السبت 4 كانون الثاني (يناير) 2014

عن أية مفاوضات يتحدث عباس؟

السبت 4 كانون الثاني (يناير) 2014 par د. فايز رشيد

أعلن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن المفاوضات مع الكيان الصهيوني ستستكمل مدتها (فترة التسعة أشهر التي حددتها الولايات المتحدة)، وأنه إن لزم الأمر يمكن التمديد بضعة أشهر أخرى، شريطة أن تكون هناك نتائج في الوقت الذي صادقت فيه اللجنة الوزارية “الإسرائيلية” على اقتراح عضو الكنيست ميري زيغيف من حزب الليكود، على ضم غور الأردن ومستوطناته إلى الكيان الصهيوني، كما استقبلت “إسرائيل”، كيري، في زيارته الأخيرة، بوضع حجر الأساس لمستوطنة جديدة في منطقة الغور .
تأكيد عباس على استكمال المفاوضات يأتي أيضاً في الوقت الذي طالب فيه صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية القيادة الفلسطينية بالتوجه للانضمام لهيئات ومؤسسات دولية، وكذلك التقدم بطلب عضوية كاملة لدولة فلسطين كدولة مستقلة داخل الهيئة العامة للأمم المتحدة في الحال، معتبراً أن المفاوضات مع الجانب “الإسرائيلي” قد فشلت فشلاً تاماً . معروف أنه ومنذ شهرين قدّم عريقات والوفد الفلسطيني المفاوض الاستقالة للرئيس عباس، لكن الأخير ضغط عليهم من أجل العودة عن الاستقالة . استكمال عباس للمفاوضات يأتي أيضاً في الوقت الذي أعلنت فيه مصادر السلطة ذاتها: بأن “إسرائيل” منذ استئناف المفاوضات قتلت 33 فلسطينياً، وطرحت عطاءات لبناء 5989 وحدة استيطانية، وهي على وشك الإعلان عن طرح عطاءات لبناء 1400 وحدة استيطانية جديدة، وفي الوقت الذي قامت فيه خلال الأشهر الأربعة الماضية بهدم 214 منشأة وبيتاً فلسطينياً . وفي الوقت الذي اعتقلت فيه ما ينوف عن 600 فلسطيني، أعلن نتنياهو أنه لن يعقد صفقات تسوية مع الفلسطينيين، إلا إذا اعترفوا “بيهودية دولة”إسرائيل" .
هذا في الوقت الذي يعلن فيه وزراء عديدون من حكومة الائتلاف الفاشي الصهيونية الحالية: بأنه وإذا ما جرى اقتراح طرح إنشاء دولة فلسطينية على مجلس الوزراء الحالي، فسيرفض قيام هذه الدولة، لأن الأغلبية الوزارية لا توافق على إنشائها .
من جانب آخر، لقد اتضح الموقف الأمريكي تماماً للقاصي والداني ومن جولات كيري في المنطقة (ومنها جولته الأخيرة) الذي يقوم بممارسة الضغوط على الجانب الفلسطيني، من أجل قبول المقترحات “الإسرائيلية” في التعامل بإيجابية مع مقترح وجود قوات “إسرائيلية” في منطقة غور الأردن، باعتبار هذا الوجود ضرورياً من أجل الأمن “الإسرائيلي”، لقد أعلن كيري عن نيته باقتراح اتفاق إطار للحل، ليس إلا . لقد طالب وزير الحرب الصهيوني موشيه يعلون بإبقاء كافة المستوطنات “الإسرائيلية” في الغور، وليس فقط إبقاء الجيش . أما مسؤول المكتب السياسي العسكري فيما يسمى وزارة الدفاع عاموس جلعاد، فقد قال في مقابلة له مع صحيفة “إسرائيل اليوم” (الجمعة 25 ديسمبر/كانون الأول الماضي): “إذا غادرنا أراضي الفلسطينيين فإن عمليات إحباط الإرهاب ستتضرر، لذا لن نقبل مطلقاً بأن يحل أحد