الجمعة 20 أيلول (سبتمبر) 2013

مصر فوق الإملاءات

الجمعة 20 أيلول (سبتمبر) 2013 par أمجد عرار

يبدو أنه لم يرق للولايات المتحدة أن تكون أولى زيارات وزير خارجية مصر د .نبيل فهمي خارج الإطار العربي إلى موسكو وليس إلى واشنطن . وقد يكون هذا هو الدافع خلف مسارعة وزير دفاعها هيغل للاتصال هاتفياً بالفريق أول عبدالفتاح السيسي، وكذلك خلف ما صدر عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية حول معارضة الولايات المتحدة لما أسمته بالاعتقالات ذات الطابع السياسي في مصر .

ولأنها اعتادت على سياسة صمت إزاءها من جانب النظامين السابقين، فهي أيضاً لم تتوقّع صدور بيان مباشر عن الخارجية المصرية ينفي وجود اعتقالات لأسباب سياسية منذ انتفاضة الثلاثين من يونيو، وأن السلطة القضائية مستقلة والحكومة لا شأن لها بأية قرارات تصدر من سلطات التحقيق .وما تتعمّد واشنطن تجاهله والتعامي القصدي عنه، أن الأوضاع في مصر استثنائية ولا تحتمل ممارسة التحريض على العنف لأنه يتحوّل بالضرورة إلى عنف وعنف مضاد . ومع ذلك لم تصل الإجراءات الأمنية في مصر حد التنصّت على غرف نوم المصريين، كما فعلت الأجهزة الأمريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001 .

القيادة المصرية لا تحتاج لكاتب أو محام يدافع عن قراراتها وسياساتها، لكن السياسات الأمريكية التي لا تستطيع العيش من دون تدخّل في شؤون الآخرين، تحتاج لكلمة “لا” كدنا ننساها، بل وأدمنت الأذن الأمريكية على غيابها منذ سنوات . حتى شعار “تحسين سمعة أمريكا” الذي رفعه باراك أوباما خلال حملته الانتخابية الأولى، وبدايات فترته الرئاسية، ظل شعاراً لفظياً وانتهى إلى حيث بدأ، ولم يتلمّس طريقه للتحول إلى سياسة وتوقّف عند خطابه الشهير في جامعة القاهرة الذي تضمّن سبع آيات قرآنية، ثم جاءت الأيام بما يؤكد عودة “حليمة لعادتها القديمة” .

يعرف أوباما أن مجموع تاريخي أمريكا وكينيا لا يوازي ربع تاريخ مصر، وأن على الولايات المتحدة أن تدرك أن هناك دولاً لا تسعى لمعاداة أمريكا أو غيرها من دول العالم، لكنها تحرص على استقلالها الوطني بعيداً من التدخّلات والإملاءات من أي جهة كانت .

الغريب أن هذه التدخّلات تتوازي مع حملات إعلامية، بعضها عربي للأسف، لا همّ لها سوى صب الزيت على النار في مصر، ولا تظهر من المشهد المصري سوى المشكلات وشكاوى المصريين من أوضاعهم المعيشية، علماً أن التركيز على ما يوازي هذه المشكلات في الولايات المتحدة نفسها، ربما يحتاج إلى عشرات البرامج . ليست هناك دولة من دون مستوى معين من المشكلات، فما بالكم عندما تكون خارجة من انتفاضتين عارمتين في أقل من ثلاث سنوات .

حسناً فعلت الحكومة المصرية حين أقرّت رفع الحد الأدنى لأجور العاملين في الحكومة إلى 1200 جنيه شهرياً، مع إعلانها أن رفع الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص قيد البحث .

وبالتوازي أيضاً، هناك عمل لا يتوقّف على جبهة صياغة الدستور عبر لجنة الخمسين، وثمة نقاش عام واستشارات لمختلف القطاعات، بمن فيها الشباب، للوصول إلى دستور يليق بمصر الجديدة على أسس ديمقراطية ومدنية حديثة تؤسس للانتخابات . لكن علينا أن نتوقّع أن كل نجاح على هذا الطريق ستوازيه محاولات خبيثة للتخريب ووضع العصي في الدواليب، لكن تبقى مصر فوق الإملاءات .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165651

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165651 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010