السبت 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

ميتة قائد و“ميتة” قضية!

السبت 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par زهير ماجد

مهما طال الكلام عن تسميم ياسر عرفات، فإن إسرائيل لن تعترف بارتكابها واحدة من جرائمها التي قد لا يتسع مقال لذكرها. عرفات واحد من الفلسطينيين الذين قيد لهم أن يتبوأوا واجهة النضال الفلسطيني خلال مرحلة وردية من عمر الفلسطينيين، لكن النكبة بحد ذاتها أكثر الأفعال الجرمية التي ارتكبتها إسرائيل، ودافع عنها البعض فيما وقف آخرون يتأملون، وهذا بحد ذاته موافقة على أحداث المشهد، أما العرب فليتهم ما فعلوا الصدام أو قدموا جيوشهم للموت بلا تخطيط ولا توافق ولا برمجة وإن كانت بعض الجيوش قد تمتعت بحيوية، فيما الكثير من مناضليها قدموا شهادات رائعة في الميدان كما اعترف لي ذات يوم المرحوم الكاتب الروائي الدكتور عبدالسلام العجيلي.
توقيت العودة إلى حادثة عرفات المشينة، تأتي في وقت ازدحام الصور المخربطة بين إسرائيل والفلسطينيين برعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري .. وهي على كل حال ليست مفاجئة لمن يعرف طبيعة العدو الاستيطاني الإسرائيلي، والثبات الأميركي على منحها المزيد من الدلع والتدلل وتحقيق أي من أهدافها، واعتراف كيري بعدم قدرته على خرق الجدار المكين الذي نصبته إسرائيل بوجه كل من يتقدم لنزع أي من أهدافها وخصوصا المستوطنات، ثم تهديد كيري العجيب غير الملائم هذه المرة للإسرائيليين، بأن ثمة انتفاضة ثالثة قد تحدث، وهو يعلم كم باتت الضفة الغربية محصنة ضد الانتفاضات من جانب السلطة التي اعتمدت نهجا مغايرا لشعبها المقدام. ولهذا السبب لم يهتم نتنياهو على الإطلاق بجملة كيري تلك، وهو العليم العالم بأمور السلطة وآفاقها تجاه أي حراك فلسطيني لا تعتمده هي بالذات، ويجب أن يكون خارج النص التاريخي الذي اختاره عرفات.
إذن يعترف الجميع من فلسطينيين، وينام غيرهم على ذات المعلومة بأن إسرائيل من قتل عرفات .. فماذا ستكون عليه ردود الفعل إن حصلت، وهي قد تحصل في أماكن بعيدة عن الضفة الغربية .. وماذا على سبيل المثال لو دمر الإسرائيليون المسجد الأقصى، فهل سنجد فعلا يتجاوز التظاهرات والجمل الإنشائية المختارة بعناية لهذه المناسبة.
إذا كان الحراك من أجل فلسطين، كل فلسطين، لن يتم، فهل تسمح السلطة بحدوثه واختراق محظورها من أجل عرفات الذي يشهد كثيرون على فرح العديد من القيادات الفلسطينية بموته، أو هل تنتفض الضفة على إخفاقات كيري التي هي جزء من هدايا أميركا إلى إسرائيل ..
نحن بكل أسف، في المقلب الآخر أو على الضفة الأخرى من الواقع الفلسطيني الذي انزلق كثيرا نحو صبره الذي لم يكن كذلك في تاريخه وفي أصعب لحظاته وأيامه، وكان دائما معطاء أدهش العالم إلى الحد الذي جعل من ثورته أو لم نقل ثوارته مرجعية كل الثورات، ومن قضيته كونية وإنسانية شاملة.
في كل يوم من أيام الصبر الفلسطيني المجلل بسواد أيامه، فإنه لن يكتب لهذا الصبر المضغوط أن يظل خارج نصه التاريخي الذي اعتمده في حياته .. لعلنا إذا ما استرجعنا شريط نضاله، فلسوف نجده رحلة معبرة عن حراك شعب عرف دائما معنى يقظته الدائمة دفاعا عن قضيته الكبرى.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165953

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165953 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010