الجمعة 9 آب (أغسطس) 2013

مقاومة“حزب الله” مشروعة....شاءت أوروبا أم أبت

الجمعة 9 آب (أغسطس) 2013 par د. فايز رشيد

أوروبا تخون شعاراتها المرفوعة في الحرية، والديمقراطية, والعدالة والمساواة! أوروبا تذعن لابتزاز الولايات المتحدة وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل. مثلما اعتبرت غالبية فصائل المقاومة الفلسطينية،إرهابية فإنها اعتبرت في قرارها الأخير:“الجناح العسكري لحزب الله”منظمة إرهابية "وكأنها لا تُدرك أن المقاومة هي جوهر وجود الحزب. صحيح أنها أبقت على الجناح السياسي للحزب دون توصيفه بالإرهاب‘ لاعتبارات أبرزها أن الحزب قوة أساسية ذا جماهيرية عريضة وبنسبة عالية في المعادلة السياسية اللبنانية, والعربية أيضاً, لكنها تساوقت في النهاية مع إرادة كل من واشنطن وتل أبيب.
أوروبا تكيل بمكيالين، ففي الوقت الذي تعتبر فيه المقاومة المشروعة حتى المسلحة منها ، بقرارات واضحة من الشرعية الدولية (الأمم المتحدة) كرد فعل جائز مشروع لفعل الاحتلال، فإنها وبرغم اعتراف اللجنة التابعة للأمم المتحدة في التحقيق بشأن العدوان الصهيوني على غزة 2008-2009 برئاسة القاضي الدولي جولدستون, بارتكارب إسرائيل لأسلحة محرمة دولياً، وبارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين, لم تضع الجيش الإسرائيلي المنفذ لقرارات القيادة السياسية على لائحة الإرهاب. ليس ذلك فحسب وإنما ونتيجة للدعاوى التي أقامتها منظمات غير حكومية عربية ودولية على القادة الإسرائيليين واتهامهم بارتكاب جرائم حرب، في المحاكم في العديد من الدول الأوروبية, ابتدأت هذه الدول في تكييف قوانينها بحيث لا تتم متابعة وملاحقة أولئك القادة الإسرائيليين أثناء زياراتهم لهذه الدول.! ليس ذلك فحسب وإنما العديد من الدول الأوروبية تعمل بموجب“قانون غيسو” الذي يجرّم كل باحث يشكك في الأضاليل التي روجتها الحركة الصهيونية وإسرائيل ولاتزالان حول الهولوكوست. لكم سجنت أوروبا باحثين أوروبيين لأنهم كتبوا وبحثوا في حقائق تفند الأكاذيب الصهيونية, وتشكك في رقم الستة ملايين من الضحايا اليهود, وفي طريقة موتهم حرقاً.أوروبا لم تكتف باعتقال هؤلاء الباحثين بل فصلتهم دولهم من مناصبهم, وحاربتهم في أرزاقهم, وفي أعمالهم ومنعت دور النشر الأوروبية من طباعة أبحاثهم ومؤلفاتهم.
برغم محاولات تناسي الأمة العربية لحقبات استعمار أوروبا للعديد من الدول العربية, لكن أوروبا للأسف تعود للتذكير بتاريخها الاستعماري الأسود بين الفينة والأخرى، تماماً عندما شاركت العديد من دولها في غزو العراق مثلما اعتبرت المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية “إرهاباً”! هذه هي الديمقراطية الأوروبية: نعم الكيل بمكيالين! تتناسى أوروبا أنه في مبدأ المقاومة لا يمكن فصل السياسي عن العسكري, فالأول يعمل في خدمة الثاني وليس معزولاً عنه.ندرك أن العديد من الدول الأوروبية قد تكون في صميمها ضد القرار الذي اتخذه الاتحاد، لكن كان لزاماً على هذه الدول وبرغم القانون المعمول به في الاتحاد (القرار بالإجماع ) أن تجاهر بموقفها, لكنها تخشى عقاب السيد الأميركي واتهام إسرائيل لها بـ“العداء للسامية” .التهمة الجاهزة صهيونياً وإسرائيلياً لكل من يقوم بانتقاد دولة إسرائيل.
بالطبع،هناك مستفيدون عرب ولبنانيون من هذا القرار, وقد يكونون قد ضغطوا على أصدقائهم من الأوروبيين لاتخاذ مثل هذا القرار.لذا ليس غريباً هذا التزامن بين ملاحقة الحزب وأعضائه في العديد من الدول العربية وبين القرار الأوروبي بين الحملة الشعواء التي يجري شنها على الحزب واتهامه بالعمالة لإيران ,واتهامه بالتدخل في الشأن الداخلي السوري،وبين تأييد التدخل أوروبياً والذي يقوم به مسلحون من كافة جنسيات الأرض بهدف تفتيت سوريا على شاكلة العراق وجنوب السودان،والدور قادم على العديد من الدول العربية الأخرى وكذلك العمل على تفتيتها.نعم أوروبا تفتري على حزب الله ففي ما اصطلح على تسميته“بقضية الحافلة بورجاس”في بلغاريا ,جرى اتهام حزب الله بالقيام بها،بالرغم من عدم تقديم أية أدلة دامغة تشير إلى مسؤولية الحزب.