الاثنين 6 كانون الثاني (يناير) 2014

العراق يتقاطر دما..

الاثنين 6 كانون الثاني (يناير) 2014 par صالح عوض

فقد العرب قيمة الجغرافيا والمواقع الاستراتيجية في بلدانهم، ولم يعودوا قادرين على الاستماتة دون سقوط قلاعهم في مواجهة الغزوات التي تستهدف وجودهم الحضاري، بل الأسوأ من ذلك تطوع كثيرين للقيام بمهمات تخريب ذاتي يفقد الأمة ححصون المقاومة والصمود..

ومما لاشك فيه أن العراق هو أحد أعمدة الأمة الأساسية التي لاصمود لها بدونه.. وأنّ العبث بقيمته وأمنه واستقراره هو في حقيقة الأمر عبث بأمن الأمة واستقرارها، ونحن نعرف دور العراق في حركات التحرر العربية من الجزائر إلى فلسطين، حيث أعطى بسخاء وكان جيشه جاهزا للحرب ضد اسرائيل دوما قبل أن يخدعه حكام الخليج بحرب مجنونة ضد الثورة الإسلامية في إيران.

العراق الآن يتعرض لأبشع جريمة منظمة تقودها أجهزة أمنية إقليمية ودولية، وتشترك معها حكومة مغلقة بائسة إجرامية، وكل ذلك يسير لتفسيخ البلد وتدمير نسيجه الاجتماعي.

عندما يشن الجيش العراقي هجومه على الفلوجة والأنبار يقتحم ساحات الاعتصام ويحاول فرض سيطرته على الرمادي، إنما هو يقدم وصفة رديئة في كيفية التعامل مع مكونات المجتمع القوية.. مئات القتلى والجرحى وتخريب المنشآت والمؤسسات هي الحصيلة الأولية للعملية العسكرية التي يقوم بها الجيش العراقي.

لعل المالكي يتذكر تماما أن حكم الإعدام الذي صدر عن الرئيس العراقي السابق صدام حسين كان لتهمة قتل أشخاص من الدجيل هم أقل عددا مما يقع الآن بالرمادي والفلوجة والأنبار.. ولعله يدرك أنه يقوم الآن بهذه العملية العسكرية في ظل تفشي الروح الطائفية في المنطقة، مما يعزز روح الانقسام في المجتمع المرهق جراء الاحتلال الأمريكي، ومنهك بالقتل والتشريد والفساد الإداري والمالي.. ولعل المالكي يعرف أن شن حرب بهذه الطريقة يعني اندلاع الحرب في كل العراق شماله وجنوبه، ويعرف أن مثل هذه الحرب ستسمح لكثير من القوى الداخلية والخارجية المتربصة بالانقضاض على بقية الروابط الواهية في المجتمع، فتفتك بها وتقذف بالمجتمع في أتون التقسيم والضياع.

الفلوجة والأنبار وديالى هم أكرم أهل العراق معدنا، وأرفعهم شأنا وأكثرهم تحليا بأخلاق العروبة والإسلام، وهم من رفع رأس الأمة عاليا في مقارعتهم لجيوش أمريكا وعملائها، ولعل صمود الفلوجة أمام قصف الأمريكان وعصابات العلاوي دخل في سجل فخر الأمة باقتدار، وسيأتي اليوم الذي يتم تدريس صمود الأنبار وديالى والفلوجة في كتب الأطفال والكبار سواء.

الناس معتصمون.. ما الذي يضر المالكي؟؟ هل يريد المالكي أن يكون الناس عبيدا؟ هل يريد المالكي أن ينفي وجود الآخرين؟ هل يستطيع المالكي أن يغير طبيعة مجتمع متجانس بثقافاته وأعراقه منذ مئات السنين..؟ إنه لن يستطيع ولن يوّفق في هذه المهمة الشيطانية.. ما الذي يضره من اعتصام الناس سلميا يخطبون ويطالبون بحقوقهم والإفراج عن نسائهم من سجون المالكي والإفراج عن بنيهم المعتقلين بتهم ملفقة؟

وبدل أن يرسل لهم رسل السلام ويذهب السيئة بالحسنة، إذا به يكافيء أهل الفلوجة وديالى بحرب وقتل وتخريب وتدمير وهتك حرمات وإساءة لعلية القوم، وتفتيت للمتبقي من أواصر في مجتمع نهضت فيه روح الطائفية المقيتة.

نحن نعرف أن هناك قوى كثيرة تتحرك على الأرض مدفوعة من قوى إقليمية ودولية، وهي تزيد الأمور تعقيدا، وهي تقوم بجرائم ضد العراقيين بغض النظر عن مذهبهم وقوميتهم إلا أن هذا لا يصوغ أبدا هذا العنف والإجرام الذي يقوم به المالكي.

وهاهي الاستقالات من البرلمان العراقي تأتي لتؤكد اتساع الشرخ في المكون الاجتماعي والسياسي العراقي..معطية للمسألة بعدا أكثر خطورة.. ولن يجد المالكي نفسه في نهاية المطاف إلا حاكما على ثلة من المهووسين طلاب القتل والدم.

كم خسرنا ونحن نحسب أننا نحسن صنعا..؟ كم خسرنا ونحن ننهج أسلوب الانتقام والقتل وسفك الدم..؟ لقد كان بوسع العراقيين أن يطووا صفحة ويبدؤوا بأخوة ومحبة بعيدا عن الانتقام سبيلا لتعزيز الوحدة وتقوية البلد والالتفات إلى ما يفيد الناس كل الناس، فإن ما يجري هو جرائم حرب لن يغفرها التاريخ ولا الناس.. والله يتولانا برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2165876

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2165876 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010