الأربعاء 4 كانون الأول (ديسمبر) 2013

عندما صفق وزراء خارجية عرب بحرارة لبيريس في مؤتمر “امني” في ابو ظبي

الأربعاء 4 كانون الأول (ديسمبر) 2013 par عبدالباري عطوان

انتظرنا يومين لعلنا نسمع تكذيبا من دولة الامارات العربية المتحدة لما نشرته صحيفة “يديعوت احرونوت|” الاسرائيلية عن مشاركة شمعون بيريس في افتتاح مؤتمر امني انعقد في مدينة ابو ظبي قبل اسبوعين بحضور 29 من وزراء خارجية عرب ومسلمين، ولكن انتظارنا جاء دون اي فائدة الامر الذي يرجح صحة ما ذكرته الصحيفة، مثلما يؤكد ان مخاوفنا من مرحلة تطبيع تدريجي بين دول خليجية واسرائيل قد بدأت، ويمكن ان تتطور على شكل حلف جديد في مواجهة ايران بعد تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الخليجيين وتهميشهم، وتوقيع اتفاق نووي مع طهران.
التطبيع مع اسرائيل يبدأ دائما باستضافة بيريس باعتباره “حمامة” سلام، وشخصية معتدلة، هكذا فعلت دولة قطر عندما دعته الى الدوحة قبل 15 عاما، وتمشى على كورنيشها الشهير، والتقى المواطنين القطريين والتقاط الصور التذكارية معهم، وهكذا فعل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني عندما استضافه ايضا في قمة اقتصادية انعقدت في الدار البيضاء تحت عنوان السلام الاقتصادي.
الافت ان المجموعة اليهودية نفسها التي ورطت العرب والفلسطينيين في اتفاقات السلام، والمبادرة العربية، مثل مارتين انديك، وتوماس فريدمان الكاتب المعروف كانوا متواجدين في المؤتمر الى جانب تيري لارسن مبعوث الامين العام للامم المتحدة الذي استضاف بيريس عبر “الفيديو كونفرس″ في افتتاح المؤتمر المذكور، ووصفه الرئيس الراحل ياسر عرفات بانه اسرائيلي اكثر من الاسرائيليين.
الصحيفة الاسرائيلية قالت ان وزراء الخارجية العرب الذين حضروا المؤتمر، ومن بينهم وزراء الامارات وقطر والبحرين وسلطنة عمان والاردن صفقوا بحرارة لبيريس عندما تحدث عن التهديد الايراني المشترك للمنطقة، مما يؤكد ما قاله بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي اكثر من مرة عن وجود اتصالات بين اسرائيل ودول خليجية قلقة من الاتفاق النووي الايراني مع الدول الست العظمى وان هذه الدول
تؤيد ضربة اسرائيلية عسكرية لايران.
***
لا نستغرب بل لا نستبعد، ان يكون الحلف الخليجي الاسرائيلي الذي يقوم على اساس نظرية “عدو عدوي صديقي” بدأ مرحلة التبلور، حيث تحل اسرائيل محل الولايات المتحدة كحامية لدول الخليج وبديل لامريكا، فمعظم الدول الخليجية لم تعد ترى في اسرائيل خطرا بل حليفا، وقد تعرضت شخصيا لصدمة حقيقة عندما طالعت ردودا على “التويتر” على تغريدة لي تقول انه اذا كان الخيار للعرب بين التحالف مع ايران ضد اسرائيل، او بين التحالف مع اسرائيل ضد ايران فان عليهم اختيار التحالف الاول اي ضد ايران دون تردد، مصدر الصدمة ان رجال المباحث، وبعض المتابعين العرب، والخليجيين منهم، بالذات فضلوا التحالف مع اسرائيل ضد ايران وخطأوني في رأيي ناهيك عن السباب والشتائم.
اسرائيل لن تقدم مظلة امان للدول الخليجية، ولن تستطيع هزيمة ايران وحدها، وحتى لو هزمتها فان هذه الدول ستكون الخاسر الاكبر، لان الانتصار العسكري لا يعني حسم الحرب، بل اطلاق شرارة بدايتها، ولنا في العراق وافغانستان خير مثال.
