الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014

ناموا ولا تستيقظوا

الأحد 19 كانون الثاني (يناير) 2014 par عوني صادق

عقدت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤتمراً صحفياً يوم الأربعاء الماضي 15-1-،2014 في مقرها الكائن في مدينة البيرة، حضره من أعضائها كل من أمين السر ياسر عبد ربه، عبد الرحيم ملوح عن (الجبهة الشعبية)، تيسير خالد عن (الجبهة الديمقراطية)، صالح رأفت، وواصل أبو يوسف عن (جبهة التحرير الفلسطينية) . ودار الحديث حول “العملية السياسية”، والقرار الذي سبق للجنة أن اتخذته بشأن بدء الاتصالات للانضمام إلى المنظمات الدولية، وضرورة أن يتدخل “المجتمع الدولي” من أجل “إنقاذ العملية السياسية من المخاطر التي تعصف بها”!
في هذا المؤتمر جاء حديث عن سير المفاوضات وما وصلت إليه، حديث “العارف” بما يجري، فأوقع المواطن الفلسطيني فيما هو أكثر من الحيرة وأبعد من الإحباط، وهو الذي فقد ثقته بهذه القيادة ولم يعد يعرف كيف ينظر إليها، وعلى أي أساس يتعامل معها . فالتصريحات التي صدرت عن المشاركين في المؤتمر، والتي تصدر دائماً عن مسؤولين في السلطة، والفصائل الفلسطينية، أفضل ما ينطبق عليها ما قاله أمين سر اللجنة التنفيذية عن تصريحات رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، من حيث إن من يصدق نتنياهو “إما أنه يتمتع بدرجة عالية من السذاجة، أو بدرجة أعلى من التواطؤ”، علماً أن نتنياهو كثيراً ما يصدق في تصريحاته ويلتزم بها، عندما يتحدث عما يريده من المفاوضات، و“العملية السياسية”، و“اتفاق السلام” المنشود!
لنأخذ ما قاله ياسر عبد ربه في هذا المؤتمر نموذجاً:
قال: “نحن اليوم أمام مفصل، هل تكون هناك عملية سياسية جادة أم لا، وحتى الآن لا تؤجد مؤشرات على جدية هذه العملية، خاصة أنه يراد نسف الحقوق والاستعاضة عنها بمرجعيات جديدة، تهوي بالسقف الفلسطيني إلى أدنى مستوياته . .”!
ما قاله عبد ربه في الفقرة السابقة لا يحتاج من حيث مضمونه إلى تعليق، لكنه مثير حد الاستفزاز . فإن كان لا توجد حتى الآن “مؤشرات على جدية العملية”، فهل يطرح ذلك السؤال الذي رماه في وجه مستمعيه: “هل هناك عملية سياسية جادة أم لا”؟ وإذا كان المراد من هذه العملية “نسف الحقوق والاستعاضة عنها بمرجعيات جديدة تهوي بالسقف إلى أدنى مستوياته، وأن تستباح أرضنا . .”، فهل هناك مجال لهذا السؤال، وهل نفهم أن “السقف الفلسطيني” لم يصل بعد إلى “أدنى مستوياته”، ولماذا لم يتفضل عبد ربه على مستمعيه وأخبرهم أين هو هذا المستوى؟!
وقال عبد ربه أيضاً: “إسرائيل قالت وأوضحت على لسان أكثر من جهة مسؤولة فيها، إن الهدف من المفاوضات هو التفاوض وإطالة أمد المفاوضات، لكسب الوقت وخلق أمر واقع جديد لن تنفع أي مفاوضات في المستقبل لمعالجته أو تخطيه، وهذا جوهر الموقف الإسرائيلي”!
عجيب أمر أمين سر اللجنة التنفيذية! فإذا كان “جوهر الموقف الإسرائيلي” من المفاوضات، هو التفاوض لكسب الوقت وخلق واقع جديد لن تنفع لمعالجته في المستقبل أية مفاوضات، فلماذا تستمر السلطة في التفاوض، ولماذا توافق التنفيذية على استمراره؟! ألا يطيلون بذلك أمد المفاوضات، ويساعدون على خلق الواقع الجديد الذي تعمل على خلقه حكومة نتنياهو؟!
وقال عبد ربه أيضاً: “العملية السياسية تصطدم بحائط مسدود في ظل استمرار الاستيطان، والإجراءات التهويدية، وإصرار الحكومة”الإسرائيلية“على اشتراطاتها . . . وكل هذه الاشتراطات تفرغ الدولة الفلسطينية من مضمونها”!
سبحان الله! ألم يقل عبد ربه من قبل إنه “لا توجد مؤشرات على جدية العملية السياسية”؟ فلماذا التكرار حول الاستيطان والاشتراطات التي تضعها الحكومة “الإسرائيلية” لقبول “الدولة الفلسطينية”؟ وهل إذا توقف الاستيطان، مؤقتاً، سيسقط “الحائط المسدود” والاشتراطات الموضوعة على “الدولة الفلسطينية” فلا تفرغ من مضمونها؟ وماذا عن حق عودة اللاجئين، والقدس، و“يهودية الدولة”؟
والآن، كيف على المواطن الفلسطيني أن ينظر إلى أقوال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير “بدرجة عالية من السذاجة أم بدرجة أعلى من التواطؤ”؟ ويبدو أن عبد ربه لم يكن يتحدث باسمه وصفته وحدهما، بل كان يتحدث باسم “الجميع”: المنظمة والسلطة والفصائل، وربما يعتقد أنه تحدث باسم الشعب الفلسطيني كله! وإذا كان مفهوماً أن يتحدث باسم المنظمة والسلطة، فإن ممثلي الفصائل الممثلة في المنظمة أيدوا ما قاله في المؤتمر الصحفي .
من الواضح أن المنظمة وفصائلها ومعها السلطة الفلسطينية، لم تغادر مواقعها في المراهنة على “المجتمع الدولي”، و“الشرعية الدولية”، و“المنظمات الدولية”، وأن أحداً منها لم يخطر بباله خياراً آخر غير خيار المفاوضات وتنويعاته!
فمن جهته، قال عبدالرحيم ملوح، إن جميع فصائل المقاومة بما فيها (فتح) “ضد الاستمرار في المفاوضات، وتؤيد الذهاب للمنظمات الدولية”! كم من هذا الزعم صحيح؟ “جميع” فصائل المقاومة بما فيها (فتح) ضد الاستمرار في المفاوضات؟ وهل الحل في الذهاب إلى “المنظمات الدولية”؟
أما تيسير خالد، فقال: إنه “لا مجال لإهدار مزيد من الوقت في ضوء الممارسات الإسرائيلية”، وأنه لا حل “إلا عبر دعوة المجتمع الدولي إلى عقد مؤتمر دولي من أجل وضع آليات لتطبيق قرارات الشرعية الدولية”!
بعد المؤتمر الصحفي للجنة التنفيذية، يصح أن نقول: صح النوم!! لقد طال والله نومكم، وأنتم لم تستيقظوا بعد! ننصحكم بالعودة إليه، كما نصح الشاعر الحكيم أمثالكم من قبل، بقوله لهم:
ناموا ولا تستيقظوا، ما فاز إلا النوموا .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165415

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165415 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010