هذا في ظل وجود أدلة دامغة على تورط إسرائيل في تزوير جوازات سفر أوروبية في إرهابها في عملية اغتيال الشهيد الفلسطيني محمود المبحوح في دبي في عام 2010.رد فعل تلك الدول الأوروبية تمثل في بيانات نقد خجولة لإسرائيل أصدرتها وكفى الله المؤمنين شرّ القتال.لا الفصائل الفلسطينية ولا حزب الله من ارتكب الجرائم ضد أوروبا.إسرائيل هي من قامت بارتكاب جرائم ضد أوروبا بدءاً من الحركة الصهيونية التي قامت بتفجير فندق الملك داود في القدس في عام 1946 وذهب ضحيته بريطانيون وأوروبيون , واغتيال الكونت برنادوت الدبلوماسي السويدي مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين في عام 1948 ,وتفجير أهداف بريطانية (إضافة إلى أهداف أمريكية ومصرية) في القاهرة في عام 1945 في محاولة للإساءة إلى العلاقات المصرية مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا.إسرائيل قامت باغتيال العديدين من رجالات المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعلماء والنشطاء العرب في الدول الأوروبية المختلفة وبذلك انتهكت سيادة تلك الدول.
الغريب أن دول الاتحاد الأوروبي اتخذت هذا القرار رغم وجود قوات دولية تابعة للأمم المتحدة للإشراف على وقف إطلاق النار بين المقاومة الوطنية اللبنانية وبين إسرائيل! ألم يسأل المسؤولون الأوروبيون أنفسهم سؤالاً وهو كيف ستعمل هذه القوات بين حركة مقاومة جرى اعتبارها“إرهابية”من قبل أوروبا وبين دولة عدوانية،توسعية سبق وأن مارست احتلالات متعددة في الجنوب اللبناني ,ولم تعترف أوروبا بهذه الدولة كدولة إرهابية؟ نعم إنه ظلم كبير وتعد سافر على مقاومة مشروعة لشعب جرى احتلال أراضيه من خلال أشكال متعددة من العدوان السافر لقد اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يحمل الرقم (3034) بتاريخ 18/12/1973...حول النضال العادل للشعوب ومما جاء في القرار المذكور إن الجمعية العامة تؤكد من جديد على الحق الراسخ لجميع الشعوب التي لاتزال رازحة تحت نير الأنظمة الاستعمارية أو العنصرية والأشكال الأخرى للسيطرة الأجنبية, في تقرير المصير وفي الاستقلال وتؤيد الطابع الشرعي لنضالها وعلى الأخص النضال العادل الذي تخوضه حركات التحرر الوطني وفق منظومة أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرار هيئاتها بهذا الشأن).لقد شرّعت قرارات الأمم المتحدة كذلك استخدام الكفاح المسلح من قبل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ففي قرارها رقم (3314) بتاريخ 14/2/1974 أجازت هذا الاستخدام من أجل الحرية والاستقلال والحق في تقرير المصير.
مكافحة الإرهاب هي ايديولوجيا جرى بناؤها في الغرب بشكل عام (وساهمت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بشكل خاص) جرى ذلك في عهد الرئيس ريجان , فقد عقدت مؤتمرات وجرت تحضيرات أيديولوجية من المفكرين والعديد من المعاهد الإعلامية المتخصصة.نعم لقد جرى إصدار سلسلة من الكتب لعل من أبرزها كتاب“الشبكة الإرهابية تعمل”للكاتبة الأمريكية كلير ستيرلنج تم عقد مؤتمرين الأول في عام 1979, الثاني في عام 1984 في كل من القدس المحتلة وواشنطن ,وسمّيا مؤتمرا جوناثان“شقيق الأرهابي نتنياهو المقتول في عملية عين تيبي”.المؤتمر الثاني أعلن رسمياً عن نشر مخطط دعائي أيديولوجي رسمي عنوانه“مكافحة الإرهاب”وجرى اعتبار المقاومة المشروعة “إرهاباً”.المقصود القول من هذا التناول “أن مكافحة الإرهاب”هو بضاعة أمريكية - صهيونية.
القرار الأوروبي لن يؤثر على حزب الله تماماً مثلما لم يؤثر سابقاً على فصائل المقاومة الفلسطينية حين وضعتها أوروبا وأمريكا وحليفتهما الإسرائيلية على “قائمة الإرهاب” المقاومة الوطنية اللبنانية مثلما هي المقاومة الفلسطينية, مشروعة ,مشروعة, مشروعة شاءت أميركا« وإسرائيل» وأوروبا أو لم يشاءوا! .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 57 / 2165350

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165350 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010