الخميس 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

فلسطينيو سوريا وحق العودة

الخميس 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par علي بدوان

بالرغم من الأزمة العميقة التي تحيط بأحوال فلسطينيي سوريا في الوقت الراهن، وهجرة أعدادٍ كبيرة منهم باتجاه المغتربات الأجنبية على امتداد المعمورة باتجاهاتها الأربع، إلا أن تمسكهم بحقهم التاريخي في العودة إلى أرض فلسطين أمرٌ لامناص ولا نقاش بشأنه، وقد برهنت سنوات الكفاح الفلسطيني الطويلة بأن فلسطينيي سوريا كانوا على الدوام الأكثر التزاماً في مسار العمل الوطني، وفي مسار الحفاظ على حق العودة من جيل إلى جيل.
وكانت الانتفاضة الفلسطينية الكبرى الأولى نهاية العام 1987، والانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية، قد أظهرتا المخزون الهائل لعوامل الصمود والثبات والإصرار لدى الشعب الفلسطيني في فلسطين ومجتمع اللاجئين منه على وجه الخصوص، ومن الاستعداد العالي للتضحية في سبيل الدفاع عن أرضه وحقوقه الوطنية، وفي مقدمة هذه الحقوق حقه في العودة، عودة كل اللاجئين إلى أرض الوطن، فأظهر الشعب الفلسطيني في مِحن الصراع مع الاحتلال أن لا شيء يمكن أن يمر من وراء ظهره، وأن لا شيء لا يمكن أن يَسُدَ في وجهه طريق الحرية والخلاص، طريق عودة اللاجئين. فانبعث الأمل مجدداً في الوسط الفلسطيني بعد سلسلة من الانتكاسات منذ مسيرة “تسوية مدريد ـ أوسلو”.
فقد أيقظ الفعل الكفاحي الفلسطيني بأطواره التي استجدت في حينها في الداخل الفلسطيني حلم العودة الفلسطيني من سباته القسري، فعادت قضية اللاجئين لتتصدر أولى أولويات جدول أعمال العمل الوطني الفلسطيني بين صفوف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وعلى هذا الأساس اندفعت ونمت إلى جانب القوى والفصائل الفلسطينية اللجان والمؤسسات والروابط والهيئات والأطر الشعبية الفلسطينية في أوساط اللاجئين في سوريا، وتمحورت برامجها تحت عنوانين رئيسيين أولهما دعم الانتفاضة، وثانيهما الدفاع عن حق العودة ورفض كل البدائل التي تمس حق الشعب الفلسطيني التاريخي فوق أرض وطنه.
وانطلاقاً من ذلك، فإن الحراكات التي دبت داخل أوساط اللاجئين الفلسطينيين في سوريا اتسعت وتصاعدت منذ العام 1987، وشهدت تحولات نوعية مميزة بعيد العام 2000، حيث انتشرت لجان حق العودة على امتداد المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض السورية، وتحولت بعض تلك اللجان إلى مؤسسات حقيقية تمحورت مهامها في العمل من أجل تكريس ثقافة العودة، وتشكيل الجبهة الرديفة للانتفاضة والعمل الفلسطيني المقاوم، وفي تفعيل دور الشتات الفلسطيني في سياق العملية الوطنية الموحدة للشعب الفلسطيني في الداخل والشتات.
كما اتسعت الحراكات إياها في سياق العمل من أجل كسر رهان الإدارة الأميركية ودولة الاحتلال في المساومة على حق العودة، وهو أمر بات ملموساً من أكثر من عقد من الزمن مع النشاط المحموم للإدارة الأميركية خلف الكواليس وعبر قنوات الدبلوماسية السرية، وعبر الأفكار التي يتم طرحها بين الحين والآخر.
ففي ردهات مفاوضات كامب ديفيد2 في تموز/يوليو2000 قدم الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون ورقة عمل لطرفي التفاوض من الفلسطينيين والإسرائيليين تقفز عن قضية اللاجئين وحق العودة.
وفي الورقة الثانية التي قدمها كلينتون أواخر كانون الأول/ديسمبر2000 وقبيل مغادرته البيت الأبيض حيث طرح أفكارا قاتلة تدعو الفلسطينيين وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية للقبول بإنهاء حق العودة، والقفز عنه بعودة بضع مئات من اللاجئين وتحديدا من لبنان على مراحل مقابل ما اسماه “تنازلات إسرائيلية” بصدد القدس ومنطقة الحرم القدسي الشريف. وبذا فقد قدم كلينتون مشروع مقايضة على حق العودة لا يستطيع أي وطني فلسطيني أن يتبلعه.
فكلينتون أقترح يوم 29/12/2000 حلولاً لقضية اللاجئين تقوم على عودة البعض “للدولة الفلسطينية (الكيان المرتقب)”، وتوطين آخرين منهم في بلاد المهاجر والشتات (التوطين في البلاد المضيفة وتهجير آخرين نحو أصقاع الأرض) واستيعاب أعداد منهم في الأراضي التي ستعاد للكيان الفلسطيني في سياق صفقة تبادل الأراضي (صحراء حلوتسا جنوب شرق قطاع غزة مقابل أراضى كتل الاستيطان الكبرى في الضفة الغربية ومنطقة القدس الكبرى وفق الخرائط الإسرائيلية)، معتبراً بأن خطوط الحلول المشار إليها تمثل الترجمة الكاملة للقرار 194.
لكل هذه الاعتبارات فإن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا (كما هو حال الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين عموماً) وقفوا متحدين في مواجهة محاولات تدمير حق العودة وانهاء الحلم الوطني الفلسطيني. فالصراع طويل ولا يمكن غلقه وانهاؤه بتسويات ظالمة مسقوفة تحت معادلة “حق القوة” بديلا عن “قوة الحق”.
وبالمقابل فإن توجيه عملية الصراع مع الاحتلال، وفي سياق الدفاع عن حق العودة، فإن خطوات فلسطينية وعربية ملموسة أصبحت الآن، ضرورية أكثر من أي وقت مضى لإبقاء قضية اللاجئين وحق العودة حية، وأول هذه الخطوات تتمثل بضرورة إعادة الاعتبار لوحدة الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، ووحدة أدواته الكفاحية، تحت سقف برنامج وطني موحد، الأمر الذي يستدعي إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية الفلسطينية، وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية ودخول جميع القوى لعضويتها، خصوصاً بعد التحولات العميقة التي وقعت بالنسبة لحضور وفعالية القوى الفلسطينية على أرض الواقع، وإعادة الروح والحياة إلى جميع إطاراتها ومؤسساتها، كما نصت حوارات القاهرة الفلسطينية في آذار/مارس 2005.
كما في المحافظة على وكالة الأونروا، ومقاومة عمليات تخفيض موازنتها، والعمل على رفعها تبعاً لتزايد أعداد اللاجئين، وتزايد الحاجة لمهام الأونروا على صعيد الصحة والتعليم والإغاثة الاجتماعية. وذلك من خلال دور عربي وإسلامي فاعل عبر الأمم المتحدة والدبلوماسية الدولية.
كما يتطلب الأمر، دوراً عربيًّا من خلال قرارات على مستوى جامعة الدول العربية لتأكيد القرارات السابقة الداعية لمعاملة اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة أسوة بالمواطنين العرب، ورفع أشكال المضايقات القانونية تجاه مسائل العمل والتنقل والتحرك خاصة في ظل الوضع البائس وحالة الفاقة والحرمان التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان مثلاً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

8 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010