السبت 24 آب (أغسطس) 2013

نحو المصالحة مجدداً

السبت 24 آب (أغسطس) 2013 par أمجد عرار

مطالبة بعض الفلسطينيين، ومنهم فصائل مهمة، بالتقاط دعوة رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية للشراكة في إدارة قطاع غزة، تستند لوضع اليد على خطاب سياسي جديد منبعه معطيات جديدة يشهدها الوطن الفلسطيني، بل أدمن عليها، ومعطيات أخرى يشهدها محيطه العربي، وكلها تستحق أخذها بالاعتبار وعدم التقليل من شأنها، ما يعني ضرورة البناء عليها، بغض النظر عن دوافع الدعوة ومبرراتها، سواء كانت بدافع الإدراك أن التجديف المتعاكس في القارب لا يوصله إلى مكان، بل ربما يغرقه، أو كانت بحثاً عن طوق نجاة أو رغبة في النزول عن الشجرة، كما علّق ناشط فلسطيني .

الشعب تحرّكه العواطف، لكن السياسي ينبغي له أن يتقن الإمساك بالحلقة المركزية للسلسلة في كل مرحلة . صحيح أن قصة الراعي والذئب والغنم، هي الأقرب لحديث المصالحة الفلسطينية، لكن هذا لا يعني الارتكان لها، ودفن كل مبادرة من شأنها إحياء الأمل الميت سريرياً باستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية .

إذا كان هنية جاداً في دعوته، فإنه سيتابعها ويتغلّب على فقدان الثقة المتكدّس في مخزن التجربة، وسيقابل اللامبالاة المشروعة والمبررة بالإصرار على الدعوة وتكرارها وتحويلها إلى مبادرة مفصّلة وواضحة المعالم، حتى تخرج من دائرة العاطفة وتقطع الطريق على أي مشكّك منطلقه صادق . الكلام العام في السياسة يذهب مع أول هبّة ريح، ويتفكك في ذرات الهواء مع نزول صاحبه عن المنبر أو شاشة الغبار الفضائي أو محراب المسجد . أما الخطاب السياسي المبني على مصلحة الشعب والأمة، فهو رزين وذو شأن ويتفاعل ليجسد من يتفاءل .

الشعب الفلسطيني بحاجة إلى المصالحة واستعادة وحدته الوطنية أكثر من أي وقت مضى، وهو ليس بحاجة إلى جمهوريتين وهميتين في غزة والضفة، فيما يستمر الاحتلال في تنفيذ برنامجه التهويدي الاستيطاني تحت سمع وبصر العرب والمسلمين المقتتلين، والعالم المتآمر تفرّجاً أو دعماً للاحتلال ومشاريعه .

القوى السياسية الفلسطينية مطالبة بأن تلتقي كممثلة لأهداف الشعب الفلسطيني وحامية لثوابته التي تتبخر وتتبعثر في زحمة الخلافات على لا شيء . فلا المفاوضات أثبتت الحد الأدنى من الجدوى، ولا انكفاء كل من الضفة وغزة إلى نفسيهما، يقيم وطناً لشعب موحّد ويؤسس أرضاً وسيادة لسلطة حقيقية . على هذه القوى أن تعيد الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وأن تستوعب في إطارها كل الطاقات الفلسطينية التي نراها تباع وتشترى في معارك جانبية لا علاقة لها بفلسطين والأمة، وعلى قوى الشعب الفلسطيني عدم السماح بتحويل هؤلاء إلى حطب في موقد الشرق الأوسط الجديد .

الفلسطينيون يأملون في ترجمة الدعوة الأخيرة إلى واقع عملي ينهي الانقسام، وعندما ينتهي الانقسام ينتهي حصار غزة، لأن الهواجس المصرية من العلاقة العضوية بين “حماس” و”الإخوان” لن يعود لها وجود، وستنتفي معها بعض مظاهر الزج بالفلسطينيين في شؤون مصر الداخلية، بل ومنع هذا العبث المضر بالقضية الفلسطينية وبمصر في الآن ذاته . ويكفي أن يعود الفلسطينيون إلى الأوجه السلبية لتجاربهم في الأردن ولبنان وسوريا، ليستخلصوا العبر والدروس وإعادة القضية الفلسطينية لتكون منارة تتجه إليها أنظار العرب، وقطع الطريق على المتصهينين السعداء بإلقاء القضية المركزية في سلة مهملات “الربيع العربي” .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2177827

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2177827 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40