الكلمات وعلامات الأسى التي رسمها جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي، وإلى جانبه مبعوث اللجنة الرباعية الدولية الخاصة بالتسوية توني بلير، خلال تشييع مجرم الحرب “الإسرائيلي” أرييل شارون الاثنين الماضي، والمشاعر “الفياضة” التي عبر عنها الرجلان في خطابين أقل ما يمكن وصفهما بأنهما قمة في النفاق وتزوير الحقائق، وتضليل الوعي، تؤكد مجدداً أن الغرب عموماً لا يستطيع إلا ممارسة النفاق تجاه الكيان المحتل، وأن الولايات المتحدة وحليفها التابع مبعوث التسوية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق خصوصاً، لا يستطيعان إلا أن يتبنيا الكيان المحتل ومجرميه، ويغطياهم سياسياً ولوجستياً ومادياً منعاً لأي إدانة فعلية لكل جرائمهم ومجازرهم .
المسؤولان “المتأسرلان” اعتمرا قلنسوتين خلال مراسم تشييع أحد أشد الإرهابيين تطرفاً في التاريخ، والمسؤول عن سلسلة لا متناهية من الجرائم والمجازر، والذي خاض في الدم العربي والفلسطيني أطول فترة ممكنة من حياته، وبدلاً من أن يواجها نفسيهما بحقيقة أنهما يمنحان صفات مختلقة له، ويزعمان أنه ما لم يكن عليه يوماً، راحا يغدقان عبارات الثناء والإشادة، متناسيين ومغفلين أنهما إنما يوقّعان على آخر أوراق حجب الثقة عنهما وعما يمثلان .
الشعب الفلسطيني والشعوب العربية في مصر وسوريا ولبنان وغيرها، لن تنسى ولن تغفر لهذا الجزّار، ولن تسمح لأدعياء من أمثال بايدن وبلير ومن خلفهما في الولايات المتحدة والغرب، أن يمسحوا ذاكرتهم الجمعية، أو يزوروا وعيهم وتاريخهم الذي عايشوه هم ومن قبلهم، ورأوا بأم الأعين كيف أن كيان الاحتلال والعنصرية لم يتوقف يوماً عن مهمته في القتل وسلب الأرض واقتلاع مواطنيها الأصليين .
كل ذلك التزوير لا، ولن يشكل فرقاً أو يغير حقيقة، لكن الأنكى أن كثيراً من أصحاب الشأن لا يتحركون، وإن تحركوا بدت خطواتهم خفرة خجلى، واقتصرت على العبارات الممجوجة ذاتها، والإدانات الشفوية التي لا تقدّم ولا تؤخر، وذلك في الحقيقة ما يسمح لأدعياء الحفاظ على الحقوق والحريات وصون العدالة في العالم، باستمراء المضي في نفاقهم، مدفوعين أيضاً بأن الكيان المحتل لا يساوم ولا يجامل ولا يخضع لإملاءات، كونه من يضعها، ومن يرسم الخطوط الحمر، ومن يحدد سياسات تلك الدول تجاه هذه القضية الكبرى .
بلير جدّد أوراق اعتماده لدى الكيان، وبايدن أعطاه دفعة أخرى باتجاه التزمت والتعنت والتطرف أكثر، عندما شارك في تشييع كبير متطرفيه وصاحب السجل المكتوب بالدم، ولعل من نافل القول إن الرجلين لم يبقيا لدى أي كان أي أمل في كونهما أو قيادتهما مؤهلين للاستمرار في الوساطة في مسيرة التسوية، مع أن ذلك لا يعني أنهم كانوا قبل ذلك مؤهلين لها، لكنهم هذه المرة بالغوا كثيراً وكشفوا الأقنعة تماماً، وتركوا كل متابع يحار في توصيف هذه الحالة .
على الفلسطينيين وقيادتهم أن يلتفتوا جيداً لهذه الإشارات، فإصرار الغرب على حماية مجرمي الحرب “الإسرائيليين” ومرافقتهم حتى قبورهم مؤمّناً لهم الغطاء من الملاحقة وتحصيل الحقوق، يؤكد أنه ليس مؤهلاً لقيادة عملية سياسية، كونه إن لم يكن مجرماً فإنه مشارك في الجريمة، وهو طرف وليس وسيطاً .
mohamed.obeid@gmail.com
الخميس 16 كانون الثاني (يناير) 2014
نفاق غربي
الخميس 16 كانون الثاني (يناير) 2014
par
محمد عبيد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
11 /
2178757
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
13 من الزوار الآن
2178757 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 11