الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2013

الأوربيون يستنفرون..

الأحد 8 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par صالح عوض

قبل عدة أشهر حضر أحد قادة الجهاد المصريين، وكان قد قضى في السجون المصرية ما يزيد عن عشرين عاما، في لقاء تلفزيوني، ليتحدث عن مستقبل الأحداث في سوريا. ومما جاء على لسانه أن المقاتلين في الجماعات المسلحة في سوريا لن يجدوا أمامهم في نهاية الأمر إلا السجن في سجون أوربية أو أمريكية أو القتل. تماما كما حدث لأمثالهم في أفغانستان، حيث كان يتم حشدهم في قتال السوفييت برضا الأنظمة العربية وبإشراف من أمراء سعوديين وبتسهيلات أوربية فائقة. وضرب أمثلة عن سخاء الأوربيين معهم أثناء الحرب على السوفيت.. ولكن بعد أن انتهت الحرب، كما يقول هذا المسؤول، وجدت نفسي في سجن مصري يتم التحقيق معي وأقبع فيه لمدة عشرين عاما. وأما سواي فهم إما قيدوا إلى ڤوانتانامو أو سجون بلادهم أو تمت تصفيتهم.
الآن وما قبل نهاية الفصل الأخير في سوريا، أي قبل إغلاق الملف السوري على وجهة تقتنع بها الإدارات الغربية ضمن المعطيات الجديدة.. الآن بدأت وسائل الإعلام الغربية الرسمية وشبه الرسمية تتحدث عن مستقبل الجماعات المسلحة، لا سيما تلك التي جلبت أفرادها من دول أوربية.. وحلت العديد من اللجان الأمنية والسياسية الغربية في دمشق تتباحث مع الدولة السورية حول السيناريو الممكن تبنيه في كف أذى هذه الجماعات عن الدول الغربية. ويكون النظام السوري قد وجد فرصة سياسية وأمنية جديدة في حشد الموقف الدولي ضد الجماعات المسلحة ومن يقف خلفها.
تفيد الأخبار من جهة أخرى بأن هناك معارك طاحنة بين هذه الجماعات والجيش السوري في أكثر من جبهة. ويتحدث الطرفان عن ضرورة الحسم خلال الأيام القادمة القليلة. ولعل ذلك مرتبط تماما بما يمكن أن يكون في جنيف 2 بعد أن تم تحديد ميقاته.. وهنا يكمن الخوف الغربي.. يخشى الغربيون من أن يستطيع الجيش السوري حسم المعركة، وحينذاك سيضطر كثير من المسلحين إلى الانسحاب والخروج من سوريا. وهنا تحدث المشكلة بالنسبة إلى الإدارات الغربية. أما إذا لم يستطع الجيش السوري حسم المعركة فسيظل الغربيون في قلق من مستقبلها على مصالح استراتيجية لهم في المنطقة، لا سيما من جهة فوضى السلاح التي قد تسمح بتفلت بعضه ضد إسرائيل في حرب عصابات.
الإدارة الأمريكية والإدارات الغربية تضحي سريعا بخيلها وأدواتها عندما تشعر بضرورة التخفف من بلاء قد يحل بها بسببها.. وهي قدمت نماذج كثيرة بالانسحاب من ميدان المعركة مخلفة الحلفاء والأدوات.. لهذا سيكون ملف الجماعات المسلحة هو مادة التواصل الأمني بين النظام السوري والإدرات الغربية كمقدمة لتواصل سياسي محتمل أن يتنامى في الأسابيع القادمة.
وهكذا تتجلى المعارك الداخلية في الأمة، مهما كانت شعاراتها على أبشع نتيجة أن من لا يقتله الصاروخ والقنبلة والقذيفة والرصاصة فسيقضي في السجن أو مطاردا بقية حياته.. ولن تنتهي المشكلة لأن العنف لا يحل بعنف ولأن طريق الإصلاح لا يبدأ بتخريب الأوطان.. والله يتولانا برحمته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 53 / 2165538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2165538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010