الأحد 18 آب (أغسطس) 2013

«تمرّد» على« المعونة»

الأحد 18 آب (أغسطس) 2013 par أمجد عرار

الحملة التي أعلنتها “تمرد” لجمع التواقيع على طلب برفض ما تسمى “معونة” أمريكية، وإلغاء اتفاقية “كامب ديفيد” مع الكيان الصهيوني، يعني أن البوصلة بدأت تتجه الوجهة الصحيحة، الوجهة التي تعيد لمصر استقلالها الوطني المفقود منذ أربعة عقود، والذي بدأ بالانفتاح الاقتصادي وأمركة الجيش المصري وصولاً للصلح مع العدو الصهيوني وتوقيع اتفاقية “كامب ديفيد” معه . ولأن الاتفاقية تنزع مصر من كرامتها واستقلالها، جاءت المكافأة الأمريكية عبر هذه “المعونة” التي تقدم على شكل أسلحة دفاعية بشرط أن لا تستخدم ضد “إسرائيل” واقتصادياً على شكل سلع ومنتجات .

عموماً هذه “المعونة” لا تشكّل أكثر من 2% من الدخل القومي المصري، وما يقارب نصف المعونات الخارجية . وعلاوة على أن مصر باستغنائها عن هذه الرشوة المسمومة تشتري نفسها وهيبتها وإرادتها، فإن بالإمكان الاستغناء عنها، أولاً من خلال إجراءات اقتصادية تدعم الاقتصاد الوطني وتطوّر السياحة كمصدر مهم ومؤثّر، إضافة للمساعدات العربية غير المشروطة، وثانياً من خلال الاعتماد على روسيا في الشق العسكري، فهي تبدي استعداداً لتسليح الجيش المصري من دون شروط تمس السيادة .

أما ربط حركة “تمرد” بين “المعونة” الأمريكية واتفاقية “كامب ديفيد”، فهو ليس ربطاً زمنياً فحسب، إنما ربط عضوي مبني على معادلة السبب والنتيجة، أي إنها مقايضة بين استقلال مصر وحفنة “مساعدات” لم تفد فقراء مصر بقدر ما ساهمت في تسمين فئة طفيلية منتفعة، ولا تكترث بسيادة مصر وكرامتها . من هنا فإن الربط منطقياً بين “المعونة” و”كامب ديفيد”، حيث إن الاستغناء عن الأولى يقود إلى انتفاء “سبب” الحفاظ على الثانية، كما أن إلغاء الثانية سيدفع أمريكا لقطع الأولى، فتنتفي الحاجة لحملة التواقيع .

يمكن التعويل كثيراً على هذه الخطوة لحركة “تمرّد” التي سبق لها أن نجحت في جمع ما يقرب من خمسة وعشرين مليون توقيع لحجب الثقة عن نظام الإخوان المسلمين، وقد كان لها الدور الأبرز في حشد التظاهرات المليونية غير المسبوقة في التاريخ البشري في كل شوارع مصر وميادينها . لذلك فإن هذه الحركة، وإن لم تكن حزباً منظّماً ومؤدلجاً، تستعين مجدداً بالشعب المصرى للرد على تدخّل أمريكا في شؤون مصر، متجاوزةً كل الضوابط الدبلوماسية والعلاقات بين الدول، ودعمها المتواصل للكيانات الإرهابية، وفي مقدّمها “إسرائيل” .

لا بد أن أمريكا لاحظت فرقاً بين انتفاضة يناير 2011 التي غابت عنها الشعارات السياسية والصراع العربي الصهيوني، وانتفاضة 30 يونيو التي حفلت بالشعارات المناهضة للغرب والولايات المتحدة، بل وجرت خلالها تظاهرات أمام السفارة الأمريكية، ورفعت شعارات تطالب بطرد السفيرة آن باترسون، في حين لوحظت أعلام روسية وصور بوتين إلى جانب صور عبدالناصر والسيسي .

لم تعد “المعونة” الأمريكية سيفاً مسلطاً على رقاب المصريين، وما أن تعود الحياة إلى طبيعتها حتى يبدأ الاقتصاد المصري بالتعافي . ويكفي هنا الاستشهاد بما قاله الخبير الاقتصادي المصري رشاد عبده، وهو أن قيمة أسبوع من الدخل السياحي سيعادل الجزء المدني من “المعونة” الأمريكية الذي لا يتجاوز ربع مليون دولار، ومن الممكن الاستغناء عنها وعن الشق العسكري، وبعدها ستتخلص مصر من التبعية المدفوعة ثمناً لهذه “المعونة” الملعونة .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 31 / 2180908

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2180908 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40