الثلاثاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013

هل من جديد في العام الجديد؟

الثلاثاء 31 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par عوني صادق

تعب الفلسطينيون من العد وانتظار الجديد الذي لا يأتي مع بداية كل عام، بل إن ما حصلوا عليه بعد كل انتظاراتهم جعلهم يتخوفون من كل جديد، فجديد الأعوام الماضية كان دائماً أسوأ من قديمها، وليس من بوادر أو مؤشرات على أن “جديد” هذا العام سيكون أفضل من “الجديد” الذي حمله لهم العام المنصرم .
ثلاثة أخبار رئيسية تصدرت الأخبار، فيما كان العام المحتضر في لحظاته الأخيرة، وحملتها معها بداية العام الجديد، وهي: زيارة قريبة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى فلسطين المحتلة، وإعلان رسمي من الحكومة “الإسرائيلية” عن عطاءات لبناء (1400) وحدة استيطانية جديدة، مع التأكيد على مواصلة البناء، وإطلاق سراح الدفعة الثالثة من (104) سجناء تم الاتفاق بشأنهم، كانوا نوعاً من “الترضية” للسلطة الفلسطينية لتبرير موافقتها على استئناف المفاوضات . ومع هذه الأخبار الثلاثة، خبر رابع كان موجوداً طوال الشهور الستة الأخيرة يختزل “الجو العام”، ويفيد بارتفاع مستوى العنف “الإسرائيلي”، وارتفاع منسوب “العمليات الفردية” التي ينفذها فلسطينيون “مستقلون” ضد الجيش “الإسرائيلي” والمستوطنين .
بالنسبة لزيارة كيري، وهي العاشرة في سلسلة زياراته منذ تسلم مهام وزارة الخارجية، يقال إنها قد تشهد الإعلان عن التوصل إلى “اتفاق إطار” بشأن “قضايا الحل النهائي” . ومع أن اتفاقاً كهذا لن يحقق شيئاً سوى تمديد المفاوضات على نحو مبكر، لأنه ما زال أمام المتفاوضين ثلاثة أشهر لانتهاء المدة الممنوحة لهم، فإن هواة التمديد قد يرون أن لا داعي للاستعجال إن كانت الأطراف مستعدة للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق! وهذا يعني ببساطة أن زيارة كيري يمكن أن تكون استمراراً لسابقاتها بلا أي جديد، ولن يغير العدد الكبير للوفد المرافق للوزير من هذه النتيجة! وقد كتب شالوم يروشالمي، المعلق في صحيفة “معاريف” حول هذا الموضوع يقول: “اتفاق الإطار الذي سيعرضه الأمريكيون على”إسرائيل“والفلسطينيين الشهر المقبل لن يعنى بالموضوعات الجوهرية للنزاع: القدس، المستوطنات، حق العودة، أو الحدود النهائية”، ويضيف: “اتفاق الإطار سيضع الأسس لمواصلة البحث بين الطرفين كي لا تتفكك الصفقة الآن . إنه تفاوض من أجل التفاوض”! وهكذا لن يكون في هذه الزيارة ما هو جيد، أو جديد .
أما بالنسبة لإعلان الحكومة “الإسرائيلية” عن تقديم العطاءات لبناء (1400) وحدة استيطانية جديدة، منها (600- 700 وحدة) ستكون في القدس، فهو أيضاً ليس جديداً بالنسبة لأي طرف معني بالأمر، لكنه يظهر مجدداً مدى استهانة نتنياهو وحكومته بطلبات كيري وإدارة أوباما، وبتهديدات الاتحاد الأوروبي وحكوماته، المطالبة بضرورة وقف عمليات الاستيطان التي تعرقل، في رأيهم، نجاح المفاوضات . أما محاولة ربط مواصلة العمليات الاستيطانية بقضية الإفراج عن أسرى ما قبل أوسلو فقد تنفع لإسكات المستوطنين، لكنها لم تنفع في وقف انتقادات بعض وزراء نتنياهو نفسه الذين يرون أن القضيتين مختلفتان، وهي من باب أولى ألا تنفع في وقف الانتقادات الأوروبية، فضلاً عن أنها لا تجعل السجناء المفرج عنهم، والفلسطينيين عموماً، مستعدين ليقبلوا مقايضة الأرض بإطلاق سراح جزء صغير من الأسرى، خصوصاً إذا تذكرنا أن في السجون “الإسرائيلية” ما يزيد على ستة آلاف سجين فلسطيني . بكلمة أخرى، ليس هنا أيضاً ما هو جيد، أو جديد .
وقبل الولوج إلى “الجو العام” الذي يحيط بالتحرك الدبلوماسي الأمريكي والإجراءات “الإسرائيلية” على الأرض، وما يتركه عقم الأول وخطورة الثانية على الواقع الفلسطيني، لا بد من التوقف السريع أمام مشكلة “الانقسام الفلسطيني” الذي لا يختلف كثيراً في مماطلاته وانعكاساته على الواقع الفلسطيني من سابقيه . فمثلما يتكرر الحديث عن أن هدف المفاوضات هو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية في إطار “حل الدولتين” و . . الخ، يتكرر الحديث عن ضرورة تحقيق “المصالحة” وتنفيذ قرارات القاهرة و . . الخ، ومثلما لا تقدم يتم إحرازه هناك، لا تقدم يتم إحرازه هنا، والنتيجة في الحالتين لا تزال منذ سنوات دوراناً في الفراغ .
وطبيعي أن تنتج أوضاع كهذه، سواء في المفاوضات مع “الإسرائيليين”، أو في العلاقات الفلسطينية - الفلسطينية، حالات من الإحباط والاقتناع بعبثية المفاوضات والطريق الدبلوماسي، وأيضاً بعدم جدوى الكلام الفلسطيني الكثير عن المقاومة والتحرير، تغذيها حالات القهر السياسي والاقتصادي اللذين يتعرض لها المواطن الفلسطيني في رام الله وغزة من سلطات الاحتلال ومن غيره على حد سواء . ومما لا شك فيه أن هذه الأوضاع كانت وراء ما تسميه الأجهزة الأمنية “الإسرائيلية”، “ظاهرة العمليات الفردية” التي ينفذها فلسطينيون لا ينتمون، وغير مرتبطين بمنظمات فلسطينية معروفة . وبينما يرى بعض المحللين ورجال الأمن “الإسرائيليين” أن هذه “الظاهرة” هي مقدمة لانتفاضة قادمة، الأمر الذي يفرض العمل لوأدها منذ الآن بواسطة العمليات العسكرية الكبيرة وتعزيز الردع، يرى آخرون أنها ليست أكثر من “فشات خلق” ينفذها أفراد بلغ بهم الضيق واليأس مبلغه لكنها لا تشير إلى موقف سياسي متبلور وراءها! وهناك
طرف ثالث يرى أنه ما دامت المصالح بين الحكومة “الإسرائيلية” والسلطة الفلسطينية متشابكة، فلا فرصة أمام انتفاضة ثالثة! ومرة أخرى، ليس في هذا الحديث عن الانتفاضة و“منسوب العنف” المتزايد على الجانبين أي جديد . إنه حديث قديم، وإذا كان فيه ما يمكن أن يعتبر جديداً، فهو ما لاحظه المراقبون من أن هذه الزيادة جاءت بعد استئناف المفاوضات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165349

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165349 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010