الأربعاء 12 شباط (فبراير) 2014

الرئيس المطلوب لمصر

الأربعاء 12 شباط (فبراير) 2014 par ناجي صادق شراب

المشير عبدالفتاح السيسي ليس مجرد شخصية عادية، فهو مواطن مصري استثنائي لمرحلة استثنائية في حياة مصر، فقدرته وهدوؤه وانحيازه لإرادة الشعب المصري ، وبما توفرت لديه من صفات الكارزمية العسكرية والمدنية، وبقربه من نبض المواطن العادي، يكتسب صفة الزعامة وهي أحد أهم الشروط لنجاح أي رئيس في مهامه الصعبة، وهذا ما قد يميز الرؤساء الكبار في دولهم مثل روزفلت وأيزنهاور وكلينتون، وديغول، ونهرو، وغاندي، وعبد الناصر والشيخ زايد ونكروما ومانديلا .
إن مثل هؤلاء القادة وغيرهم كثر، اعتمدوا على تأثيرهم وقربهم من شعوبهم، فحققوا الإنجازات الكبيرة التي ما زالت تذكر لهم . المشير السيسي اكتسب صفات الزعامة، وهي صفات لا تفرض بل هي صفات فطرية تكون شخصية صاحبها، ويشعر بها المواطن العادي، وليست في حاجة إلى تملّق، وتقرّب، بل هي إحساس وتفاعل بين الزعيم والمواطن العادي .
ولعل أولى مظاهر التعبير عن هذا التفاعل هو أن يتحوّل الزعيم إلى رئيس بإرادة شعبية كبيرة تمنحه الشرعية السياسية التي تؤهله لقيادة الدولة في أخطر مراحلها، وهنا لا يكفي أن يتم اختيار السيسي رئيساً، بل الأمر يحتاج إلى تجسيد وترجمة لهذه الزعامة من خلال الإرادة الشعبية .
وقبل الخوض في هذه النقطة أريد أن أذكر فقط أن مصر وعبر كل مراحلها التاريخية كانت مستهدفة في دورها ومكانتها، وفي كل مرة كانت تخرج مصر منتصرة على كل من أراد لها الشر . وأذكّر فقط بالمخاطر الكبيرة التي واجهت الرئيس عبد الناصر بدءاً من حرب 56 التي اجتمعت فيها قوات ثلاث دول هي بريطانيا وفرنسا و“إسرائيل” ولم تنجح في النيل من مصر ولا من شخص الرئيس عبد الناصر، بل خرج الشعب المصري وعبد الناصر أكثر قوة وقدرة وصلابة على التحدي، ثم عدوان 67 الذي كان بمؤامرة أمريكية كبيرة للنيل من قدرة مصر، وعلى الرغم من أن هذا العدوان أدى إلى احتلال سيناء وأراض عربية أخرى، لكن إرادة الشعب المصري لم تهزم، ولا إرادة الرئيس عبد الناصر .
وما يميز شخص الزعيم خضوعه لإرادة شعبه، هذه الصفة الراسخة والكامنة في شخصية السيسي قادرة على الانتقال بمصر إلى مرحلة البناء الديمقراطي والاقتصادي . ثم إن السيسي يأتي للرئاسة في فترة ومرحلة تغير، وثورتين هدفهما التغيير الشامل، وإعادة بناء القوة بل واسترجاعها لتأخذ مصر دورها القيادي والمركزي والطبيعي . فهو لم يأت من خارج هاتين الثورتين بل هو نتاجهما، فهو ليس متسلقاً، ولا طامعاً، ولا مقتحماً لهما وأقصد بالثورة المصرية، ولذا فالعنصر الثاني والمهم والضروري في نجاحه أن الثورة والتغيير هما أحد مكونات شخصيته، إذاً، فهو ليس مجرد شخصية عسكرية بل شخصية ثورية مدنية في داخله . وهذا شرط ضروري لنجاح الثورة وأهدافها .
والنقطة الأخرى المهمة في اختيار هذه الشخصية ألا يجلس الشعب المصري وينتظر ماذا يمكن أن يقدم السيسي كرئيس، فعوامل النجاح تحتاج إلى تكاتف كل الشعب، والصبر على التحديات، وليس استعجال تحقيق كل المطالب بحركة أو قرار، فالسيسي في النهاية هو مواطن عادي، ومن أحد أحياء مصر الشعبية ، وقد تكون لذلك دلالة مهمة في تكوين بعد آخر من شخصيته وهو البعد الشعبي . السيسي يحتاج إلى تعاون الكل معه، من كفاءات وخبرات وعقول مصرية في الداخل والخارج، وهذه العقول كثيرة، وأن يحسن اختيار الكفاءات والخبرات والمستشارين، فهذه أولى الخطوت المهمة في تفعيل القرار، ويحتاج أيضاً إلى تفعيل دور الجامعات ومراكز البحث لترشيد لقرار السياسي، والفريق السيسي يدرك أنه لا يحمل عصا سيدنا موسى عليه السلام، فعصر النبوة والرسل انتهى .
القيادة الفردية ومهما كانت صفاتها وقدراتها لا تستطيع أن تنجح إلا بمن حولها، وبالتفاف الشعب حولها، وهذا أحد أسباب انتصار عبد الناصر على هزيمة حرب ،67 وإعادة بناء الجيش المصري، والتمهيد للعبور الكبير في حرب أكتوبر 73 المجيدة .
التحديات التي تنتظر الرئاسة كبيرة، ولعل أهمها أن يثبت السيسي أنه لم يأت للرئاسة من أجل حكم وسلطة، وهذه هي بدايات النجاح، فالرجل دائماً أكد أنه ليس من دعاة السلطة، ولكنها الإرادة الشعبية التي لا يستطيع أحد أن يتهرب منها، وفي هذا السياق يبرز التحدي الأول الذي يواجهه السيسي هو تحدي الحكم بأن يعمل على تأكيد مدنية الحكم ، وأن يكون دائماً منحازاً لإرادة شعبه، وفي بناء المؤسسات السياسية المدنية، وفي تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، وفي التمهيد والإعداد لخلق ثقافة المواطن الحاكم . وهذا معناه أن يعمل على ترجمة الدستور المصري على أرض الواقع وأن يحوله إلى أرقام اقتصادية واجتماعية تعبّر عن نفسها في الرقي والتطور .
أما التحديات الأخرى الاقتصادية والأمنية ومواجهة الإرهاب والنيل من مصر وهويتها، فهذا تحدي الشعب كله، ومع توافر قيادة صادقة وأمينة ومحبة لشعبها ستكون مصر قادرة على عبور كل هذه التحديات، فمصر عبر تاريخها انتصرت على القوى الإمبريالية عندما كانت في أوج قوتها وتوحدها شعباً وقيادة، ونجح عبدالناصر في بناء السد العالي، وفي كسر إرادة المستعمرين، وفي تأميم قناة السويس وجعلها ملكاً للشعب المصري وللأبد .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 59 / 2165493

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2165493 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010