الجمعة 2 تموز (يوليو) 2010

الهجرة المعاكسة للأدمغة الصهيونية

الجمعة 2 تموز (يوليو) 2010 par علي بدوان

باتت هجرة الأدمغة اليهودية إلى خارج فلسطين المحتلة، بعد أن كانت قد قدمت إليها في سياقات المشروع الاستيطاني الصهيوني، مشكلة كبيرة تثير القلق الشديد والمتزايد عند صناع القرار في الدولة العبرية الصهيونية.

فإسرائيل تبدي اليوم أكثر من أي وقت مضى، خشيتها من ارتفاع منسوب الهجرة المعاكسة للأدمغة، نحو روسيا بشكل خاص ودول الاتحاد السوفيتي السابق بشكل عام، حيث تسود الدولة العبرية حالة من القلق والخشية الشديدتين في هذه الفترة بالذات، بسبب تصاعد الهجرة المعاكسة للأدمغة نحو روسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق، مثل أوكرانيا، بيلاروسيا، جورجيا، مولدافيا...، ودول البلطيق الثلاث (ليتوانيا، إستونيا، لاتفيا).

وقد تنامت هذه الخشية في أعقاب نداء وجهه وزير العلوم والتعليم الروسي أندري بورسنكو، الذي زار إسرائيل قبل فترة قصيرة، دعا فيه العلماء من أصل روسي للعودة إلى وطنهم الأم، بعد أن شاهد وقائع الحياة المعيشية والاقتصادية المتدنية التي يعيشونها في إسرائيل، وتبخر الأحلام الوردية التي كانت قد زرعتها في نفوسهم الوكالة اليهودية التي دفعتهم للهجرة إلى فلسطين المحتلة، باعتبارها أرض العسل واللبن الموعودة.

ومن المعروف أنه في موجة الهجرة اليهودية السوفيتية الكبيرة إلى إسرائيل، في التسعينات من القرن الماضي، وصل إلى الدولة العبرية حوالي 17 ألف عالم وخبير، حسب العديد من المصادر، وهي هجرة انفتحت بأوسع أبوابها قبيل وبعيد انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث وصل إلى فلسطين المحتلة نحو مليون يهودي من دول الاتحاد السوفيتي السابق خلال الفترة 1990 ـ 2000، وهي أكبر موجات الهجرة الاستيطانية التهويدية في تاريخ إسرائيل، قبل وبعد نشوئها على أنقاض الشعب الفلسطيني وأرضه الوطنية، بينما كان المتوسط القياسي خلال ثمانينات القرن العشرين 15 ألفا سنوياً، وفي السبعينات 70 ألفاً.

وهذه الهجرة الاستيطانية الكبرى ليهود الاتحاد السوفيتي خلال الفترة التي تلت تفككه، ساهمت بأكثر من 67% من إجمالي الزيادة السكانية اليهودية على أرض فلسطين التاريخية، خلال الفترة المذكورة.

لكن منسوب الهجرة الاستعمارية الصهيونية تراجع بعد ذلك، خلال السنوات العشر الأخيرة، ليصبح الحديث عن هذا التدني مفتوحاً وبلا نهاية داخل إسرائيل، حيث يحتل عملياً رأس سلم أولويات مراكز القرار التي تدعو كل يهود العالم «ليل نهار» إلى الهجرة والقدوم نحو الدولة العبرية والاستيطان فيها؛ في مناطق القدس والضفة الغربية وعموم فلسطين المحتلة عام 1948، على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

وكانت صحيفة معاريف الإسرائيلية قد أشارت أيضاً إلى أنه منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، وصلت إلى فلسطين المحتلة أعداد كبيرة من العلماء في مختلف الاختصاصات، من خريجي جامعات الاتحاد السوفيتي، يعمل 3800 منهم في مراكز الأبحاث والمراكز الصناعية المختلفة في إسرائيل، فيما يعمل 650 في مشروع استيعاب المعلمين، بينما بقيت أعداد كبيرة منهم دون عمل حقيقي، وهاجرت أعداد منهم ثانية في اتجاه الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا.

والحال ذاته، ولو بشكل أقل، بالنسبة ليهود أوروبا والولايات المتحدة، خصوصاً مع بروز تغيير في شكل العلاقة بين المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية وبين إسرائيل، وتوالد ظاهرة تقلص حجم التبرعات للدولة العبرية.

حيث لم تعد إسرائيل تلك المسكينة، في نظر أعداد متزايدة من يهود أميركا الشمالية. فحجم التبرعات التي تم جمعها خلال مؤتمر المنظمات اليهودية في القارة الأميركية، الذي عقد في واشنطن مؤخراً، انخفض بمقدار الثلث، مقارنة مع العام الماضي حين بلغت التبرعات 900 مليون دولار.

ومن الواضح أن إحدى المشاكل الصعبة التي تؤثر على العلاقة بين يهود أميركا وإسرائيل، تتمثل في ولادة ظاهرة التماثل عند يهود الولايات المتحدة، وما تعنيه من زواج مختلط، حيث تبلغ نسبة الزواج بين اليهود وغير اليهود في العالم 50% وأحياناً 80% في بعض المدن الأميركية، وفق العديد من المصادر التي استقت معلوماتها من مراكز البحث المتخصصة في الولايات المتحدة.

فالزواج المختلط والذوبان في المجتمعات الأصلية المحلية، بات عاملاً مؤثراً جداً في تناقص أعداد اليهود في العالم، وهو ما أدى إلى تزايد انصهار اليهود في موطنهم الأصلي داخل في المجتمع الأميركي، وبالتالي تراجع أعداد اليهود في الولايات المتحدة وفي العالم بشكل عام.

وتراجع درجة التصاقهم بإسرائيل، خصوصاً مع صورتها التي بانت واضحة لقطاعات من اليهود في العالم، إضافة إلى انخفاض عدد الشبان المشاركين في مؤتمر المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية، بسبب انخفاض الميزانية لهذا العام.

لذلك، فإن العديد من الجهات داخل الوكالة اليهودية، بدأت تفكر في اشتقاق العلاج ومحاولة وضع أجندة مشتركة بين إسرائيل واليهود الأميركيين، وخلق أسباب جديدة للانفعال والتفاعل مع إسرائيل، وتدريس ما يسمى «تاريخ يهود الشتات»، في المدارس الإسرائيلية ومدارس اليهود في الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبا، كخطوة ضرورية لإعادة جذب اهتمام اليهود بإسرائيل، ومن ثم إعادة «العقول الإسرائيلية».

وفي هذا السياق، نقرأ ونفهم زيارة وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينس في فبراير الماضي للولايات المتحدة، وجولته على المدن الأميركية ولقاء الجماعات اليهودية، بهدف إعادة شد الروابط والعمل على إعادة «العقول الإسرائيلية» إلى إسرائيل.

وكذلك للمساهمة في مؤتمر يهودي في بوسطن، بحضور خمسة عشر متخصصا في مجال التكنولوجيا وأكثر من 150 أكاديميا، نظمته القنصلية الإسرائيلية في بوسطن، بالتعاون مع منظمة «بيو أبرود» الإسرائيلية الصهيونية، التي تعمل على المساعدة في دفع الأكاديميين اليهود الإسرائيليين للعودة إلى «إسرائيل».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 55 / 2178367

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2178367 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40