الأربعاء 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

القدس والاستيطان والمفاوضات

الأربعاء 6 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par أمجد عرار

جيد أن نتذكّر القدس في هوجة التصريحات الأمريكية و”الإسرائيلية” عن السلام، وفي ظل حديث السلطة الفلسطينية عن اعتزامها الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لتشكو إليه الاستيطان والتهويد، فيما العرب تعبوا حتى من الكلام . عشرات العائلات، أي مئات الفلسطينيين المقدسيين، بانتظار تنفيذ قرار سلطات الاحتلال بترحيلهم من منازلهم في المدينة المقدسة . الإعلان عن هذا المخطط جاء من خلال وسائل إعلام الاحتلال، ونقلاً عن المسؤولين في بلدية القدس، أي أن الصهاينة يجاهرون بسياستهم المعادية ليس للتطلعات الفلسطينية فحسب، بل لعملية السلام التي جرت منذ أكثر من عشرين عاماً وفق الشروط والمعايير والمرجعيات “الإسرائيلية”، وتحت رعاية الراعي الأمريكي ل “إسرائيل” .

ليس ما تفعله “إسرائيل” على الأرض، وحده يؤكد عداءها لفكرة السلام قبل عمليتها، وليس ما فرضته من وقائع على الأرض وعلى المفاوضات، وحده ما يشكّل حدوداً لبرنامجها الزاحف باتجاه الأطراف البعيدة للمشروع الصهيوني، بل هناك ما يصدر عن قادتها من تصريحات متعجرفة وسمجة ووقحة، وأقل ما يمكن أن تدل عليه، أنها ترى العالم كله مجرد صفر على شمالها .

بنيامين نتنياهو تحدّث قبل يومين عن رؤيته الخاصة ل “السلام” ويطالب الجانب الفلسطيني أن يتبناها . هذه الرؤية تقوم على أن يعترف الفلسطينيون ب “إسرائيل” ك “دولة” لما أسماه الشعب اليهودي، وأن يشطبوا حق عودة ملايين اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وعلى ألا يكون هناك أي وجود فلسطيني في شريط ممتد على طول الحدود الفلسطينية الأردنية، إضافة إلى المطلب “الإسرائيلي” التقليدي بالإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، وعلى القدس بشطريها الشرقي والغربي تحت الاحتلال التي يعدها عاصمته الأبدية الموحّدة .

إذاً بالنسبة ل “إسرائيل” الأمور واضحة وضوح المشروع الصهيوني الذي يجري كل شيء وفق محدّداته . هي تعر ف ماذا تريد وإلى أين تمضي المسيرة التفاوضية . المشكلة في الجانب الفلسطيني الذي يتجاهل كل هذه الظروف ويتمسّك بالمفاوضات خياراً وحيداً واستراتيجياً، وفقاً لمقولتها إن “الحياة مفاوضات” .

القيادة الفلسطينية المتنفّذة تتجنّب إجراء أية مراجعة لسياساتها إزاء عملية اقترنت زوراً وبهتاناً بالسلام، في حين أن ما يربطها به لا يتجاوز التجاور اللفظي . ما من شك في أن أية مراجعة ستستند إلى سؤال جوهري يقول: ماذا حققت عشرون عاماً من المفاوضات؟ لن يستطيع أحد أن يذكر شيئاً واحداً كإنجاز . حتى المناطق التي صنّفت في اتفاق اوسلو باعتبارها مناطق سيطرة كاملة للسلطة الفلسطينية، وأخذت الرمز “أ”، لم تعد كذلك منذ اجتياح الاحتلال للضفة الغربية عام ،2002 الاستيطان تضاعف مرات ومرات خلال المفاوضات، القتل والاعتقال والاجتياحات استمرت وزادت وتيرتها، أما عن تهويد القدس فحدّث ولا حرج، إذ لم يبق منها حجر سلم من التهويد .

هذا هو الحال الذي يزداد سوءاً في ظل الانقسام الفلسطيني، طالما أن حكومة الضفة تنظر لآفاق التفاوض، فيما حكومة غزة مشدودة لأوضاع مصر أكثر من الوضع الفلسطيني .

ومن الواضح أن القيادة الفلسطينية تخشى المراجعة لأنها متأكدة أن استخدام خمسة في المئة من العقل السياسي يدفعها لنفض يديها من هذه المفاوضات العقيمة، وبالتالي ترك الشعب الفلسطيني وجهاً لوجه يصفّي حسابه مع الاحتلال والاستيطان والسجان .

a_arar2005@yahoo.com



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2165535

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165535 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010