الجمعة 6 كانون الأول (ديسمبر) 2013

اتفاق إيران والغرب .. إلى أين؟!

الجمعة 6 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par سامي حامد

أثار الاتفاق بين إيران ومجموعة “خمسة زائد واحد” في جنيف مؤخرا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني جدلا واسعا وردود أفعال متضاربة .. فهناك من رأى أن هذا الاتفاق أرضى جميع الأطراف والجميع خرج لا خاسر فيه أو مهزوم، بينما البعض الآخر اعتبر هذا الاتفاق مجرد هدنة واختبار للنوايا الإيرانية حول استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية فقط .. وهناك من اعتبر الاتفاق انتصارا لطهران التي أجبرت الغرب أخيرا على تعليق جزء من العقوبات المفروضة عليها بدلا من فرض عقوبات جديدة .. وحدها إسرائيل التي أثار هذا الاتفاق قلقها واعتبرته سلاحا موجها ضدها وبأن الحليف الأكبر لها “الولايات المتحدة” تخلى عنها وعقد صفقة مع طهران!!
اتفاق جنيف بين إيران والغرب يتضمن تعهد طهران بوقف تخصيب اليورانيوم عند نسبة 5% والتخلص من كمية اليورانيوم المخصبة إلى نسبة 20% ووقف أي تطوير لقدرات تخصيب اليورانيوم ووقف أي نشاط في مفاعل “أراك” خلال الستة أشهر المقبلة مع السماح بشفافية تامة لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش المفاجئ واليومي لمنشآت إيران النووية .. كل هذا مقابل عدم فرض أي عقوبات جديدة على طهران طالما التزمت بهذا الاتفاق مع تعليق العمل بعقوبات محددة مثل العقوبات على التعامل في الذهب والمعادن وقطاع الغذاء والدواء والسيارات وقطع الغيار للطائرات الإيرانية .. وبموجب هذا الاتفاق ستحصل طهران على 7 مليارات دولار في صورة سلع إنسانية وقطع غيار ضرورية وغيرها، بينما ستبقى العقوبات مفروضة على مبيعات النفط الإيراني ولن يسمح بزيادة الصادرات!!
لقد نجحت الدبلوماسية الإيرانية في كبح جماح الغرب تجاه موقفه المتشدد من البرنامج النووي الإيراني؛ فبنود الاتفاق لا تمنع طهران من مواصلة برنامجها النووي للأغراض السلمية، وهذا ما تريده خاصة وأنه لم يثبت حتى الآن أن إيران لديها برنامج نووي لحيازة الأسلحة الذرية، والمقصود من وراء هذا الاتفاق هو دفع طهران إلى توقيع “البروتوكول الإضافي” الذي يسمح بتفتيش أي موقع مشتبه به حتى لو كان موقعا عسكريا .. وكانت إيران قد سمحت من قبل بهذا الأمر بشكل ودي حين أتاحت للمفتشين الدوليين زيارة موقع “بارشين” ومفاعل “أراك” الذي يستخلص البلوتونيوم من الماء الثقيل، وهو مفاعل كان على وشك التشغيل!!
ويمكن القول إن الستة أشهر المقبلة “مدة اتفاق جنيف” ستكون بمثابة جس نبض واختبار كل طرف للطرف الآخر .. فلو سارت الأمور على ما يرام سيكون هناك تعاون أكبر بين إيران والغرب ليسدل الستار على أزمة البرنامج النووي الإيراني الذي عانت طهران بسببه سنوات عديدة نتيجة فرض العقوبات عليها ما أثر بالسلب على اقتصادها، بينما هذا الاتفاق كسر عزلتها المفروضة منذ العام 1979 وأوقف جزئيا العقوبات المفروضة عليها .. كما أن هذا المناخ الذي سيسمح لطهران بمواصلة برنامجها النووي سيخلق وضعا جديدا بالمنطقة العربية وسيشجع العديد من دول المنطقة للدخول في مشاريع نووية لاستخدامها في الأغراض السلمية مثلما حدث في مصر “مشروع الضبعة”، كما تردد أن السعودية تنوي إقامة مدينة متكاملة للطاقة النووية، بينما بدأت الإمارات برنامجا طموحا ونفس الحال في الأردن التي تعاقدت على مفاعلين!!
يبقى السؤال: هل ستلتزم طهران ببنود هذا الاتفاق وتوقف العمل بمفاعل “أراك” ووقف تخصيب اليورانيوم عند 5% وعدم إنتاج البلوتونيوم المشع الذي يستخدم في إنتاج الأسلحة النووية وعدم إضافة أجهزة طرد مركزي جديدة؟! تلك الأسئلة هي التي تثير مخاوف إسرائيل وقلقها، فهي الوحيدة التي انتقدت اتفاق جنيف واعتبرته انتصارا لإيران على الغرب وبأن طهران نجحت في استثمار فشل الرئيس الأميركي باراك أوباما داخليا وخارجيا واستغلت لهفته إلى أي صفقة .. بل وراحت الصحافة الإسرائيلية تكشف النقاب عن حدة التوتر بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ونقلت القناة السابعة الإسرائيلية عن مسؤولين أميركيين تأكيدهم أن أوباما كلف وزير خارجيته جون كيري بالرد على أي مكالمات هاتفية من جانب نتنياهو لعدم رغبته في التحدث إليه في الوقت الراهن!!
انتقاد إسرائيل لاتفاق جنيف دفع الولايات المتحدة لطمأنة حلفائها في منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسهم تل أبيب بالطبع حيث يقوم وزير الخارجية الأميركي جون كيري بجولة في الشرق الأوسط التقى خلالها برئيس الوزراء الإسرائيلي لطمأنته بشأن الاتفاق مع إيران حول ملفها النووي .. وكانت الصحافة الأميركية قد أشارت إلى أن الريئس أوباما طالب نتنياهو بالكف عن الشكوى من هذا الاتفاق وطرح عليه إرسال وفد إلى واشنطن للتباحث حول هذا الاتفاق وتداعياته، في الوقت الذي ظل فيه مسؤولون إسرائيليون يرددون أن هذا الاتفاق لن يمنع طهران من الحصول على القنبلة النووية!!
الرئيس الإيراني حسن روحاني استبعد تفكيك المنشآت النووية في بلاده، معتبرا هذا الأمر خطا أحمر ينبغي ألا تتجاوزه حكومته، وألمح في مقابلة مع صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إلى إمكانية أن تشهد العلاقات بين طهران وواشنطن تحسنا في المرحلة المقبلة، معتبرا المشاكل بين البلدين معقدة للغاية ولا يمكن حلها في وقت قصير .. ويبدو أن هذا التحسن المتوقع في العلاقات الإيرانية ـ الأميركية هو ما يقلق إسرائيل في الأصل وليس اتفاق جنيف .. فضلا عن أنه يقلق أيضا دولا أخرى في منطقة الشرق الأوسط تخشى من أن يؤثر هذا التقارب على مصالحها في المنطقة أو يمثل تهديدا لأمنها القومي!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 35 / 2165543

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2165543 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010