الثلاثاء 28 كانون الثاني (يناير) 2014

سقوط خيار حل الدولتين

الثلاثاء 28 كانون الثاني (يناير) 2014 par د. فايز رشيد

حتى لو قامت السلطة الفلسطينية بتنفيذ الشروط “الإسرائيلية” كافة، فإن “إسرائيل” ستخترع شروطاً جديدة أخرى من النوع التعجيزي حتى تعطّل قيام دولة فلسطينية .لقد سبق لرابين أن تمنى بأن يصحو ذات يوم ويكون البحر قد ابتلع غزة! لسان حال نتنياهو يقول “لو أن الفلسطينيين يختفون من الدنيا” . “إسرائيل” لا تريد أن تكون للفلسطينيين دولة حتى لو كانت عبارة عن حكم ذاتي، ليس إلاّ . لا تريد أن يقوم لهم كيان، فكيف بدولة؟ لدى “إسرائيل” حساسية مرضية من الفلسطينيين ومن دولتهم العتيدة، لذلك فهي اخترعت مجموعة من الشروط الصعبة لتعطيل قيام مثل هكذا دولة . “إسرائيل” ترى في قيام دولة فلسطينية حتى لو منزوعة السيادة والصلاحيات، نقيضاً لها وعاملاً أساسياً سيلعب دوراً في إنهائها .
من أجل ذلك، ضمّت القدس وأسمتها “العاصمة الموحدة والأبدية”لإسرائيل“” وهي ترفض حق العودة رفضاً قاطعاً، حتى إرجاع بعض اللاجئين على قاعدة “لم شمل العائلات” ترفضه “إسرائيل” . لقد اقترح كلينتون ذلك من قبل . الاقتراح تبناه كيري في إحدى جولاته الأخيرة لكن تل أبيب رفضته . من أجل ذلك، اقترحت مبادلة أراضي المثلث في منطقة ،48 بأراضٍ فلسطينية تحوي تجمعات استيطانية كبيرة . هي سلفاً تدرك أن الفلسطينيين في قرى المثلث سيرفضون ذلك، وأن السلطة الفلسطينية لن تقبل هذا الاقتراح بأي حال من الأحوال، لأنه سوف يكون إذناً لبداية ترانسفير لسكان منطقة 48 من الفلسطينيين العرب . “إسرائيل” طرحت بدايةً ضم ثلاثة تجمعات استيطانية كبيرة في الضفة الغربية . منذ يومين فقط أضاف الكيان تجمعاً استيطانياً جديداً في منطقة رام الله، ويضم ثلاث مستوطنات هي: بيت إيل، بساغون، وعوفر، ووفقاً لإذاعة الجيش “الإسرائيلي”، فإن نتنياهو أبلغ جون كيري مؤخراً بهذا الاشتراط . التجمعات الاستيطانية الأربعة تضم ما ينوف على 400 ألف مستوطن .
من أجل منع قيام دولة فلسطينية منعاً شاملا، تصرّ “إسرائيل” على شرط جديد وضعته وهو تواجد عسكري “إسرائيلي” في منطقة الغور على الحدود بين الأردن والضفة الغربية . “إسرائيل” رفضت وجود قوات أمريكية أو دولية (مثلما اقترح كيري) وأصرّت وتصرّ على وجود الجيش “الإسرائيلي” في هذه المنطقة، الأمر الذي يعني دخول هذه القوات الأراضي الفلسطينية متى رأت ذلك ضرورياً . لا نكتب خيالاً، فقد سبق لشارون أن أعاد اجتياح الضفة الغربية في عام 2002 . ستمتلك “إسرائيل” أدنى سبب (إذا ما قبلت السلطة بهذا الأمر) لإعادة احتلال الأراضي الفلسطينية (مع أنها عملياً محتلة إذا ما تواجدت القوات “الإسرائيلية” في غور الأردن) بالمعنى الفعلي فإذا خرجت قوات الاحتلال من الباب فسوف تعود من الشباك .
“إسرائيل” حددت شرطاً جديداً لإجراء التسوية مع الفلسطينيين والعرب يتمثّل في ضرورة اعتراف الطرفين “بيهودية دولة”إسرائيل“”، الأمر الذي يعني موافقة فلسطينية وعربية على إجراء “إسرائيل” لترانسفير آخر لكافة أهلنا في منطقة ،48 والاعتراف يعني أيضاً صحة الأساطير التضليلية “الإسرائيلية” من أن “فلسطين هي الأرض التاريخية لليهود” و“شعب بلا أرض لأرض بلا شعب” وغيرها من الأكاذيب والافتراءات، الذي يعني أيضاً الاعتراف الفلسطيني والعربي بالتاريخ الصهيوني المزوّر للأرض الفلسطينية، وأنها لا تمت للعروبة والإسلام في أي شيء . وبداية لإمكان إجراء تسفير وتهجير جديدين للفلسطينيين، تقترح “إسرائيل” ضم منطقة المثلث إلى المناطق الفلسطينية (وليس إلى الدولة الفلسطينية والفرق كبير بين التعبيرين) .
من أجل قطع كل إمكان لقيام دولة فلسطينية يحاول المشرّعون “الإسرائيليون”، تحصين عدم تطرق المفاوضات إلى موضوعي القدس واللاجئين، بسن القوانين التي تحظر على رئيس الحكومة وأية حكومة قادمة وأية وفود “إسرائيلية” مفاوضة، أن تبحث في أيٍ من هذين الموضوعين على طاولة المفاوضات، إلا بموافقة من الكنيست، ولأن الميزان السياسي في “إسرائيل” يتوجّه بتسارع كبير نحو زيادة أعداد المتطرفين، فمن الاستحالة بمكان على أي كنيست جديد في “إسرائيل” الموافقة على بحث هذين الموضوعين على طاولة المفاوضات .من قبل قامت “إسرائيل” بضم مدينة القدس في عام 1967 في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ولذلك فإنها لا تقبل بطرح هذا الموضوع على بساط البحث . ربما في المستقبل القريب، وإذا ما جرى سنّ هذه القوانين في الكنيست سيصار إلى إحالتها على استفتاء شعبي يجعل من الاستحالة أيضاً مفاوضة “إسرائيل” بعدها على أيّ من النقاط هذه .
بالمعنى الفعلي، سقط خيار الدولتين بالرفض “الإسرائيلي” له . هذا الرفض يتعزز يوماً بعد يوم . كما أنه “بيهودية دولتها”، تقطع “إسرائيل” الطريق على حل الدولة الديمقراطية الواحدة أو الدولة ثنائية القومية مثلما يتصور وينادي البعض .
نقول، سقط حل الدولتين ليس بطريقة عفوية، وإنما اعتماد على وقائع كثيرة قلناها، وأخرى تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية متواصلة ومتكاملة، فالاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية بسبب الدفاع عن الأمن “الإسرائيلي” (مثلما تتذرع “إسرائيل”) قضيا على أية إمكانية عملية لقيام دولة فلسطينية، مثلما يقولون ويصفونها “قابلة للحياة” . يبقى القول، إن المناداة الفلسطينية والعربية بهذا الحل، هو مطلب تجاوزه الواقع، أي أنه أصبح من الخيال أو مجرد وهم ليس إلا، فالمطالبة لا تعدو كونها هروباً إلى الأمام وفراراً من استحقاقات الواقع .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 51 / 2178876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2178876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40