الأحد 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

مطلوب:لجنة دولية للتحقيق في تسميم عرفات

الأحد 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par د. فايز رشيد

نشر العلماء السويسرون تقريرهم حول وفاة عرفات. وكان علماء سويسريون وفرنسيون وروس قد حصلوا في نوفمبر 2013 على عينات استخرجت من رفات عرفات بعد نبش قبره في رام الله. ويتوقع أن يكشف علماء الطب الشرعي الروس عن نتائج فحصهم قريباً, في حين يستبعد أن يحذو العلماء الفرنسيون حذوهم قبل استكمال التحقيق الجنائي في القضية! تقرير العلماء السويسريين يكشف وبلا أدنى لبس: إنه وجدت في حوض عرفات وأضلاعه وفي التربة الموجودة تحت جثمانه مادة البلوتونيوم المشع بمقادير تصل إلى 18 ضعف المعدل الاعتيادي, وهذا يرفع نسبة الاشتباه إلى 83% بأنه مات مسموماً.لقد توفي الرئيس عرفات بعد إصابته بمرض غامض( يوم 22 من أكتوبر 2004) أثناء حصار مقره في رام الله من قبل قوات الاحتلال الصهيونية, على خلفية أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية. لقد ظهرت على عرفات أعراض غثيان يصحبه قيء وآلام بطن واستمرت حالته بالتدهور، الأمر الذي أدى إلى نقله يوم 29 من أكتوبر إلى مستشفى بيرسي العسكري في باريس، وقد أخفق الأطباء الفرنسيون في تشخيص حالته،فدخل في غيبوبة ما لبث أن توفي بعدها يوم 11 نوفمبر من العام نفسه عن 75 عاماً.
بدايةً، كان هناك تقصير فرنسي في تشخيص حالة عرفات في المستشفى العسكري, بالرغم من أن التسمم كان من بين احتمالات عديدة في تشخيص حالته. التسمم يعني من بين ما يعنيه التسميم، ولذلك كان هناك تعتيم إعلامي على هذه المسألة، لربما حتى يتم إبعاد الشبهة عن إسرائيل. تشخيص حالة عرفات تماماً لم تكن معجزة وبخاصة أن مستشفيات بريطانيا قبلها تعاملت مع وفاة معارض روسي عن طريق تسميمه بالبلوتونيوم. مستشفى بيرسي إما لم يُصدر تقريراً أو رفض تسليم التقرير إلى السلطة الفلسطينية ,ولذلك فإن الأخيرة ما زالت تطالب فرنسا بتسليمها نسخةً عن التقرير.
بغض النظر عن كل التفصيليات فإن توقعات كثيرة قيلت حين وفاة الزعيم الفلسطيني: بأنه جرى تسميمه وغالباً من قبل إسرائيل. رغم ذلك لم تكلف المنظمة الدولية عناء نفسها بتشكيل لجنة دولية للتحقيق في وفاته أسوةً بما جرى بعد مقتل رفيق الحريري, والذي شغل حينها منصب رئيس الوزراء اللبناني. سارع المجتمع الدولي حينها وبضغط من الولايات المتحدة والدول الغربية إلى المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية! في الاعتقاد:أن التشكيل جاء وسط اتهامات من أطراف دولية وإقليمية ومحلية لبنانية عديدة جرى توجيهها إلى سوريا. كان مُستغربا مذ ذاك وحتى اللحظة عدم توجيه اتهامات إلى إسرائيل لأنها المعنية أولاً وأخيراً بتوتير الأجواء المحلية اللبنانية وإشعال الحرب الأهلية من جديد!.
أما في حالة عرفات فإن الاتهام الطبيعي يوجه إلى إسرائيل والحالة هذه, كونها التي كانت تحاصر مقره منذ مدة طويلة،وهي التي أشرفت على مرور المواد الغذائية والمياه وكل الاحتياجات الحياتية الأخرى للمقر. لذا فهي المعنية أولاً وأخيراً بتسميمه, فكم نِدَم شارون على عدم قتل عرفات حينما كان في مرمى قناص إسرائيلي، حين مغادرة قوات الثورة بيروت في سبتمبر عام 1982 .هذا ما قيل عن شارون روايةً بعدها!