لجوء اسرائيل للخيار العسكري ضد ايران بعد تراجع ادارة اوباما سيكون كارثة تدفع ثمنها دول الخليج من امنها واستقرارها، لانها بمثل هذا التحالف مع اسرائيل ستعطي مبررا لاي رد فعل انتقامي ايراني، وتضفي عليه الشرعية الوطنية والدينية والاخلاقية، فيكفي ان تضرب ايران، اذا ما تعرضت لعدوان اسرائيلي مدعوم خليجيا، محطات الكهرباء وتحلية المياه لكي تشلّ هذه البلدان وتحولها الى جحيم لا يطاق، وايران قادرة على ذلك، كليا او جزئيا، بما تملكه من ترسانه هائلة من الصواريخ والقوارب الانتحارية الصغيرة التي لا ترصدها الرادارات.
الحكومات الخليجية باقترابها من اسرائيل تلعب بالنار في رأينا وتقدم على مقامرة خطيرة جدا، بمجرد التفكير في وضع بيضها في السلة الاسرائيلية، فامريكا لم تجنح للسلم مع ايران الا بعد ادراكها بان الحلول العسكرية لمنشآتها النووية مكلفة جدا، وغير مضمونة النجاح ولها اعراض جانبية كارثية.
شمعون بيريس الذي اعطي المنصة لمخاطبة مؤتمر امني خليجي وحظي بتصفيق حار، اكبر ثعلب مخادع في المنطقة، وقد ارتكب اكثر من مجزرة ضد العرب، آخرها مجزرة قانا اللبنانية، مضافا الى ذلك انه يعتبر الاب الروحي للبرنامج النووي الاسرائيلي الذي يريد ان يتحالف مع العرب لتدمير برنامج ايراني سلمي حتى الآن على الاقل.
ربما يفيد تذكير حكام الدول الخليجية ان اسرائيل احتقرت مبادرة السلام العربية التي هي سعودية خليجية قي طبيعتها الاولى، ولم تقدم اي تنازل للفلسطينيين على مدى عشرين عاما من المفاوضات بعد اتفاق اوسلو، وتخطط حاليا وتنفذ للاستيلاء على المسجد الاقصى وتقسيمه، وهو على اي حال ليس مسجدا فلسطينيا، وانما عربيا واسلاميا، والتحالف مع اسرائيل يشكل خروجا عن الدين والعقيدة حتى لو افتى وعاظ السلاطين بعكس ذلك.
دولة الامارات التي اسسها الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله، وجعلها منارة وحدوية مقاومة للعدوان الاسرائيلي وسندا للامة في حربها ضده واحتلاله، وقال في كلمته المشهورة بان النفط ليس اغلى من الدم عندما اطلق سلاح حظره في حرب اكتوبر عام 1973، هذه الدولة يتهافت عليها عتاة الداعمين لدولة اسرائيل وبعض العرب لجرها الى مستنقع التطبيع الخطير تحت مسميات السلام، والخوف من الخطر الايراني، الامر الذي يتطلب الحيطة والحذر من قبل اصحاب القرار فيها قبل فوات الاوان.
***
المنطقة العربية تقف على ابواب مرحلة تغيير شامل، اول عناوينها وصول الغرب، وامريكا على وجه الخصوص الى قناعة بان اسرائيل باتت تشكل عبئا امنيا واخلاقيا كبيرا على كاهلها بدأت التخلص منه، والتوقف عن خوض الحروب في المنطقة حماية لها، وتخفيف لذعرها، وعلى العرب التعلم من هذا الحروب في المنطقة حماية لها، وتخفيفا لذعرها، وعلى العرب التعلم من هذا الدرس الغربي، وهم ليسوا اذكى من الاوروبيين



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165816

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2165816 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010