خطوة واحدة فقط

إنها خطوة واحدة فقط ونصبح قادرين على طمأنة الأجيال بأن لهم مستقبلا زاهرا من الأمن والاستقرار والرفاه والعزة والكرامة.. خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح الإيجابي ونمسك بزمام التاريخ، نركب صهوته بكل اقتدار، مستأنفين حياة أسس لها السابقون بوعي وعلم وعمل صالح.

الخطوة الواحدة هي أن نقرر أن غذاءنا ودواءنا وسلاحنا يجب أن ننتجه نحن ونعتبر ذلك قضية وطنية وقومية وحضارية بامتياز.. وهذا يستدعي تضحيات على مستوى كماليات كثيرة على صعيد الاشخاص والدولة. أما أن تظل شعوبنا تتلقى من الحكومات حليبا طازجا من ضرع لا ينضب وبلا عناء أو بذل جهود، فإن هذا لعمري يضر بشعوبنا أكثر ما ينفعها.. أو أن الحكومات تنشغل دوما بما يسكت الشعوب ويجمد انتقاداتها ويصبح المصروف من المال في غير وجهته أكثر مما هو مقرر لجوانب استراتيجية، فإن هذا ليس بقادر على إقناع الناس على المدى البعيد. كما أنه يسير في مضيعة الوقت.

وحتى تكون الخطوة هذه في الاتجاه السليم، لا بد أن نقيم أوضاعنا تقييما علميا. وهذا يستدعي معرفة احتياجاتنا وإمكاناتنا وقدرتنا على توفيرها، الأمر الذي يفتح علينا أبوابا من العمل المحلي والإقليمي والدولي على قاعدة الاستقلال والتحكم في توجيه الثروة وبناء قاعدة اقتصادية صناعية وتجارية وزراعية لا يمكن أن تكون حقيقية وذات مردود دون أن نوسع دائرة الاهتمام في هذه العناوين.. يعني أنه لا بد من إيجاد الفضاء الملائم الذي يوفر الشروط الضرورية لتحقيق ذلك.

هذا يعني أن نمد الجسور بين بلاد العرب والمسلمين، نستفيد من الخبرات، ونتكامل في مجالات الخبرة والتحقق من البناء التكنلوجي والاقتصادي. وهكذا تكون تفسيرات التقاء العرب ومؤتمراتهم ذات وجاهة.. وهذه قيمة فاعلة في حياة الشعب والأمة من غير المسموح تغييب فاعليتها.

أما أن تصبح مؤتمراتنا على صعيد الدول العربية أو على الصعيد الإقليمي كما هو مجلس التعاون الخليجي لا تنشغل إلا بما يلقى عليها من أسئلة من قبل الأمريكان والغربيين فتقدم أغطية سياسية وإعلامية لعدوان أمريكي على العراق وليبيا وسوريا وإيران وأن تقدم صيغ تسووية للقضية الفلسطينية ذليلة ومهينة.. أن تصبح مجالسنا ونوادينا فقط لتأجيج الصراعات الداخلية تحت مسميات عديدة وبحجج كثيرة، فإن هذا يعني أننا نسير في طريق الجهالة والذلة والهوان.

خطوة أولى فقط لنخرج من دائرة التيه ونمسك بتلابيب طريق الفوز والنجاح.. خطوة أولى تحتاج إلى رجال أولي عزم ورأي.. وتحتاج إلى ثقافة تحميها، ثقافة النضال والتوحد والتفاؤل والغيرة الوطنية والقومية والإسلامية.. خطوة أولى ولكنها مضبوطة بمعيارية واضحة وبضمانات علمية موزونة وبإرادة شجاعة.. خطوة لنصنع سلاحنا ونصنع دواءنا وننتج غذاءنا وكساءنا بل ونجعل من هذا كله مادة إنتاج نقايض بها دولا وأسواقا بما سيحقق لنا الوفرة.. خطوة تعزز وحدتنا وتستأنف بنا مسيرتنا الحضارية لنسد على الطامعين الأفاقين والمنافقين دروب الاختراق.. والله يتولانا برحمته.