الثلاثاء 29 حزيران (يونيو) 2010

لبنان و«إسرائيل» : خلط النفط بالماء

الثلاثاء 29 حزيران (يونيو) 2010 par سعد محيو

أمس، كان الصراع بين لبنان و”إسرائيل” يدور أساساً حول مياه الليطاني والوزاني، ومعها الطموحات الصهيونية القديمة منذ العام 1920 بضم جنوب لبنان إليها، أو حتى ضم لبنان كله كمستعمرة تابعة تدور في فلك المركز “الإسرائيلي” .

هذه الأهداف أدت إلى سلسلة حروب متصلة بادرت “إسرائيل” إلى شنها على لبنان: من غارات الكوماندوس على بيروت العام ،1969 إلى غزو جنوب لبنان “حتى الليطاني” في العام ،1978 ومن اجتياح كل لبنان سنة 1982 إلى حرب الأسيرين سنة 2006 .

المياه في كل هذه الحروب كانت كلمة السر الخفية الدافعة إلى النزاع، وهذا ليس مستغرباً، ف “إسرائيل” وبسبب استهلاكها الهائل من المياه لري الصحراء، وتغذية أحواض السباحة في المستوطنات، وتوفير المستلزمات الصناعية، تفتقد بشدة إلى المياه . ولولا استغلالها لمياه الجولان التي توفّر لها نحو ربع حاجتها، ومياه الضفة الغربية، لكان “الإسرائيليون” يموتون عطشاً الآن .

هنا تبرز مياه لبنان (بما فيها مياه مزارع شبعا المحتلة الغزيرة) كمصدر ثالث محتمل ل “إسرائيل”، في حال فشلت كل المشاريع الحالية لجر المياه من تركيا إليها، وهذا ما يجعل لبنان مادة صراع “إسرائيلية” حتى لو اقتصر الأمر في هذا الصراع على جداول المياه .

بيد أن كل هذا كان حديث الأمس، كما أشرنا . أما اليوم، فسينضم إلى عامل المياه عامل أكثر خطورة بين الطرفين: النفط .

فقد ثبت من كل الدراسات التي أجرتها شركات غربية، أن المياه الإقليمية اللبنانية الممتدة من مدينة طرابلس الشمالية إلى مدينة صيدا الجنوبية مع امتداداتها الجيولوجية في المياه الإقليمية الفلسطينية، تحتوي على كميات كبيرة من النفط والغاز قدّرها بعض المراقبين (في مياه لبنان وحده) بأكثر من 8 مليارات برميل .

بعض آبار النفط هذه موجودة على الحدود البحرية اللبنانية الفلسطينية المشتركة، لكن “إسرائيل” بادرت فور خروج السر النفطي إلى العلن، إلى التشديد بأن كل الحقول المكتشفة، خاصة حقلي “تامار” ولافيتان المكتشفين مؤخراً في المياه المقابلة للشواطئ الفلسطينية، هي ملك كامل لها، على رغم أن الخرائط البحرية تظهر أن ثلث لافيتان موجود داخل المنطقة المتاخمة للمياه اللبنانية، والأمر نفسه ينطبق على حقل تامار .

والتوقعات تشي الآن بأن “إسرائيل” ستوسع نزاعها النفطي مع لبنان كلما تم اكتشاف حقول جديدة في المياه الإقليمية، بسبب ما ستدّعيه من وجود تداخل في حقول النفط والغاز، شبيه بادعائها ملكية جزء من نهر الليطاني بسبب تسرب المياه الجوفية الى الأراضي الفلسطينية .

قد يقال هنا إن هذا النزاع الجديد يمكن حلّه عبر القانون الدولي الذي يتضمن اتفاقية قانون البحار الصادرة عن الأمم المتحدة العام ،1982 والتي تُنظّم تقاسم الدول للأحواض البحرية المشتركة .

هذا قد يكون صحيحاً لو أن “إسرائيل” دولة بالفعل، لكن ليس هذا هو الواقع، إذ هي جيش له شكل دولة، ولذا فهي لا تعتبر نفسها لا قانونياً ولا إيديولوجياً ملزمة بالرضوخ للقوانين الدولية، وهذا بالتحديد ماتفعله الآن، حيث بدأت أعمال الحفر والتنقيب بشكل منفرد .

إلى أين يمكن أن تؤدي كل هذه المعطيات؟

إلى محصلة واحدة: خلط الماء بالنفط، والنفط بالماء، ليصبح لبنان الهدف الكامل ل “إسرائيل” أمس، واليوم، وغداً .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165760

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

21 من الزوار الآن

2165760 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010