الأحد 2 شباط (فبراير) 2014

الشرق أوسطية وأهدافها

الأحد 2 شباط (فبراير) 2014 par د. عبد العزيز المقالح

منذ عشر سنوات تقريباً، قرأت كتاب الإرهابي شيمون بيريز عن الشرق أوسطية، ولم يلفت انتباهي غير إشاعة هذه التسمية سوى محاولته تسويق كيانه الصهيوني واستعداد هذا الكيان ليكون في خدمة الدول الكبرى، والقيام بكل ما يمكّن المصطلح الآخر وهو “النظام العالمي الجديد” من الانتشار والتحقق على أرض الواقع .
لم أكن -يومئذ- أتوقّع أن الكتاب المشار إليه يسعى فيه صاحبه الإرهابي إلى المشاركة في وضع تصور لخريطة طريق للمنطقة تتماهى مع أحلام “دناصير” الهيمنة والحالمين بعودة الاستعمار القديم تحت لافتة جديدة ومسميات تختلف في مبناها وإن كانت لا تختلف في معناها . وهذا ما بدا واضحاً في المرحلة الراهنة ومن خلال الخطوات التي تتخذها الولايات المتحدة وأنصارها للإجهاز على ما تبقى من استقلالية بعض الشعوب المنتمية وفق تصوراتهم إلى الشرق الأوسط .
وفي إعادة قراءة كتاب شيمون بيريز في ضوء الأحداث والمستجدات التي تشهدها المنطقة، يتبين بوضوح الدور الذي من أجله تعاونت الدول الغربية في إنشاء هذا الكيان والسهر على حمايته وإمداده بالقوة المادية والمعنوية ليكون قادراً على القيام بالدور المطلوب من جهة وعلى تخويف وابتزاز من بجواره من شعوب المنطقة . وفي الكتاب رسائل وإشارات أكثر من واضحة إلى صانعي الكيان الصهيوني وحُماته وإشعارهم بأن هذا الكيان ماضٍ في خدمة الأهداف التي جيء به من أجل تحقيقها، وهو لا يتردد في وضع قدراته تحت تصرف القوة الراعية والداعمة، وإثبات نجاحه في الدفع بالشعوب القريبة منه والبعيدة، العربية وغير العربية للجوء إلى الولايات المتحدة لوضع حد لاعتداءاته وتحرشاته . وما من شك في أنه نجح في أداء هذه المهمة أيما نجاح . لكن شيمون بيريز هذا الإرهابي العتيق لم يحسن الرؤية إلى المستقبل، كعادة كل الواهمين، فلم يضع في تصوراته ما تتمتع به الشعوب من إرادات وما تسفر عنه الأحداث من مفاجآت تقلب رأس التكهنات والمخططات رأساً على عقب وهو ما يجعل من المستحيل وضع خارطة طريق تشمل منطقة واسعة هي قلب العالم، ويصعب تحت كل الظروف التحكم فيها أو السيطرة على مقدراتها الاقتصادية والسياسية .
ويمكن القول إن ثورات الربيع العربي -رغم كل الملاحظات المحيطة بها- قد ضربت مشروع الأوسطية والنظام الجديد في الصميم، وأحدثت حالة من الحيرة والبلبلة على مستوى العالم، وكانت الولايات المتحدة، وهي اللاعب الأكبر في المنطقة أكثر دول العالم حيرة تجاه ما حدث من متغيرات ظنتها في البداية من أجلها ولمصلحتها ثم اكتشفت حقيقة ما يقال من الرياح تجري بما لا تشتهي السفن المبحرة سواء نحو الغرب أو الشرق أو الجنوب أو الشمال .
والدليل على جسامة الحيرة وعمق الصدمة أن الولايات المتحدة بدأت في تغيير تحالفاتها والبحث عن تسويات جديدة للخلافات القائمة في المنطقة، كما بدأت تتقرب بشيء من الهوان مع من كانوا خصومها بالأمس، إضافة إلى ما تتعرض له من أزمات اقتصادية متلاحقة ومن منافسات دولية تهدد مكانتها كقطب أوحد لم يتمتع كثيراً بواحديته القطبية نتيجة المغامرات والقفز على شروط الواقع وما يفرضه من مسؤولية على من يطمح إلى زعامة العالم في زمن أفاقت فيه الشعوب من حالات الإغماء وخرجت من دائرة الانتماء القسري إلى المحاور المتصارعة، وصار في مقدور هذه الشعوب أن تبني نفسها وتحافظ على استقلالها وسيادتها بعيداً عن الاحتماء بالكبار الذين لم يعودوا كباراً إلاَّ بالوهم الذي يسكن في النفوس الضعيفة فاقدة الإرادة والثقة بما تمتلكه من قدرات على التحدي والمقاومة .
وتبقى إشارة بالغة الأهمية إلى العوامل التي أدت بالآخرين إلى اختيار مصطلح “شرق أوسطية” في محاولة لطمس مفهوم “الوطن العربي” و“العالم العربي” وهما المفهومان اللذان كانا قد شاعا في الوسائل الإعلامية العالمية، وهذا العامل غاب حتى عن الصحافة العربية وغيرها من وسائل الإعلام العربي التي أصبحت تردد المصطلح الغامض المريب من دون تبصر أو تحفظ



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010