الثلاثاء 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

الجنرال هولاند يضمن الأمن “الإسرائيلي”

الثلاثاء 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par د. فايز رشيد

اعتمر فرانسوا هولاند الرئيس الفرنسي، خوذة الجنرال وبزة نابليونية في زيارته للكيان الصهيوني . هو أشبه بجنرال منه إلى رئيس دولة . منذ تسلمه منصبه قبل عامٍ ونصف العام، وهو يبحث عن معارك عسكرية يخوضها ضد الآخرين . حربه الأولى شنّها على مالي وكان ما كان . هو من أكثر المتشجعين لشن الحرب ضد سوريا، ولولا الخذلان الأمريكي له، لكان أول من يقوم بقصف دمشق . امتعض هولاند من الانسحاب الأمريكي لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا . حاول التعويض في الملف النووي الإيراني، وقد جاء في زيارة للكيان الصهيوني من أجل هذا الملف . في مؤتمره الصحفي المشترك مع نتنياهو حدّد شروطاً لقبول اتفاق يعقده الغرب مع إيران .
كان الرئيس الفرنسي يحاول الاقتراب من الموقف الصهيوني فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني . لسان حاله يشي بأنه لا ضرورة لتوقيع اتفاق مع طهران، وأنه يؤيد ضربة عسكرية غربية - “إسرائيلية” للمنشآت النووية الإيرانية . هولاند وهرباً من إشكالات فرنسا الداخلية يهرب إلى الخارج وقضاياه الشائكة . جميع استطلاعات الرأي تؤكد أنه الرئيس الأدنى شعبية من بين الرؤوساء الفرنسيين منذ تأسيس الجمهورية الخامسة في العام ،1958 الرئيس الفرنسي يحاول الحلول بدلاً من بريطانيا في التحالف مع الولايات المتحدة، لذا فإنه من أشد المدافعين عن التصريحات النارية لصقور الإدارة الأمريكية، بدءاً من الرئيس أوباما وانتهاء بأصغر مسؤول .
زيارة هولاند إلى الكيان الصهيوني تذّكر بالتحالف البريطاني - الفرنسي -الصهيوني في عام 1956 والعدوان الثلاثي على مصر . كما أنه معروف تماماً، أن فرنسا هي التي أدخلت إلى المنطقة المفاعلات النووية بتصديرها إلى حليفتها “الإسرائيلية”، أنوية المفاعلات التي تُعتبر السبب الأساسي في امتلاك الأخيرة، لما يزيد على 200 رأس نووي حالياً، هذا وفقاً للمراقبين والخبراء العسكريين بمن فيهم الأمريكيين . بالتالي فإننا لسنا أمام تحالف فرنسي- “إسرائيلي” جديد بل من خلال هولاند، تعود الحياة إلى هذا التحالف . لذلك ليس مستبعداً أن يُظهر الرئيس الفرنسي كل هذا التعاطف مع دولة الكيان عند زيارته للنصب التذكاري “إياد فاشيم” وهو الذي أنشأته الدولة الصهيونية لمن يسمون “ضحايا المحرقة النازية من اليهود” .
فرنسا في زمن هولاند، لم تعد فرنسا الحرية والعدالة والإخاء والمساواة . أنها البلد الذي يجعل من العصا واجهة دبلوماسيته وسياساته الخارجية، لذلك فإن العديد من المحللين السياسيين يقولون عنه: بأنه يعيد أيام الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ورعونته وبلطجيته، والنظر إلى كل الأحداث السياسية على المستوى الدولي من خلال القوة والقوة فقط .
هولاند زار الأراضي الفلسطينية لفترة قصيرة وأما تصريحاته حول الاستيطان، بحثّه دولة الكيان على وقفه، وقوله: بأن الدولة الفلسطينية هي الضمانة الأفضل لأمن “الإسرائيليين”، فهي تصريحات دبلوماسية بروتوكولية ليس إلا، فإقامة الدولة الفلسطينية لم يربطها هولاند بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم، مثل جميع شعوب العالم الأخرى، وإنما قرنها بمدى تحقيقها للأمن في الكيان الصهيوني، ولذلك تعهد في بدء جولته بضمان أمن هذا الكيان . جاء ذلك في خلال خطاب ألقاه لدى وصوله إلى دولة الكيان وقال فيه أيضاً “جئت إلى”إسرائيل“لأنقل رسالة تأييد فرنسية ل”إسرائيل“، فعلاقتنا تستند إلى التاريخ المشترك بيننا” . لذلك جاء كل هذا الترحيب “الإسرائيلي” بزيارة هولاند . وعنها قال نتنياهو “إنني أرحب بموقف باريس الصارم من الملف النووي الإيراني” مؤكداً “أنه لا يجب السماح أبداً لإيران بالحصول على أسلحة نووية، لأن هذا الأمر لن يعّرض”إسرائيل“والأنظمة الأخرى ودول الشرق الأوسط للخطر فقط، بل أيضاً فرنسا وأوروبا والعالم كله” .
أيضاً فإن هولاند لم يَدِنْ الاستيطان السرطاني الصهيوني، الذي استولى حتى اللحظة على ما يزيد على ثلاثة أرباع الضفة الغربية . وإنما حثّ “إسرائيل” على وقفه . والفارق كبير بين “الإدانة” و“الحث” . جدير ذكره، أن المستشفى العسكري الفرنسي “بيرسي” الذي توفي فيه الرئيس الراحل عرفات، حتى اللحظة لم يُسلّم السلطة الفلسطينية تقريراً عن أسباب الوفاة، خاصة بعد أن أثبت الخبراء السويسريون بما لا يقبل مجالاً للشك تسممه بمادة البلوتونيوم المشع ووفاته، فقد وُجدت هذه المادة في رفاته وعظامه وعلى التراب المحيط بالرفات، بمعدل يزيد 18 مرة عمّا يوجد من هذه المادة في جسم الإنسان . التقرير لم يجر تسليمه لأن فرنسا لا تريد إحراج حليفها “الإسرائيلي” فمن الطبيعي والحالة هذه، أن توّجه التهمة إلى “إسرائيل” فقادتها هم من اتهموه “بالإرهاب” وتنظيم عمليات “إرهابية” ضد الكيان الصهيوني . كما أعرب قادة “إسرائيليون” قبل وفاته بزمن عن أهمية إزاحته من منصبه . لهذا السبب حاصرت الدولة الصهيونية، المقاطعة (مقر عرفات) لما يزيد على الثلاث سنوات وقامت بتسميمه .
يبقى القول: إن زيارة الرئيس الفرنسي هولاند إلى الكيان الصهيوني هي رسالة تأييد قوية من الرئيس (الاشتراكي) الذي هو أكثر يمينية من اليمين الفرنسي ومن فرنسا لجميع السياسات التي تنتهجها الدولة الصهيونية تجاه جميع القضايا بدءاً من الملف النووي الإيراني، وصولاً إلى التسوية مع الفلسطينيين والعرب .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 48 / 2181440

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181440 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40