الجمعة 9 آب (أغسطس) 2013

ماكين ومهمّة التأجيج

الجمعة 9 آب (أغسطس) 2013 par أمجد عرار

لو كانت مصر تمر في ظروف طبيعية، لكان لزاماً عليها عدم استقبال السيناتور الأمريكي الصهيوني جون ماكين . ولو كانت معافاة وابتلعت فكرة استقباله من باب المجاملة، كان عليها أن تخبره بأنه شخص غير مرغوب فيه “والباب يفوت جمل”، ومهما كان كتفاه عريضين، يمكنه الانسلال بعيداً عن مصر التي يدرك صغيرها قبل كبيرها أن مثل هذا المتصهين وزميله غراهام، فأل سوء على مصر، وليس من شأن زيارتهما خلال الأزمة سوى مفاقمتها . لكن حسناً فعلت حركة “تمرد” برفضها الجلوس معه .

عندما يقدّم ماكين نفسه كوسيط لحل الأزمة في مصر، ثم يدلي بتصريحات إلى جانب الإخوان المسلمين، واصفاً عزل الرئيس السابق محمد مرسي ب “انقلاب عسكري”، فإنه يثبت أن مهمته تتلخّص في تسخين رؤوس قادة الإخوان وإعطائهم قوة دفع لكي يواصلوا طريق التعنّت ورفض البحث عن مخرج للأزمة .

لكن لماذا كان على مصر عدم استقبال ماكين؟ المسألة في غاية البساطة، فحتى الشركات قبل أن تستقبل شخصاً لمقابلة عمل، تطلب سيرته الذاتية . فماكين، بناء على سيرته الذاتية، ليس مؤهلاً سوى لزيارة حلفائه الصهاينة . سيرته الذاتية ليس فيها ما يجعله سوى شخص يقف على يمين اليمين الصهيوني . ومن الممكن التأكد من ذلك بمراجعة سريعة لسيرته الذاتية . ففي حملته لانتخابات الرئاسة الأمريكية اتهم ماكين الجمهوري منافسه الديمقراطي باراك أوباما بمصادقة الأكاديمي الأمريكي من أصل فلسطيني، رشيد الخالدي، الذي “كان ناطقا باسم منظمة التحرير عندما كانت الولايات المتحدة تعتبرها منظمة إرهابية”، وكان أيضاً مقرباً من الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات . لذلك استغرب ماكين صمت الصحف الأمريكية إزاء علاقة أوباما المفترضة مع الخالدي، وعدم فضحها .

لم يكن الخالدي من فدائيي الكفاح المسلّح، لكن سبق ل “إسرائيل” واللوبي التابع لها في الولايات المتحدة، أن غضبا من مواقفه وتصريحاته دفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني خصوصاً بعد أن استعان به الوفد الفلسطيني إلى مؤتمر مدريد عام ،1991 كمستشار له، رغم أن ذلك المؤتمر شكل مظلّة لاتفاق أوسلو الذي جاء بقضه وقضيضه لمصلحة “إسرائيل” .

ماكين يعتبر مدينة القدس عاصمة أبدية ل “إسرائيل” ويؤيد الاستيطان بلا تحفّظ، ويطالب الغرب بقصف إيران غير مكترث بالتداعيات الخطيرة على المنطقة جراء هكذا قرار . ماكين أيضاً يعتبر الأردن وطناً بديلاً للفلسطينيين، غير مكترث بالقانون والقرارات الدولية، قبل أن ندعوه للعودة إلى حقائق التاريخ . وهو بهذا الموقف يؤكد عداءه للأردن وفلسطين معاً، حيث إنه يدرك أن الأطماع “الإسرائيلية”، لا تقف عند حد ولا تعرف الشبع . وهو في الوقت ذاته متأكد أن الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاغتصاب الصهيوني لوطنه منذ أكثر من ستة وستين سنة لن يتنازل عن فلسطين .

إذاً هذا السيناتور لا يمكن أن يكون بأي حال من الأحوال وسيطاً في أي أزمة . صحيح أنه لم يدخل مصر متسللاً، كما فعل في شمال سوريا، لكنّه في الحالتين لا مهمّة له سوى تأجيج العنف، والعمل على تحقيق هدف رسمه بن غوريون وهو تدمير الجيوش العربية، ومن هنا فإن وصفه ما جرى في مصر بأنه انقلاب، يصب الزيت على نار الإرهاب في سيناء، وربما انتشاره في مناطق مصرية أخرى .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165247

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

13 من الزوار الآن

2165247 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010