الخميس 22 آب (أغسطس) 2013

مقاومة بقيادة نصر الله... لا بد وأن تنتصر

الخميس 22 آب (أغسطس) 2013 par د. فايز رشيد

لقاء سماحة السيد حسن نصر الله مع قناة الميادين وخطابه الذي تلا بعد يومين في ذكرى انتصار يوليو ـ تموز, يوضحان الكثير من الأسس الأيديولوجية للحزب، وتواؤمها بل تماهيها التام مع السياسات التي يمارسها الحزب في سياساته. هذا التماهي والانسجام شرط ضروري لأي حركة مقاومة ليس على صعيد حزب الله، وإنما على صعيد كل حركات المقاومة في المنطقة والعالم. اللقاء والخطاب يكشفان العديد من القضايا التي يحرص عليها الحزب... أولها: عدم إضاعة اتجاه بوصلة الصراع وهي قبلًا وآنيًّا ومستقبلًا في اتجاه الصراع مع العدو الصهيوني, رغم الكثير من المخططات الهادفة إلى تدمير الوطن العربي برمته دولة بعد أخرى، وقد اتجهت مؤخرًا لتدمير لبنان من خلال إغراقه بالصراع المذهبي والطائفي! التفجير في الضاحية الجنوبية جاء من ضمن هذه المخططات، ولذلك كان نصر الله واضحًا في تحذيره للبنانين والعرب من الانجراف في هذا المخطط. قوى كثيرة دولية: أميركية وإسرائيلية وأخرى إقليمية بما في ذلك عربية ومحلية أيضًا واتجاهات سلفية تكفيرية، كلها تسعى إلى نفس المخطط, فالمؤامرة جارية على قدم وساق لعرقنة لبنان وكذلك سوريا وغيرهما من الدول العربية. لذلك ليس من الصعوبة بمكان التوقع بمن قام بالتفجير في ضاحية بيروت الجنوبية. ميزة نصر الله: إدراكه لأبعاد هذا المخطط, وبرغم استهداف حزب الله كواحد من أطراف المقاومة في لبنان والمنطقة, ظل وسيظل تناقضه التناحري الرئيسي هو باتجاه الصراع مع العدو الصهيوني. صحيح أن الحزب يعمل على دعم وإسناد والمشاركة مباشرة في الصراع الدائر في سوريا مع ما يسمى بالمعارضة, إضافة إلى الحركات السلفية التكفيرية الإرهابية بامتياز ومن يقف وراءها, لكن ذلك لم يؤثر مطلقًا على وضوح خريطة الصراع في سياسات حزب الله.
القضية الثانية التي يحرص عليها حزب الله هي التعزيز الدائم للوحدة التنظيمية للحزب ولوحدته الفكرية والأخرى السياسية, فلم نسمع عن حزب الله أنه يعاني في ظرف من الظروف من الاختلافات الجذرية الفاقعة لا في وحدته التنظيمية ولا الفكرية ولا الأخرى السياسية, وهذه ميزة كبيرة يمتلكها مطلق حزب أو حركة مقاومة. هذه القضية ذات دلالات عميقة على سلامة سير العملية الديمقراطية الداخلية في الحزب، وعدم فرض وجهات نظر مغايرة لمنطلقات الحزب وأسسه الاستراتيجية, وعلى مدى المتابعة المباشرة من قيادة الحزب لكوادره وأعضائه ومقاتليه في كل قضاياهم حتى الحياتية منها.
ثالث قضايا سمات تميز حزب الله هي المسلكية وآليات التعامل وتنفيذ قرارات القيادة، فمن عدم تمايز القيادات عن كوادرها وأعضائها ومقاتليها، والدليل على ذلك أن النجل الأكبر للسيد حسن نصر الله هادي استشهد في عملية مقاومة عسكرية ضد العدو الصهيوني, مثله مثل كل المقاتلين الآخرين في الحزب, مرورًا بإتقان فن التعامل مع الجماهير التي يتواجد الحزب وسطها, والبعيد بعدًا مطلقًا عن الأستذة، والنظرة الاستعلائية بالادعاء بتعليم الجماهير, ولذلك وجد الحزب في وسط قاعدة جماهيرية حاضنة للمقاومة, وصولًا إلى المساعدة في حل الإشكالات الحياتية من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية للأعضاء ولجماهير الحزب. لذلك رأينا التعويضات التي دفعها حزب الله للمتضررين (هدم بيوت وغيرها)، سواء كانوا أعضاء أو من الجماهير بعد كوارث عدوان يوليو ـ تموز الصهيوني على لبنان في عام 2006. في نفس النهج والسياق تأتي آليات التعامل من قبل قيادة الحزب مع أعضائه, وكل أوساط الحزب مع الجماهير, ويأتي أيضًا ضمن هذا المفهوم تنفيذ مختلف قرارات الحزب.
