الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013

اليوم سوريا....وغداً مصر

الخميس 12 أيلول (سبتمبر) 2013 par د. فايز رشيد

رغم استعداد سوريا لوضع ما بحوزتها من أسلحة الدمار الشامل تحت الرقابة الدولية، لكن أوباما وفقا لتصريحاته وكذلك تصريحات المسؤولين الأميركيين سيظل يحاول أخذ تفويض من الكونجرس لضرب سوريا، وذلك لاستمرار الضغط عليها. أي أن هذا البلد العربي سيظل في دائرة الاستهداف. على صعيد آخر، ومما لا شك فيه أن الولايات المتحدة والرئيس أوباما شخصيًّا واسرائيل والدول الغربية عموما، منزعجون تماماً من عزل مرسي وإسقاط حكم الإخوان المسلمين في مصر، ذلك أن حزب الحرية والعدالة حَرِص تماماً على الاتفاقيات التي عقدها قادته مع الولايات المتحدة الأميركية، والتي جربت تسلمهم للسلطة لمدة عام من حكم الحزب ومندوبه في قصر الاتحادية، وتيقنت هذه الدول من محافظتهم التامة على سريان اتفاقية كمب ديفيد مع الحليف الإسرائيلي، ليس ذلك فحسب وإنما إسرائيل بالنسبة لمرسي (دولة صديقة يتمنى ازدهارها!) وبيريز(هو الصديق العزيز له). الإخوان حاولوا طمس التجربة الناصرية والقضاء على مفهوم مصطلح “القومية العربية” لصالح التنظيم العالمي للإخوان المسلمين. التغييرات الأخيرة في مصر بعد ثورة 30 يونيوالماضي، وتسمية رئيس المحكمة الدستورية رئيساً مؤقتاً لمصر في الثالث من يوليو، وبعد خارطة الطريق التي وضعها عبد الفتاح السيسي (الذي ترعرع في العهد الناصري) والبدء في تنفيذها، زاد انزعاج الأميركيين والأوروبيين. لم تقتصر المسألة على ذلك فحسب، وإنما الذي زاد الطين بلّة هو الموقف المصري الرافض لتوجيه ضربة عسكرية أميركية بالتحالف مع فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية إلى سوريا والدعوة إلى الحل السياسي للصراع فيها.
الموقف الأخير كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير! لكل ما سبق، بدأ محللو المواقف الأميركية والأوروبية والإسرائيلية في كتابة التعليقات والتوقعات للمرحلة المقبلة! وبدأ البعض منهم يحذرون من التقارب المصري ـ السوري ويرون في هذا التقارب ولادة القومية العربية من جديد، وبدأت الدوائر الإمبريالية في محاربة هذا التقارب من خلال محاولة إرجاع الإخوان للحكم في مصر. لقد كشف موقع“اليوم السابع”عن اجتماع ثلاثي تم عقده في“جامعة تل أبيب” أواخر أغطسس الماضي، حضره الموساد الإسرائيلي، وممثلان عن القوات البريطانية، ووزارة الدفاع الفرنسية (وهي أطراف العدوان الثلاثي على مصر عام 1956) بهدف إعادة الإخوان المسلمين إلى السلطة في مصر، من خلال مدهم بالأسلحة وتخزينها في المحافظات المصرية، وإنشاء غرفة عمليات مركزية مشتركة للإشراف على المهمة، والتي تتمثل في حماية الصف القيادي الثاني للإخوان، وثانياً: تصعيد حملة التشويه لوزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، ثالثاً: إحداث فتنة طائفية في مصر، رابعاً: إحياء مخطط التقسيم في مصر.
الإخوان هم المسؤولون عما يجري في سيناء بدليل أن محمد البلتاجي القيادي في حزب الحرية والعدالة، كان قد صرح للإعلام ومن مسجد رابعة العدوية بُعيْد عزل مرسي وقبيْل فض الاعتصاميْن: “بأنه إذا ما تم إعادة مرسي إلى السلطة فسيتوقف كل ما يجري في سيناء”! ماذا يعني ذلك؟ يعني أنه حتى وإن قامت منظمات سلفية بالأعمال العسكرية ضد الجيش المصري في سيناء، كما جرى وتم قتل 26 مكلفاً في الجيش بدمٍ بارد، وغيرها من العمليات، فإن هؤلاء يأتمرون بأمر حلفائهم الإخوان المسلمون. هذا هو التفسير الوحيد لتصريح البلتاجي! لم تقتصر المسألة على عمليات عسكرية تُشن ضد الجيش المصري في سيناء، وإنما امتدت إلى داخل مصر على مؤسسات حكومية مصرية، ثم كانت العملية التي استهدفت اغتيال وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم، من خلال تفجير سيارة مفخخة أثناء مرور موكبه في أحد شوارع القاهرة. الإخوان خبراء في عمليات الاغتيال والقيام بعمليات إرهابية في مصر. أيضاً، حتى اللحظة تم إعلان إمارتين إسلاميتين في كل من سيناء ومنطقة كرداسة. صحيح أن التي تبنت عملية اغتيال وزير الداخلية هي“جماعة أنصار بيت المقدس” وإن الإمارتينْ تم إعلانهما من قبل منظمة القاعدة، لكن ما يحصل في مصر هو تماماً نسخة طبق الأصل مما يجري في سوريا.
من قبل أوجدوا سيناريوهات كاذبة من أجل ضرب الجيش العراقي وإزاحة النظام! مرة بادعاء وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وبطريقة أعلن فيها كولن بأول صوراً التقطتها الأقمار الصناعية الأميركية باعتبارها أسلحة دمار شامل، وتبين فيما بعد أنها صوراً لمواقع أميركية، ومرة بادعاء وجود الدكتاتورية وغير ذلك من التلفيقات! وفعلاً جرى احتلال العراق وحل جيشه وسرقة ثرواته وأهمها النفط. لقد جعلوا من أراضيه مقراً لـ27 قاعدة عسكرية أميركية. ثم غذوا الصراع الطائفي الذي غدا عنواناً للصراع في العراق، وسبباً لتفتيت وحدته وتقسيمه إلى دويلات. السودان تم نزع الجنوب عنه، وهناك صراع قائم في دارفور ينذر بإمكانية انفصال هذا الإقليم عن البلد السوداني. لا أمن في العراق، تفجيرات شبه يومية تحدث في كل مناطقه. بنيته التحتية جرى تدميرها، نعم العراق بحاجة إلى مئات السنين لإرجاعه إلى ما كان عليه قبل الاحتلال. ليبيا بلد تعج بالفوضى، وهناك دعوات متزايدة فيها لتقسيم أرضها إلى ثلاثة أقاليم. تونس: الاضطراب الداخلي فيها في أوجه.
ما تم تنفيذه في الدول المذكورة يجري تنفيذه في سوريا الآن، لفقّوا تهمة للنظام بأنه استعمل الأسلحة الكيماوية ضد القوى الإرهابية التي تسمى“بالمعارضة”. كل ذلك من أجل ضرب قدرة الجيش السوري وإزاحته من طريق إسرائيل. نعم يخططون لضرب سوريا عسكريًّا لشل قدرة جيشه. الأنباء تتحدث عن إنشاء دويلات طائفية إثنية في سوريا: دويلة للعلويين على الساحل، دويلتين في حلب ودمشق للسنّة، ودويلة في جبل العرب للدروز!.
بعد سوريا سيأتي الدور على مصر، وسيجري اختيار سيناريوهات جديدة لتوجيه ضربة عسكرية لجيشها، وتحويل الصراع فيها إلى صراع مذهبي وطائفي بين السنة والشيعة من زاوية، وبين المسلمين والأقباط من جهة ثانية، وكل ذلك من أجل إزاحة الجيوش العربية القادرة (والتي تعتبر الأساس لوجود الأمن القومي العربي برمته) من طريق إسرائيل، وحفاظاً على الأمن الإسرائيلي. لذلك فإذا نجحت المخططات الهادفة إلى ضرب سوريا الوطن، والقدرات، والتأثير الإقليمي فلن يكتفي الأعداء بسوريا وسيعملون على ضرب وحدة النسيج الاجتماعي المصري، من خلال أدوات محلية في البداية، وسيخترعون سبباً أو آخر للقيام تماماً بمثل ما قاموا به في العراق وليبيا ومثلما يخططون له في سوريا، وسيأتي الدور بعد ذلك على مصر: الدولة العربية الأكبر ضمن الدول العربية، الدولة ذات التأثير الكبير على باقي الدول العربية، وعلى دول المنطقة، وعلى الدول الإفريقية، وعلى دول العالم النامي.
ما يخطط له الأعداء ليس قدراً. آن الأوان لصحوة عربية، ولحركة وطنية قومية عربية، تكون هي النواة لبدء صيغة عمل وطني عربي قومي مشترك. آن الأوان لتجميع قوى المقاومة في الوطن العربي، من أجل مجابهة المخططات المستهدفة تقسيم الوطن العربي، من خلال اتفاقية سايكس بيكو جديدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2165944

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2165944 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010