الاثنين 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

الجديد في حروب أميركا الأخيرة

الاثنين 14 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par كاظم الموسوي

لم تتوقف حروب الولايات المتحدة الأميركية على العالم، خاصة في منطقتيه الإسلامية والعربية منذ البدايات الأولى للصراعات الدولية. وتتجدد استخدامات الإدارات الاميركية ووزراء حربها ومجمعها العسكري لوسائل حربها وخطط عدوانها وغزوها باستمرار. وهذا ما ميز سياساتها الخارجية عموما.
ومنذ غزوها لأفغانستان والعراق واحتلالهما، بعد جرائم الحادي عشر من ايلول/ سبتمبر 2001، وضعت التطرف “الاسلامي”، وتنظيم القاعدة عدوا لها، واعلنت الحرب عليه. لكنها لم تستفد من دروسها ولم تعتبر من اسبابها وخداعها فيها، ولما جلبته لها سياساتها من هزائم وخسائر جسيمة في المال والأرواح، وكذا في عقول وقلوب شعوب المنطقة، وافتضاح شعارات وضغوط وكالاتها وأجهزتها الأمنية والإعلامية وغيرها في المنطقة، ولا تستطيع اخفاءها ولا التنكر منها. حيث ظلت تواصلها بأشكال أخرى وبطرق ووسائل مختلفة، كلها تعريها وتؤكد جرائمها وممارساتها العدوانية.
لعبت السفارات الأميركية، لا سيما في البلدان التي كانت موضع الاستهداف أو المستهدفة في خطط اميركا الاستعمارية، دورا كبيرا في تهيئة حملات الغزو وخطط الاحتلال والتدمير والتخريب وارتكاب انواع الجرائم الدولية، ابادات جماعية وجرائم ضد الإنسانية وانتهاكات صارخة لحقوق الانسان والقانون الدولي. وكان عمل السفير الاميركي في اغلب البلدان والأحوال اكبر من دور المندوب السامي ايام الاستعمار القديم وقبل غروب شمس امبراطورياته. حيث لم تكتف الادارات الاميركية في وسائلها القديمة وقواعدها العسكرية وجيوش احتلالها وغزوها وأحلافها ومعاهداتها واتفاقياتها التي تنتهي في اخضاع الشعوب واستغلالها وحرمانها من ثرواتها وكرامتها وحقوقها العادلة والمشروعة، بل وفي التحكم بقرارات تلك الدول وفي انتهاك استقلال تلك البلدان وسيادتها الوطنية والقيام بارتكابات خطيرة على مستويات متعددة.
أجبرت الإدارات الاميركية بعد شن حروبها الاجرامية واحتلالها البلدان والشعوب التي ابتلت بها على الانسحاب من تلك البلدان، جارة هزيمتها وخسائرها الجسيمة، وتكاليف جرائمها بشريًّا وماديًّا. وأيقنت الإدارات الأميركية، لا سيما الأخيرة، إدارة الرئيس باراك اوباما، أن ازمتها الاقتصادية الآن وليدة تلك الحروب وتداعياتها الكارثية. صحيح ان الشعوب والبلدان التي عانت من سياسات تلك الإدارات دفعت اأثمانا باهظة من ابنائها وعمرانها إلا انها بمقاومتها وكفاحها الوطني ردت على الجرائم الاميركية بما يقابلها من اثمان تاريخية واستراتيجية.
فرضت الإدارات الاميركية بشتى السبل والأساليب غاياتها العدوانية على الشعوب والبلدان، من العقوبات الاقتصادية وإجراءات المنع والتحريض والتهديدات وغيرها من أنواع الحصارات، التي تترك آثارا كبيرة على اقتصادات البلدان المستهدفة وكذلك على مختلف مجالات حياة الشعوب. ومن ثم استخدمت وسائل العنف الدموي والاغتيالات والسيارات المفخخة وتأجير المرتزقة وعصابات القتل والجريمة المنظمة وغيرها من العصابات المعروفة دوليًّا لإنجاز أهداف الاستعمار والاستغلال الامبريالي. ومارست بكل صلافة وسائل التجسس، وبكل خسة اغتيال العلماء والمثقفين والشخصيات السياسيَّة البارزة، وكذلك هجمات الجراثيم الالكترونية والاختراقات لمؤسسات البحث العلمي والتوثيق الوطنية، وطائرات بلا طيار وغيرها. وكلها في ادعاءات شن حربها المعلنة ضد الإرهاب العالمي ومنظماته المعروفة، وأبرزها القاعدة.