رابع هذه السمات الميزات: ابتعاد الحزب عن الاستعراض والمباهاة, فعندما تتجول في الجنوب من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه، لن ترى مقاتلًا من الحزب بلباس عسكري ولن ترى سلاحًا يمتلكه الحزب, وليس هناك من قواعد مكشوفة للحزب الذي أحرز انتصارين ثمينين على العدو الصهيوني في عامي 2006،2000. صحيح أن الحزب يستعرض بعضًا من تشكيلاته (ولكن دون سلاح) في المناسبات، لكن ذلك بعيد عن مظاهر الاستعراض والادعاء والمباهاة.
خامس هذه القضايا: السرية المطلقة والقدرة على الاحتفاظ بالأسرار فترة طويلة, فما قاله سماحة السيد عن امتلاك الحزب لصواريخ كورنيت المضادة للدبابات والدروع والصواريخ الأرض ـ بحر, والتي بها تم تدمير بارجة عسكرية إسرائيلية يؤكد ما ذهبنا إليه, فلا إسرائيل ولا حليفاتها من المخابرات المركزية الأميركية والأخرى الغربية كانت قادرة على اكتشاف هذه المعلومات قبل عدوان يوليو ـ تموز 2006, ولذلك فوجئ الإسرائيليون بامتلاك الحزب لهذه الأسلحة، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في إلحاق خسائر مادية وبشرية كثيرة في الدبابات وباقي الآليات الإسرائيلية وأطقمها, وهو ما حدا إسرائيل إلى الطلب بوقف إطلاق النار. لقد نجح الحزب في الاحتفاظ بالجنديين الإسرائيليين المختطفين فترة طويلة، ولم تنجح المخابرات الإسرائيلية في كشف مكانهما، حتى لم تعرف أنهما حيان أو ميتان. هذه القدرة على الاحتفاظ بالسرية في قضايا عديدة لا بد وأن تلعب دورًا أساسيًّا في انتصار الحزب في معاركه.
سادس هذه الميزات: المواءمة بين الوعود وتنفيذها العملي واقعًا على الأرض, فعندما يقول الحزب وعدًا, ينفذه, ولقد كشف نصر الله أنه يمتلك الصواريخ القادرة على قصف تل أبيب وما بعدها وما بعد بعدها, وفي المقابلة أوضح أن الحزب قادر على إصابة أهداف تبدأ من المستعمرة الإسرائيلية كريات شمونة في شمال فلسطين المحتلة، وتنتهي في ميناء إيلات في الجنوب؛ أي بالمعنى العملي كل الأهداف الإسرائيلية تحت مرمى نيران حزب الله.
سابع هذه القضايا: الصدق في البيانات, فلم يسبق أن أصدر الحزب بلاغًا كاذبًا أو اختطّ سياسةً غير التي ترد على لسان أمينه العام وأعضاء قيادته الآخرين. ولذلك فإن الثقة عميقة بين الحزب والمستمعين إلى خطابه السياسي. الكل يعلم أن غالبية الإسرائيليين لا يصدقون البيانات الإسرائيلية بالقدر الذي يصدقون فيه سماحة السيد حسن نصر الله. هذا ما قالته وتقوله الإحصاءات الإسرائيلية نفسها.
النقطة الثامنة: امتلاك قدرة استخبارية كبيرة, فقد نجح الحزب في استشعار إرسال إسرائيل لثلة من جنودها من لواء جولاني (الذي تتباهى إسرائيل بقدرة مقاتليه على تنفيذ الأهداف) للقيام بأهداف من خلال دوريتين (تنفيذية وأخرى مساندة) تسللتا مؤخرًا إلى الجنوب اللبناني, وقعا في كمين ألغام زرعها حزب الله, كما قام الحزب بكشف شبكات عملاء إسرائيليين في لبنان وتعاون مع الجيش الذي قام بدوره باعتقالهم.
تاسعًا: تطويع التكنولوجيا في نشاطات الحزب المقتضية ذلك، إضافة إلى إجراء دراسة دقيقة لحقيقة ما يجري في داخل إسرائيل في كافة المجالات على قاعدة: اعرف عدوك, كشرط من أجل الانتصار. هذه قضايا أساسية لمطلق حركة تحرر مقاومة في نضالها من أجل أعدائها.
عاشرًا وأخيرًا: امتلاك القيادة البعيدة كل البعد عن المساومة على الأهداف المحددة للحزب. هذه القيادة وعلى رأسها الأمين العام للحزب هي المؤهلة لأن تكون المركز المهم لكل الأطراف في الحزب.
يبقى القول إن واحدة من أهم الميزات هي: أن الحزب يطوّع نضالاته العسكرية لصالح خدمة شعاراته السياسية في تناغم ممتاز.. وهذا ما يمثله الحزب وقيادته وأمينه العام سماحة السيد حسن نصر الله. إن حزبًا يمتلك هذه القيادة وهذا الأمين العام لا بد وأن تنتصر.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 61 / 2165346

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165346 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010