الخميس 6 شباط (فبراير) 2014

أعطى السوريون لحاهم لغيرهم؟

الخميس 6 شباط (فبراير) 2014 par صالح عوض

فشل جنيف 2.. أجل إنه فشل، وهذا يعني بوضوح تدفق مزيد من الدم وانهيار البنايات والرعب والقتل سيحدث في سورية وأن نتائج المعارك الميدانية ستصبح هي الفيصل في فرض الشروط على طاولة المفاوضات القادمة.
لقد فشل جنيف 2 ليس فقط في وقف إطلاق النار او ترتيبات أمنية، بل فشل حتى في توفير مناخ مسؤول لحماية وصول المؤن والأغذية للمواطنين العاديين المعزولين في مناطق الحصار بلا أدنى وسيلة للحياة الآدمية .
لم ينته الأمريكان والغربيون بعد من وضع الخطوط التفصيلية لخرائط المنطقة واتجهوا لصناعة وهم استراحة المحارب وأظهروا لبعض الإقليم إن هناك استغناء عن صيغ أمنية سابقة، بل وأن هناك توجها لتخفيف الضغط على المنطقة بالدعوة إلى الديمقراطية في البلدان العربية وإلى حل سياسي في الملف الفلسطيني وأن هناك تنفيسا للاحتقانات في العلاقة مع إيران، وأن المنطقة تسير إلى ترتيبات مريحة.. الا ان هذه اللعبة سريعة الانكشاف عندما نفحصها بالوضع الفلسطيني والسوري واللبناني، فمن الواضح ان الأمريكان والإسرائيليين والغربيين يدركون أحجام القوى الإقليمية وأدوارها، ولكنهم يتفننون في كيفية تهميشها وصرف الأنظار عنها متى شاءوا وهم قادرون بلا شك في فرض قيادات سياسية والعمل معها في مخطط ما كما يحصل مع الوفد السوري لما يسمى بالائتلاف السوري، حيث لا قوة له على الأرض.
لقد فشل جنيف 2 وسيفشل جنيف 3 و4.. ولن يتم في هذه السلسلة من العمل السياسي إلا إرهاق الطرفين، كما في ساحة الحرب التي لن تسمح أمريكا بخروج أحد الطرفين مهزوما منها، اذ ان الاستنزاف والضغط كما هو الحال القائم سيظل هو المنطق المتحكم ميدانيا وهو المطلوب أمريكيا.. فالأمريكان لا يصنعون أزمة ليحلوها.. الأمريكان يصنعون الأزمة ليستثمروا فيها ويزودوا أطرافها بإمكانات الاستمرار المفيد لوجودهم في منطقة الصراع.. وفي هذه المعركة تظهر للأمريكان أهداف خفية لا يمنحها المتصارعون فرصة للنظر.. وككل حرب تظهر آثار جانبية، وأهداف جانبية، وقد تكون هي لدى المخطط الأمريكي أهداف جوهرية كأن يصار إلى ترحيل اللاجئين الفلسطينيين من حدود فلسطين إلى بلاد المنافي، ويخلُصون بذلك من همّ حق العودة للاجئين، هذا الهم الذي لم تستطع الحركة الصهيونية ولا المشاريع الغربية من احتوائه.
من نتائج هذه الحرب البشعة ما يصل إلى مسامعنا ونظرنا من مآس تلحق بالآمنين العزل والبلد الجميل، حيث يشترك الجميع بلا رحمة لجعل الحياة جحيما لا يطاق.. وهنا رغم ان الأزمة ليست إنسانية في جوهرها، إلا أن الجانب الإنساني الآن ينزع الشرعية والوجاهة عن كل الأطراف ويفتح على المجهول مستقبل البلد والمنطقة..
من كل ما سبق، لا بد من التأكيد على ضرورة ان يجلس السوريون إلى بعضهم البعض وأن يخرجوا من اللعبة كل الآخرين، وأن يتقابلوا لنزع ما في صدروهم من غل، ولا بد أن يبدوا من التنازل ما يكفي ليتوصلوا إلى حل يوقف الجحيم الذي يلتهم سوريا والمنطقة وليس سوى ذلك سبيل.. وتولانا الله برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 54 / 2165399

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165399 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010