محلنا” . معروف أيضاً أنه وطوال المفاوضات قامت “إسرائيل” بتصعيد استيطانها في القدس ومنطقتها، ولم تقم حتى بتجميد الاستيطان خلال أشهر المفاوضات، ورغم ذلك وافق عباس على استئناف المفاوضات . ووافق على اشتراط الولايات المتحدة عليه “بألا تتقدم السلطة بطلبات انضمام إلى المنظمات والهيئات التابعة للأمم المتحدة (ومنها محكمة الجنايات الدولية) ولا للجمعية العامة”بتحويل مقعد فلسطين فيها، من وضعية المراقب إلى العضو الدائم" .
رغم ذلك يصرّ رئيس السلطة الفلسطينية على إبقاء التفاوض مع الكيان الصهيوني حتى استكمال مدته المقرّرة! ماذا يحتاج عباس إلى خطوات إسرائيلية عدوانية أخرى حتى يقوم بقطع المفاوضات نهائياً؟ هل يحتاج إلى محاصرة المقاطعة واستباحة مناطق السلطة الفلسطينية مرّة أخرى؟ ندرك أن الاستباحة الصهيونية لرام الله وباقي المناطق قائمة في كل وقت وفي كل ساعة، ورغم ذلك يصر عباس على استكمال المفاوضات مع الجانب الصهيوني .
إن خيار السلطة في المفاوضات باعتبارها أمراً استراتيجياً وأسلوباً وحيداً لنيل الحقوق الفلسطينية، لن يؤدي إلا إلى ما نراه من استهانة وإذلال ليس لعباس وحده وإنما لكل الفلسطينيين المدركين بأن نهج المفاوضات مع هذه الدولة الصهيونية العدوانية، سيؤدي إلى مزيد من التنازلات الفلسطينية واحداً بعد الآخر .
في بداية تسلمه لمنصبه أصدر عباس فرامانات (قرارات) كثيرة باعتبار الأجهزة العسكرية لفصائل المقاومة منظمات غير مشروعة! وقام بجمع الأسلحة من الناشطين الفلسطينيين المقاومين تحت تهديد الاعتقال والسجن مدداً طويلة لمن لا يقوم بتسليم سلاحه . عباس اعتبر المقاومة المسلحة (إرهاباً) وكأنها غير مشروعة من جانب الأمم المتحدة وبقرارات واضحة، تتيح للشعوب المحتلة أراضيها والمغتصبة إرادتها مقاومة المحتلين ومغتصبي إرادات الشعوب، بكل الوسائل والسبل بما في ذلك الكفاح المسلح! عباس استعاض عن المقاومة المسلحة بالمقاومة الشعبية غير المسلحة! بالطبع فهو أعلن موقفه الرافض حتى للانتفاضة المسلحة .
عباس قد لا يدرك حقيقة “إسرائيل” وهذه مصيبة، وإن كان يدرك حقيقتها وأنها لن ترضخ إلا لقوة المقاومة،، ولا يفعل من أجل ذلك شيئاً، فالمصيبة أعظم . ما يزيد على العشرين عاماً من التفاوض مع دولة الكيان العدوانية، لم تؤد إلا إلى تراجع المشروع الوطني الفلسطيني محلياً وعربياً ودولياً، ولم تؤد إلا إلى مزيد من الاشتراطات “الإسرائيلية” ورغم ذلك يعلن أن خيار المفاوضات هو خياره الوحيد مع الكيان الصهيوني، وأن لا خيار آخر أمام الفلسطينيين! شعبنا ملّ المفاوضات وهو مع المقاومة المسلحة ونهجها وشعبنا يرفض إذلال “إسرائيل” له رفضاً مطلقاً . لأنه مقتنع حتى النخاع، أن نيل حقوقنا الوطنية لن يتم بالمفاوضات بل بمقاومة هذا المشروع الاستيطاني الاقتلاعي العنصري حتى زواله نهائياً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165632

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165632 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010