الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013

“مكحول” بعيون المتفرجين

الأحد 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2013 par أمجد عرار

غريب أن يطلب فلسطيني منكوب موقفاً أو رد فعل عربياً بعد هدم قوات الاحتلال الصهيوني مساكن خربة مكحول في الضفة الفلسطينية للمرة الرابعة على التوالي، طالما أن هدم المنازل والمنشآت و”بركسات” المواشي، سياسة يومية للاحتلال تضاف إلى سياسة القتل والاعتقال ونهب الأرض وتسمين المستوطنات وتهويد القدس والمقدّسات . إذاً، لن ينتظر أهل مكحول أحداً من المتفرّجين ليكحّل عينيه بغبار يتطاير من البيوت المهدمة، وتبقى نسوتها وحيدات ينتحبن ويضربن كفاً بكف ويقلن بالمنطوق الشعبي “تكحّلنا واللي كان كان” .

بالمعنى النسبي، يعتبر هدم خربة مكحول أربع مرات ليس حدثاً كبيراً بالمقارنة مع هدم قرية العراقيب في النقب، ثماني وخمسين مرة . طالما أن العرب لم يهدموا جدار صمتهم ولو لمرة واحدة، فمن العبث مطالبتهم بموقف في كل مرة يدق فيها الكوز “الإسرائيلي” بالجرّة الفلسطينية، فالحدث الكبير أصبح عادياً، كما أصبح من البدهي أنك حين تجيب عن سؤال عن آخر أخبار فلسطين بأن شهيداً قضى أو منزلاً هدم أو ثلة من نساء المستوطنين اقتحمن المسجد الأقصى، أصبحت تسمع تعليقاً من نوع: هذا يحدث كل يوم، هل من شيء “جديد”؟

حفظنا اسم العراقيب عن ظهر قلب ورئتين وكل الشرايين، وها نحن نحفظ اسم “خربة مكحول” بنفس القدر الذي نسينا فيه القدس . قد تلجأون للنسبية لتقولوا إن قضية مدينة كالقدس أكبر من قضية “خربة مكحول” أو العراقيب، وتنسون أن الاحتلال يشغلنا بالمدينة كي ننسى الوطن، وبالبلدة لننسى المدينة، وبالقرية لننسى البلدة، وبالخربة كي ننسى القرية، وبالحاجز كي ننسى أنفسنا، ويشغلنا بأحلامنا كي ننسى الواقع . حتى أحلامنا باتت صغيرة كبقايا الوطن التي نطالب بها فتاتاً في دائرة مفرّغة تسمى مفاوضات . ورغم أن القضية كبيرة بعدالتها وقدسية أرضها، إلا أن ثوابتنا وحقوقنا باتت صغيرة، وكبار قادتنا ماتوا قبل تحقيق أي منها، فلم يعد لدينا كبير سوى كبير المفاوضين .

المليونير اليهودي الأمريكي ايرفينغ موسكوفتش كبير داعمي الاستيطان، وكبير فاهمي أبو القاسم الشابي، يحب صعود الجبال وليس أبد الدهر بين الحفر، ولذلك فهو يموّل إقامة حي استيطاني جديد على قمة جبل الزيتون المطل على القدس، بعد أن نظّم على الجبل مؤتمراً حضره وزير الاستيطان “الإسرائيلي” لبحث تنشيط الاستيطان في القدس القديمة ومحيطها ، أكثر مما هو نشيط، باعتبار أن كل نشاط استيطاني سيبقى صغيراً وجزءاً من معيار تراكمي يجري العمل عليه كي ينتهي ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى .

بالمعنى النسبي أيضاً، وبالنظر إلى أن النسبية سلاح ذو حدين، فإن السنوات العشرين من عمر المفاوضات، لا تعني شيئاً إذا ما اعتمدنا حكمة المفاوض الفلسطيني “الحياة مفاوضات” . أي أن الحياة منحت للإنسان لكي يعيشها مفاوضاً . قبل بضع سنوات كانت أدبيات الثورة تقول إن البندقية تزرع والسياسة تحصد، أما اليوم فأصبحت المفاوضات تزرع و”موت يا حمار تيجيك العليق” . وإذا كان التفاوض يزرع، فإن الحياة باعتبارها الوجه الآخر للمفاوضات كذلك تزرع، أما الحصاد فبعد الموت، وما دمنا لم نسترجع أياً من حقوقنا الوطنية، فيكفينا أن الموت حق . هل عرفتم سبب هذا الصمت على موتنا؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178406

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2178406 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40