الثلاثاء 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

لا سنة ولا شيعة

الثلاثاء 19 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par زهير ماجد

لعل الاقتراب من هذا العنوان يخيف كثيرين .. لكن الحقيقة فيهما يجب أن تقال .. فما يجري في المنطقة وفي العالم الإسلامي تحديدا يستمر الإيحاء به على انه صراع بين المذهبين الشريفين، وهما اللذان يشكلان الواقع الإسلامي. بل ان البعض لا يهدأ له بال الا اذا اضاء على القول بالصراع ومحاولة تأكيده، اضافة إلى شعوره بالسرور اذا ما قدم مداخلته في هذا الشأن.
لكن الواقعية ترفض أي اقتراب من هذا الفهم الذي يعتبر المقتل الأكبر للعامل الإسلامي، بل للمسلمين اينما كانوا .. وتقول الواقعية ان الصراع في حقيقته بين مشروعين سياسيين يراد له ان يكون بين مذهبين .. فلا ايران تقود الصراع على اساس شيعي، ولا الطرف الآخر على اساس سني. كل ما يمكن قوله ان الطرفين يتواجهان بمشروع يسعى كل منهما لإثباته على الارض وتحقيق مآلاته قدر الامكان، علما ان ثمة مشاريع تنهزم لكنها لا تنتهي، بل تظل كامنة إلى اليوم الذي تعود فيه الى الحياة عندما تحين ظروف صراعها من جديد.
ولإثبات الصراع على اسسه الحقيقية التي تنطلق من مفهوم مشروع، نقرأ في خارطة المنطقة، فما يجري في سوريا لا تتشكل في داخله على الاطلاق مفاهيم مذهبية، يتركز الصراع بين عصابات يعتدون على دولة قائمة، وهذه العصابات وعاء للصوص وهاربين من الجندية ومتآمرين سابقين هربوا من السجون او كانوا فارين من وجه العدالة وبعض الفارين من خدمة العلم اضافة إلى مجاميع من دول مختلفة غير مرغوب بها في بلادها لأسباب متعددة منها جرمية .. صراع حولته دول قادرة ماليا إلى ما تسعى إليه من تغيير الدولة والنظام، فأنشأت لها اذرعا منظمة على الطريقة الفاشية اي مرتبطة برأس مدبر يعرف مسار الأمور ويدير المعارك بمعرفة وحرفة.
وفي مصر ليس هنالك من ذكر للمذهبية، صراعها منذ ان بدأ هو تغيير النظام، وحين رحل حسني مبارك تحولت إلى قواعد جديدة ما لبثت ان ثبتت على حكم الاخوان المسلمين، ثم جاء وقت اقتلاعه فظل الصفة الحاكمة للصراع بين مشروعين داخلين محكومين بتداخلات خارجية كالعادة.
وفي تونس، تتكرس مفاهيم الصراع بين مشروعين لا وجود للمفهوم المذهبي بينهما .. وكذلك الحال في اليمن التي تقاتل “القاعدة” وكل اطرافها المعروفة .. وفي العراق، يحاولون الايحاء بقوة الدفع الخارجي ان ما يجري صراع مذهبي من اجل اعطائه تسمية سموم، لكن الحقيقة تقول ان حقيقة هذا الصراع قائمة على قواعد سياسية ومنضبطة على صراع مشروعين ايضا متكرسين من الخارج ومنقادين بقوى داخلية.
وفي لبنان، تشتعل محاور الصراع ثم تنطفئ، ولا يبدو انها قابلة لأخذ الصورة التي يتوخى البعض قيامها .. ان عناصر المذهبية متوفرة في هذا البلد الصغير، لكنها غير قابلة للاشتعال مهما حاول الفاعلون اضرام نارها. ثمة مشروع واضح يقوده المشروع الأكبر المؤسس في المنطقة ( السوري الايراني العراقي مغطى بالروسي) ..
يحاولون الباس المنطقة منطق صراع مغاير لواقعها الحقيقي من اجل التأثير عليها في صميمها، باعتبار المفهوم المذهبي اداة تفجير خطيرة هي على حد تعبير كيسنجر مهندس الأزمات معركة المائة عام. فإذا ما انفجر الوضع على هذا الأساس فلن يبقى من الأمة ما يذكر بها لاحقا.
فلا سنة ولا شيعة، التراص الاسلامي أقوى من الشبهات التي يبثها الغرب حتى وان كان عربيا من اجل اغراضه الخاصة، دون تجاهل الدفع الاسرائيلي في هذا الاتجاه من اجل السيادة على المنطقة عندما يأكلها التفتت والاسلامي في طليعته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 61 / 2165964

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

20 من الزوار الآن

2165964 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 21


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010