصر .
الاتجاه “هبوطاً” هو التطبيق العملي لسياسات حكم “إسلاميي” تركيا الذين بالغوا في ردات الفعل والتدخلات في شؤون دول الجوار العربية، والذين ما زالوا يحاولون فرض أنفسهم كقوة مؤثرة، يرون فيها قوة وصاية وهيمنة، وهذا ما لن يكون بالتأكيد .
ليس على أردوغان أو حزبه الإقرار بحقيقة المسار الهابط الذي تسلكه سياساتهم وبالتالي شعبيتهم، فالاستحقاقات الانتخابية قريبة، ومحاولات تجميل وجه الحزب، إن حصلت، لن تؤدي إلى تضليل الناخبين مجدداً، ذلك أن هذا الحزب أخذ وقته وأكثر، وحان وقت التغيير، التغيير هنا ضرورة مرحلية وموضوعية، كون سنوات من حكم الحزب لم تجلب لتركيا أهم ما كان يعد به .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165859

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165859 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010