هل انتبه أحد إلى المجتمع السوري وهو يتهيأ لعيد الأضحى فيما رصاص جيشه العربي يملأ الأمكنة ويضرب في صدور الحاقدين على الوطن.
بعد سنتين ونصف من الأزمة التي يراد لها أن تعمر أكثر، ثمة من يفكر بالطفولة، وبالفقراء والمعوزين، وثمة من يرعى إرث الشهداء في لحظة فرح تغمر حزن اللحظة، بل ثمة من لم ينس أن هنالك وطنا سر عذاباته أنه على حق، كما قال الإمام علي ذات مرة جملته الشهيرة “يا حق ما تركت لي صاحبا”.
لا شيء يدعو إلى الحزن على وطن يقدر تفاصيله ويقدم لها الاستثناءات في لحظة تعبه الأقصى، وفي غمرة بحثه عن سلمه المنشود، وفي قمة تصديه لقتلة الوطن ومستبيحي مساحاته الجميلة.
شاهدت الوجوه الباسمة على الشاشة الصغيرة التي تصير كبيرة أيضا، ونعمت بما تحول إلى تحفة إنسانية تهتم بالتفاصيل الاجتماعية .. تنتصر سوريا لكل أمر مهما كان حجمه، تنتصر لذاتها الرحبة التي تتسع لكل محب لها وكل عاشق لثراها وكل مؤمن بأنها الوطن النهائي لعالم الانتماء إليها.
هي أُم الشام التي سحرتنا دائما بتاريخها الذي قوي على كل اعتبار. أعطتنا الشام صورة نشتهي جميعا عيشها، فهي التي بدأت التاريخ، ومن حقنا القول بعد معرفتها، إنها قد تغلقه. لا ينتهي هذا التاريخ إلا عند أقدامها، وتحديدا عند أحذية جيشها العربي الذي يقدم كل يوم في معركة المصير الوطنية والقومية ما هو أبهى أعراس الأمة.
تغسل الشام أوجاعها كل يوم وكل ساعة وربما كل دقيقة .. حزنها لا مثيل له كونه موصى به، فهي تعرفه ولم تتفاجأ به .. من يعرف الشام يتقن فن البسمة والدمعة في آن معا. هي توليفتها منذ أن ظهرت إلى الوجود، ومنذ أن صارت دمشق أعرق مدينة في التاريخ وأول عاصمة فيه.
شاهدت الفرحة بعيون أطفال سوريا، ابتسامتهم من النوع الذي يتحدى الآخر المجاهر بقتله ساعة يتمكن منه. بدا الطفل مصرا على التحدي وكاد يقول للقاتل لن تتمكن من قتلي؛ لأني سأكون الابن البار لبلادي وليس مثلك ساقطا.
ونعمت بالفرحة عندما وزعت الحلوى على الأطفال وعلى المحتاجين وعلى أبناء الشهداء، وعلى كل من رمى السلام على أهل السلام. تلك الدمشق لن يغادرها القمر ولن تنساها الشمس، وسيظل يغار عليها بردى وكل الأسماء الممنوحة لها.
فسلام من صبا بردى أرق/ ودمع لا يكفكف يا دمشق .. وسلام من عزيز قوم ذل للحظة لكنه يكتب اليوم ملحمة العرب لتكون شاهدا عليهم، ولأولئك الذين عتمت قلوبهم، وكفرت بهم الأرض وما زالوا إلى اليوم حاقدين على سوريا.
رأيت البسمة في عيون أطفال سوريا فعرفت كيف تفتح أبواب الجنة، وكيف يقوى المجتمع السوري على ضخ الحياة بقوة إيمانه بنفسه وسيده وروحه المتنامية التي تأبى إلا أن تكون قادرة على حسم كل قضاياها مهما كانت ثقيلة.
تغسل الشام قلبها كل يوم، فيما الحاقدون عليها لا يغسلون وجوههم ولو مرة في السنة.
الأربعاء 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
الشام تغسل أوجاعها
الأربعاء 16 تشرين الأول (أكتوبر) 2013
par
زهير ماجد
مقالات هذا المؤلف
الصفحة الأساسية |
الاتصال |
خريطة الموقع
| دخول |
إحصاءات الموقع |
الزوار :
38 /
2165580
ar أقسام الأرشيف أرشيف المقالات ? | OPML ?
موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC
27 من الزوار الآن
2165580 مشتركو الموقف شكراVisiteurs connectés : 27