لمجرد أن الاتهام قد يوجه إلى إسرائيل لم يبادر الذين كانوا سبباً في تشكيل اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال الحريري،إلى تشكيل لجنة شبيهة للتحقيق في وفاة عرفات, برغم أن تقرير العلماء السويسريين يؤكد وفاته بمادة البلوتونيوم المشّع!؟ في القضايا الجنائية ومهمة تحقيق العدالة،للأسف فإن المجتمع الدولي يكيل بمكالين: الأول: إظهار الاهتمام بالعدالة إذا كان المتهم/المتهمون يدورون في الفلك الأميركي ـ الغربي. الثاني: تجاوز مبدأ تحقيق العدالة. إذا كان أحد الاحتمالات: أن توجه التهمة لصديق قريب لهذا الحلف الأميركي ـ الغربي. الدولي. لقد رأى شارون في الراحل عرفات عدواً لدوداً لابد لإسرائيل من التخلص منه.لقد جرى اتهامه بأنه مُشعل الانتفاضة الثانية، وإنه المنظِّم للعمليات المقاومة التي جرت في الداخل الإسرائيلي وأتُهم برعاية “الإرهاب” وللحد من تأثير عرفات على الفلسطينيين جرى حصار مقره لثلاث سنوات على التوالي، مُنع من السفر والخروج من المقر حتى لأمتار قليلة.
عندما قامت إسرائيل بتسميم عرفات تدرك مدى تأثيره على الساحة الفلسطينية بأسرها، على الشعب الفلسطيني وعلى فصائل المقاومة الفلسطينية بلا استثناء ففي ظل وجود عرفات لن يكون انقسام وفي وجوده يتحقق الحد الأدنى من الوحدة الوطنية الفلسطينية, فهو زعيم كاريزمي له تأثيره العربي، والدولي وبغض النظر عن كل أخطائه(أبرزها توقيع اتفاقيات أوسلو والاعتقاد بأن إسرائيل تقبل بتسوية تقيم دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل) لكنه أصبح رمزاً للنضال الفلسطيني.
لقد سارعت إسرائيل إلى نفي علاقتها بتسميم عرفات, فقد اكتفى الناطق بلسان الخارجية الإسرائيلية يغئال بالمور بالقول:“إن نتائج المختبرات أقرب لأن تكون ـ فقاعة صابون ـ وأن اتهام إسرائيل باغتيال عرفات يندرج ضمن الحرب الفلسطينية على إسرائيل”.من جانبه نفى رعنان غيسين المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق أرييل شارون أي دور لإسرائيل في تسميم عرفات، وقال: إن عرفات مات مسموماً بالفعل، لكن ربما قتل على يد الدائرة المحيطة به. يوري أفنيري مؤسس حركة السلام الآن اتهم إسرائيل وشارون تحديداً بتسميم عرفات. أيضاً فإن المحامي دافيد فاسيغلاس أوضح في كتابه الصادر العام الماضي(أرييل شارون رئيس حكومة, نظرة شخصية):إن شارون طالما حلم بفكرة اقتحام المقاطعة في رام الله وخطف عرفات ونقله إلى السودان؟! بالطبع لا يُنتظر من إسرائيل الاعتراف بتسميم عرفات. مطلوب أيضا من السلطة الفلسطينية الإجابة عن تساؤل : كيف وصل السم الى عرفات ؟ لذا لا بد من التحقيق مع أعضاء الدائرة التي كانت لصيقة به.
المطلوب من السلطة الفلسطينية متابعة هذا الموضوع على الساحة الدولية،وأن لا تنجّر للضغوطات الأميركية والغربية والإسرائيلية بعدم التوجه إلى المنظمة الدولية من أجل المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق دولية بتسميم الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات،وأن تتجنب عقد صفقة مع الكيان الصهيوني(إطلاق سراح المعتقلين قبل توقيع اتفاقية أوسلو مقابل عدم الذهاب للانضمام إلى المؤسسات الدولية، ورفع شكوى على إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية) حول تسميم عرفات. فرغم إنكار إسرائيل فإنها المعنية أولاً وأخيراً بتسميم الزعيم الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165288

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165288 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010