الجمعة 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013

الجزائر وخياراتها الديمقراطية

الجمعة 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2013 par أمجد عرار

ليس المهم إن كان عبدالعزيز بوتفليقة سيرشّح نفسه لولاية رئاسية جديدة أم لا، طالما أن الدستور الجزائري يسمح له بالترشّح ولا يضع شروطاً تتعلق بالسن ولا يطلب شهادة صحيّة، وقبل ذلك، طالما أن النتيجة ستحدّدها صناديق الاقتراع . لا شك أن تناول الموضوع من هذه الزاوية ليس سوى معالجة للقشور وحصراً للقضية في الشكل دون المضمون، والمظهر دون الجوهر .

للمرة المليون ينبغي تذكّر أن الديمقراطية ليس لها “كتالوج” تفتحه الشعوب وتنفّذ تعليماته بالطريقة ذاتها، ومن هنا ينبغي احترام طريقة كل شعب في تحديد خياراته، بما فيها رفضه الديمقراطية المستوردة والوصفات الجاهزة، ذلك أن الديمقراطية كائن ينمو ارتباطاً بالظروف المحلية الخاصة، وليس كائناً فضائياً يهبط على الأرض ويفرض سطوته عليها قسراً . الشرط الأساسي لكل ما يخص اختيارات الشعب هو أن تكون هذه الاختيارات تتويجاً لتطور تاريخي يحركه تفاعل اقتصادي اجتماعي ثقافي متراكم، وليس قفزات في الهواء أو تلقّف تجارب الآخرين ودساتيرهم ومعاييرهم التي أنتجتها ظروفهم .

ومن هنا فإن الأسئلة عن طبيعة نظام الحكم هذا أو ذاك، هي قلباً وقالباً أسئلة محليّة، وإجاباتها يجب أن تكون محليّة، أما غير ذلك فإنه يعني تذويب سيادة الشعب وحريّته في الاختيار . فليترك للشعوب البحث عن ذواتها وصياغة حاضرها ومستقبلها بناء على مسار تطورها التاريخي، من دون تدخلات من الخارج، لأن مثل هذه التدخّلات تتناقض مع حق الشعوب في تقرير مصيرها، وتنسف مبدأ السيادة . ولدينا الكثير من الأمثلة على الخصوصية، ففرنسا لديها الولاية الرئاسية خمس سنوات، ولم تشترط عليها أمريكا أن تجعلها أربعاً مثلها، وفي كثير من الدول لا تحدد الدساتير مدداً رئاسية، فضلاً عن الاختلافات في النظام السياسي برمته، فمنها من على سلطتها التنفيذية رئيس، وأخرى رئيس وزراء أو مستشار .

وعليه، فإن السؤال عن ترشح بوتفليقة يبقى جزائرياً، فالرجل يرأس حزباً قديماً وعريقاً، وإذا كان هذا الحزب ينعدم فيه أصحاب الكفاءة ولا يجد بديلاً لرئيسه المسن والمريض، فهذا حقه، وإن رأى الآخرون في هذا السلوك مشكلة، فهي مشكلة الحزب، أي أن الحزب في هذه الحالة هو الذي يكون معافى أو مريضاً . وإذا كانت الأحزاب المنافسة غير قادرة على تقديم مرشحين أصحاب كفاءة واقتدار فهذه مشكلتها أيضاً، ثم إذا جرت انتخابات حرة ونزيهة ووفق ضمانات معقولة، فإن خيار الشعب سيكون الفيصل والحكم، حيث إن نجاح التجربة أو فشلها، يعود بالنتائج الإيجابية أو السلبية على الشعب نفسه، وليس على غيره .

المسألة إذاً جوهرها الشعب وحريته في الاختيار، وهو الذي يعاقب حزباً ما إذا أساء اختيار مرشّحه للرئاسة، أو ممثليه في البرلمان، وهو من حقه أن يصحح مساره إن أخطأ في اختياراته في هذه المرحلة أو تلك، ومن نافل القول إن هذا التصحيح إذا توفّرت موجباته، ينبغي أن تكون وسائله الاحتجاج السلمي الصبور وطويل النفس، ذلك أن الطريق الطويل مع خسائر قليلة أفضل من الطريق القصير ذي الكلفة الباهظة، أو ذي النتائج الكارثية حين يجري تجاوز الإرادة الشعبية كأداة للتغيير الثوري المأمول .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2166058

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

28 من الزوار الآن

2166058 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010