الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

مصر تتجه نحو الشرق!!

الجمعة 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par سامي حامد

التقارب المصري ـ الروسي هل سيغير وجه المنطقة العربية؟ وهل سينجح الدب الروسي في استعادة مكانته التي فقد الكثير منها في العقود الثلاثة الأخيرة بعد أن ارتمت القاهرة في أحضان واشنطن عقب حرب أكتوبر وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام مع إسرائيل؟ .. وهل التقارب المصري الحالي مع موسكو له علاقة بحالة الجفاء في العلاقات بين القاهرة وواشنطن التي ظهرت بشكل واضح بعد إزاحة جماعة الإخوان المسلمين عن الحكم؟ .. وهل التقارب بين القاهرة وموسكو سيكون على حساب واشنطن؟!! كلها أسئلة صاحبت زيارة الوفد الروسي الأخيرة إلى مصر التي قوبلت بحفاوة رسمية بالغة واهتمام إعلامي كبير!!
بداية يمكن القول إن زيارة الوفد الروسي للقاهرة هي أول زيارة على أعلى مستوى تقوم بها موسكو لمصر منذ النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، حيث ضمت وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ووزير الدفاع سيرجي شويجو والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف .. كما أنها حظيت باهتمام رسمي وشعبي كبيرين أعادت إلى الأذهان الزيارات التى كانت تحظى بها الوفود الروسية في القاهرة خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي حينما كانت العلاقة بين مصر وروسيا هي مفتاح القوة في المنطقة، حيث كانت مصر تعتمد كليا في تسليحها على السلاح الروسي وهو نفس السلاح الذي خاضت به حرب أكتوبر العام 1973 وهي الحرب التي كان من نتائجها انسحاب إسرائيل من الأراضي المصرية التي احتلتها تل أبيب في حرب يونيو 1967.
لقد بدا الاهتمام الروسي بزيارة وزيري الخارجية والدفاع واضحا حتى قبل أن تبدأ تلك الزيارة، وذلك في تصريحات المسؤولين الروس التي أدلوا بها للوفد الشعبي المصري الذي زار موسكو مؤخرا، حيث أكد ميخائيل بوجدانوف مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط أن روسيا تدعم خارطة الطريق وتطلعات الشعب المصري في الحرية والتحرر، وبأن العلاقات الروسية ـ المصرية تقوم على الود والاحترام المتبادل، وأن روسيا لديها برنامج كبير للتعاون مع مصر، وأن بلاده تحترم إرادة الشعوب وحقها في التحرر، لكن موسكو في المقابل ترفض إملاءات جاهزة من القوى الدولية على الشعوب، وهو موقف مبدئي لروسيا الاتحادية وقيادتها منتقدا بشكل غير مباشر موقف الولايات المتحدة وتدخلاتها في الشأن الداخلي لدول ما يسمى بثورات الربيع العربي!!
انتقاد “بوجدانوف” الضمني لواشنطن يعني أن موسكو كانت على دراية كاملة بما كان يجري من مخطط في المنطقة العربية، ولعل هذا هو السبب في الموقف الروسي الداعم للرئيس السوري بشار الأسد في حربه مع الجماعات المسلحة وأن الروس أدركوا أن ثورة الـ30 من يونيو في مصر نجحت في إحباط هذا المخطط الذي كان يستهدف المنطقة، وبأن التقارب الروسي ـ المصري سينعكس بالإيجاب بكل تأكيد على حل المشكلة السورية. ويبدو أن هذا الأمر هو ما يقلق واشنطن كثيرا التي تسعى جاهدة إلى الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وتدعم الجماعات المعارضة بالسلاح، بينما موسكو ترفض أي تدخل دولي أو إقليمي في الأزمة السورية، وترى أن من سيحكم سوريا يجب أن يحدده الشعب السوري ويختاره بنفسه فقط دون أي إملاءات خارجية!!
تصريحات الوفد الروسي في القاهرة أكدت أيضا اهتمام موسكو البالغ بهذه الزيارة، حيث قال “لافروف” وزير الخارجية الروسي إنه في مصلحة موسكو أن تكون مصر دولة مستقرة، وإن بلاده مستعدة لمساعدة القاهرة في كافة المجالات التي تريدها، بينما أعرب “شويجو” وزير الدفاع الروسي عن تقديره لمصر والقوات المسلحة المصرية ودورها في تحقيق إرادة المصريين، مشيدا بمدى احترافية الجيش المصري ودوره في حفظ الأمن والسلام بمنطقة الشرق الأوسط، مؤكدا على أهمية التعاون المشترك بين البلدين خاصة في المجال العسكري .. وقد ترددت أنباء في هذا الصدد عن عزم موسكو تقديم صفقة سلاح إلى مصر بقيمة 10 مليارات دولار، وهو ما يعني أن الجيش المصري سيلجأ مجددا إلى السلاح الروسي خاصة بعد قيام واشنطن بتجميد جزء من مساعداتها العسكرية لمصر!!
تصريحات وزير الدفاع المصري الفريق أول عبدالفتاح السيسي التي أدلى بها خلال لقائه نظيره الروسي تعكس هي الأخرى مدى اهتمام مصر بتلك الزيارة، حيث استهل السيسي كلمته بقوله “نستقبلكم كأصدقاء أعزاء .. كنتم وما زلتم في موقع خاص من التقدير والاعتزاز”. وأكد السيسي أن هذه المباحثات تطلق إشارة التواصل الممتد للعلاقات الاستراتيجية التاريخية من خلال بدء مرحلة جديدة من العمل المشترك والتعاون البناء المثمر على الصعيد العسكري بهدف تعزيز العلاقات الممتدة بين البلدين منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي. فيما تعامل نبيل فهمي وزير الخارجية المصري بشيء من الدبلوماسية وأشار في مؤتمر صحفي مع نظيره الروسي إلى أن التوجه نحو روسيا ليس بديلا لأحد، حيث إن موسكو أكبر من أن تكون بديلا لأحد وبأن التحرك المصري لا يتم عفويا أو كرد فعل، وإنما في إطار تفكير استراتيجي واضح يرمي في المقام الأول إلى تنوع الخيارات المصرية!!
زيارة الوفد الروسي الرفيع إلى القاهرة انتهت دون الإفصاح عن ما تم من اتفاقات وصفقات وتفاهمات بين البلدين، إلا أنها توجت باتصال هاتقي تلقاه الرئيس المصري المؤقت المستشار عدلي منصور من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد خلاله دعم موسكو الكامل لمصر ولإدارتها الانتقالية وتطوير العلاقات الثنائية في شتى المجالات بما في ذلك البنية التحتية والاقتصاد والاستثمار والتجارة والتصنيع والتعاون الأمني والعسكري، وهو ما يعني أن روسيا الاتحادية لديها الاستعداد التام، بل والرغبة في الوقوف بجانب مصر وتقديم كل أشكال الدعم لها لعبور المرحلة الانتقالية الراهنة .. ويأتي كل ذلك في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات المصرية ـ الأميركية حالة من الجمود والتوتر .. فهل يعني ذلك أن القاهرة قررت التخلص من التبعية الأميركية واختارت الارتماء في أحضان الدب الروسي من جديد .. أم أن الدبلوماسية المصرية ستتعامل مع هذا التحول بشيء من التوازن الجاد في العلاقات الدولية والإقليمية بحيث تكون علاقاتها مع الروس ليس على حساب الأميركان؟!!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165458

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165458 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010