جاءت فضائح تلك السياسات الإجرامية موثقة بما اقترفت اياديها وكذلك في وثائقها الرسميَّة التي نشرتها بعض وسائل الإعلام، ومن ثم موقع ويكيليكس وأخيرا وليس آخرا صحوة ادوارد سنودن. رغم كل حمايتها وخططها الاستراتجية الأمنية والحربية واستخدامها اغلب المنظمات الدولية، السياسية والحقوقية والأهلية. فضلا عن تشغيل واستعمال مؤسسات غير قليلة في خدمتها واستغلال قابلية التخادم التي تقدمها حكومات ومؤسسات غير اميركية، على مختلف الصعد والمستويات، وفي كافة المجالات.
كل هذه الجرائم التي ترتكبها ادارات الولايات المتحدة الاميركية وعصاباتها في العالم تثبت فداحة مخططاتها العدوانية ضد الشعوب ومصالحها. وهي اذ تُفضح وتتساقط وسائل نفاقها وأوراقها التي تسعى إلى تمريرها إلى عقول وأفئدة الناس تجد في النهاية ان اكثر ما تدعيه يتحول إلى وصمات عار لها وفضائح فظيعة تجرمها وتدل عليها. ولا شك ان تكرارها في أكثر من مكان خلال السنوات القليلة المعاشة يضعها أمام الشعوب وقواها السياسية عارية بحقيقتها وصورتها الفعلية. يزيدها ما يغلي داخلها ويتفاعل حولها من احباطات متتابعة وفشل متواصل، رغم كل جبروتها وطغيانها. ولعل الأزمة التي تعاني منها الآن اقتصاديًّا وسياسيًّا واعتذار رئيسها حتى من المشاركة في قمم مهمة وزيارة بلدان لها علاقات استراتيجية معها توضح مدى انحسار وغياب شمسها.
الجديد في حروبها الأخيرة استخدامها لشتى وسائل التقنية الحديثة والمتطورة في محاولة اثبات استفرادها في الهيمنة على السياسة الدولية والنظام العالمي، والتعامل مع ما تسميه “عدوها” وحاضناته ومصادره بصفقات بناء علاقات جديدة وتوقيع اتفاقيات لأهداف تعوضها عما حصل لها معه في اوقات سابقة. إلا ان ذلك لم يمنحها الأمان والاطمئنان داخليًّا، بل يعمق في ازماتها المختلفة وعلى كل الأصعدة. كما انها لا تتوانى عن استخدام وكلاء لها أو توكيل آخرين لتنفيذ مهمات لها. وهو ما حصل ويحصل في البلدان التي تعرضت للغزو والاحتلال من قبل قواتها وقوات حلفائها الغربيين. ولا تمانع طبعا بل تطلب ذلك علنا من ان يكون الممول والدافع لنفقات حروبها الجديدة من ابناء المنطقة وأموال شعوبها التي تتصرف بها حكومات وأفراد تسلطوا في غفلة من زمن قديم وفي تعاون كامل وسافر مع القوى الاستعمارية ذاتها، قديمها وجديدها.
لا تحسب إدارات الولايات المتحدة وأجهزتها ما تقوم وتتصرف به في منطقتنا تناقضا أو ازدواج معايير، بل تراه استمرارا لجهودها وضغوطها وخططها في الهيمنة وفرض سياساتها في كل الحالات والطرق والأشكال. فلا يهمها من يقدم لها الخدمات التي تطلبها بقدر ما تريده منه وتسعى إليه. ولهذا تتحالف اليوم مع “أعدائها” بالأمس وترسم خارطة لكل منهم وتعمل على ما يستجد على الأرض من جديد قد يخرج من لوائحها ورهاناتها. وما تعيشه بعض الدول التي عانت من احتلالها اليوم خير دليل على تخبط سياساتها وتلاحق هزائمها. حيث إرادات الشعوب أقوى منها ومن كل ما بنته وخططت له بنفسها أو بأدواتها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 28 / 2165332

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

22 من الزوار الآن

2165332 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010