الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

القدس والجزائر

الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par صالح عوض

مررت بكثير من ديار العرب والإسلام، ورأيت بعيني ولمست بوجداني كيف أن قلوب العرب والمسلمين معلقة بالقدس، ومسجدها الأقصى.. ولكني وجدت التعلق في الجزائر أعظم وأبلغ..ولن أنسى ذلك الرجل الثمانيني الذي فاز بقرعة الحج عدة مرات متتالية، لكنه رفض الذهاب للحج إلا بعد تحرير فلسطين..استنجد بي أهله لأقنعه بأن الذهاب للحج لا يشترط تحرير فلسطين..أجابني الرجل المؤمن: وكيف أحج حجة ناقصة..فهل يكتمل الحج إلا بزيارة القدس؟ يا الله يا الله.

بحثت عميقا في جذور هذا الحب الجزائري لفلسطين والقدس..ولحب أهل فلسطين وأهل القدس..فقديما قال المرحوم شفيق الحوت عن عرب الطوق يعني العرب المجاورين لفلسطين: إنهم يحبون فلسطين لكنهم يقتلوننا..فكم من حزب جرب على لحمنا نظرياته وفلسفاته وكم من فئة أو جهة مارست فتوتها باستضعاف الفلسطينيين؟ لقد اختلف بعضهم معنا على طريقة استرداد فلسطين نظريا فأودعنا السجون وألحقونا بالموتى..أما أكثرهم ثورجية فأصر أن لا ينعم الفلسطينيون بتنفس الهواء الطري لئلا يفقدوا الحنين إلى فلسطين كما يحصل في مخيمات لبنان..حتى أن المحترمين جدا في بعض المناطق يعاتبوننا بسخرية وازدراء لماذا لم نقبل خيانة حكامهم عندما دعونا بالاكتفاء بما ترك الصهاينة من أرض فلسطين.

وجدت هنا في الجزائر استثناء عجيبا..هنا الشعب بكل قواه وأحزابه وشرائحه ومستوياته والدولة بكل مؤسساتها مع فلسطين الأرض والشعب..هنا يحبون الشعب المظلوم والمستضعف بلا تصنيف ويعشقون فلسطين كلها والقدس عاصمتها وغزة قلعة صمودها وإباءها..هل ذلك لأن الدين لدى الجزائريين صوفي النزعة؟ قد يكون صحيحا والصوفية ترى في فلسطين والقدس سماء الله الأولى.. أم لأن دروس الكفاح الجزائري زوّدت الشعب والدولة بقوانين وسنن من غير المسموح تجاوزها؟ هذا صحيح فالثورة شكلت النفس الجزائرية تشكيلة خاصة..أم لأن للجزائريين في القدس وفلسطين من الوقف ما ليس لسواهم من العرب والمسلمين، حيث وضع الغوث سي بومدين ساقه المقطوعة في الجهاد في أرض بيت المقدس، ودشن إيقاف الأراضي للحجاج المغاربة..لهم في القدس الشريف حارة كاملة في أقدس مكان ببيت المقدس عند حائط البراق ولهم في القدس الشريف 2100 هكتار وقف ولهم سوى ذلك بيوت وأماكن عديدة لازال المقدسيون يخبئونها لهم كما قال لي إمام من أئمة المسجد الأقصى أتحفظ على ذكر اسمه..هل لهذه الأسباب جميعا كان الجزائريون مميزون بموقفهم من فلسطين والقدس وغزة والشعب الفلسطيني؟.

دائما أقول إنني في الجزائر أشعر بأنني في العاصمة الأقرب من فلسطين..هنا لا تغيب فلسطين عن البال لحظة..هنا كما قال السيد الرئيس الإمام ابن باديس:“فلسطين أو الموت”، وكما قال الإمام البشير الإبراهيمي“يا قدس إن كانت مكة ما يليق من الأرض للنزول من السماء فأنت ما يليق من الأرض للصعود إلى السماء”.

اليوم القدس يصرخ وجدران الأقصى تهتز وأساسات البنيان تكاد تخر.. اليوم القدس يئن وقطعان الهمج الصهاينة تجتاحه..القدس وأقصاه يحتاج زيتا لقناديله قبل أن ينطفئ.. القدس الآن يحتاج ليس فقط بكاء عشاقه إنه يحتاج فعلهم وترجمان حبهم ..فلا يضيعن القدس والأقصى من بين أعيننا ونحن غافلون ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 50 / 2179000

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

24 من الزوار الآن

2179000 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 23


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40